توصلت إيران والقوى الكبرى إلى اتفاق تاريخي حول الملف النووي الإيراني في اختتام مفاوضات ماراتونية في فيينا، اليوم.
ويأتي هذا الاتفاق بعد 21 شهراً من المفاوضات وجولة نهائية استمرت أكثر من 17 يوماً في فيينا لإغلاق هذا الملف الذي يثير توتراً في العلاقات الدبلوماسية منذ 12 سنة.
ويهدف الاتفاق إلى ضمان عدم استخدام البرنامج النووي الإيراني لأغراض عسكرية، لقاء رفع العقوبات الدولية التي تخنق اقتصاد هذا البلد.
وقد أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، اليوم، أن الاتفاق الذي وقعته إيران مع القوى العالمية الست هو «لحظة تاريخية» و«صفحة أمل جديدة». وقال ظريف، في مؤتمر صحفي مشترك مع مسؤولة السياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني: «أعتقد هذه لحظة تاريخية». وأضاف: «نحن نتوصل إلى اتفاق ليس مثالياً بالنسبة للكل لكن هذا ما يمكن أن نحققه وهو إنجاز هام بالنسبة لنا جميعاً».
وأعلن مسؤول إيراني للصحافة أن بلاده وافقت في إطار الاتفاق على السماح بزيارات محدودة لمواقع عسكرية في إطار البروتوكول الإضافي الذي يتيح مراقبة معززة للبرنامج النووي الإيراني.
وتابع المسؤول: «مواقعنا العسكرية ليست مفتوحة أمام الزوّار لأن كل دولة لها الحق في حماية أسرارها وإيران ليست إستثناء. إلّا أن إيران ستطبق البروتوكول الإضاف وستسمح بزيارات محدودة» لبعض المواقع العسكرية التي يحددها نص البروتوكول.
وأظهر نص الاتفاق، المنشور على موقع وزارة الخارجية الروسية، أنه سيكون بوسع إيران إجراء أعمال بحث وتطوير تتعلق باليورانيوم لاستخدامه في أجهزة طرد مركزي متطورة خلال أول عشر سنوات من اتفاق نووي بين الطرفين.
وجاء في نص الاتفاق أن إيران ستواصل أعمال البحث والتطوير الخاصة بالتخصيب على نحو لا يتيح تراكم يورانيوم مخصب.
وتابع: «ستقتصر أنشطة البحث والتطوير الإيرانية الخاصة بتخصيب اليورانيوم على أجهزة «آي.آر-4» و«آي.آر-5» و«آي.آر-6» و«آي.آر-8» للطرد المركزي وذلك لمدة عشر سنوات وبما يتفق مع خطتها لأنشطة البحث والتطوير الخاصة بالتخصيب».
وأضاف: «وستجرى تجارب ميكانيكية على ما يصل إلى جهازين من أجهزة الطرد المركزي المنفردة بالنسبة لكل نوع على أن يقتصر ذلك على أجهزة «آي.آر-2إم» و«آي.آر-4» و«آي.آر-5» و«آي.آر-6» و«آي.آر-6إس» و«آي.آر-7» و«آي.آر-8»».
وكتبت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي كاثرين راي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أنه سيتم عقد مؤتمر صحافي في وقت لاحق. وقالت إن «الجلسة الختامية بحضور دول مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا والمانيا) وإيران ستكون عند الساعة 10:30 (08:30 تغ) في الأمم المتحدة» في فيينا.
وقد شهد ليل أمس نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً في قصر كوبورغ، الذي يستضيف المفاوضات منذ 27 حزيران/يونيو. وشارك وزراء الدول الست في منتصف الليل في اجتماع موسع لجميع الأطراف المفاوضة بعيد محادثات ثنائية جديدة بين الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف، المهندسَين الرئيسيَين للاتفاق المزمع مع إيران. لكن رسمياً لم يتم توقيع الاتفاق بعد.
وأشار المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ايرنست إلى أن المفاوضين سعوا حتى اللحظة الأخيرة لحل «نقاط الخلاف» المتبقية.
ومنذ نهاية الأسبوع الماضي، أكّد المفاوضون أن الاتفاق شبه منتهٍ، لكن «قرارات سياسية» لا تزال ضرورية. وإذا تأكّد الاتفاق فإنه سيكون قد جاء بعد طول انتظار لأنه كان مقرراً أساساً في 30 حزيران/يونيو إلّا أن الموعد أرجئ مرات عدة بسبب أهمية المسائل التي تمّ التفاوض بشأنها.
وتفرض الولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة منذ نحو عشر سنوات عقوبات على إيران لإجبارها على التفاوض بعد اتهامها بالسعي لإنتاج قنبلة نووية تحت ستار برنامجها النووي السلمي.
أبرز النقاط التي تضمنها الاتفاق
مدة إنتاج مادة انشطارية
الهدف هو جعل المدة اللازمة لإيران لإنتاج ما يكفي من المادة الانشطارية لصنع قنبلة ذرية، سنة كحد أدنى على مدى عشر سنوات على الأقل، وجعل مثل هذه الخطوة قابلة للكشف على الفور. وهذه المدة تتراوح الآن بين شهرين وثلاثة أشهر.
تخصيب اليورانيوم
تخصيب اليورانيوم بواسطة أجهزة الطرد المركزي يفتح الطريق لاستخدامات مختلفة تبعاً لمعدل تكثيف النظير المشع يو-235 : 3,5 الى 5% بالنسبة للوقود النووي، و20% للاستخدام الطبي و90% لصنع قنبلة ذرية. وهذه المرحلة الأخيرة، الأكثر دقة، يعتبر إنجازها أيضاً أسرع تقنياً.
+ عدد أجهزة الطرد المركزي التي تملكها إيران ستخفض من أكثر من 19 ألفاً حالياً، منها 10200 قيد التشغيل، إلى 6104 –أي بخفض الثلثين– خلال فترة عشر سنوات. وسيسمح لـ5060 منها فقط بتخصيب اليورانيوم بنسبة لا تتجاوز 3,67% خلال فترة 15 سنة. وسيتعلق الأمر حصراً بأجهزة الطرد من الجيل الأول.
لكن إيران ستتمكن من مواصلة أنشطتها في مجال الأبحاث حول أجهزة طرد مركزية أكثر تطوراً والبدء بتصنيعها بعد ثماني سنوات خاصة أجهزة من نوع اي ار-6 الأكثر قدرة بعشرة أضعاف من الآلات الحالية، وإي آر-8 التي تفوق قدرتها بعشرين مرة.
+ وستخفض طهران مخزونها من اليورانيوم الضعيف التخصيب من 10 آلاف كلغ حالياً الى 300 كلغ على مدى 15 عاماً.
+ وافقت طهران على عدم بناء منشآت جديدة لتخصيب اليورانيوم طيلة 15 عاماً.
+ وافقت إيران على التوقف عن تخصيب اليورانيوم خلال 15 سنة على الأقل في موقع فوردو المدفون تحت الجبل، والذي يستحيل بحكم موقعه تدميره بعمل عسكري. ولن يكون هناك بعد الآن مواد انشطارية في فوردو على مدى 15 سنة على الأقل. وسيبقى الموقع مفتوحاً، لكنه لن يخصب اليورانيوم. وستسحب نحو ثلثي أجهزة الطرد الموجودة في فوردو من الموقع.
موقع نطنز
هذه هي المنشأة الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في إيران وتضم حوالى 17 ألف جهاز طرد مركزي من نوع آي آر-1 من الجيل الأول، ونحو ألف جهاز من نوع آي آر-2 ام وهي أسرع وتتميز بقدرة استيعاب تصل الى 50 ألفاً في الإجمال. وقد وافقت طهران على أن يصبح نطنز منشأتها الوحيدة للتخصيب وأن تبقي فيه 5060 جهاز طرد فقط كلها من نوع آي آر-1. أما أجهزة الطرد من نوع آي آر-2 ام فستسحب وتوضع تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
المراقبة
ستكلف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الموجودة أصلاً في إيران، بمراقبة جميع المواقع النووية الإيرانية بشكل منتظم مع تعزيز صلاحياتها الى حد كبير.
+ سيوسع مجال صلاحيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الآن فصاعداً لتشمل كل الشبكة النووية الإيرانية، بدءاً من استخراج اليورانيوم، وصولاً الى الأبحاث والتطوير، مروراً بتحويل وتخصيب اليورانيوم. وسيتمكن مفتشو الوكالة من الوصول الى مناجم اليورانيوم وإلى الأماكن التي تنتج فيها إيران «الكعكة الصفراء» (مكثف اليورانيوم) طيلة 25 عاماً.
+ وافقت إيران أيضاً على وصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل محدود الى مواقع غير نووية، وخاصة العسكرية منها في حال ساورتهم شكوك في إطار البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي التي التزمت إيران بتطبيقها والمصادقة عليها.
البلوتونيوم
يهدف الاتفاق الى جعل إنتاج إيران لمادة البلوتونيوم 239 أمراً مستحيلاً، علماً بأن هذه المادة هي العنصر الآخر الذي يمكّن من صنع قنبلة ذرية.
+ مفاعل المياه الثقيلة الذي هو قيد الإنشاء في أراك ستجرى عليه تعديلات كي لا يتمكن من إنتاج البلوتونيوم من النوعية العسكرية. وسترسل النفايات المنتجة الى الخارج طيلة كل فترة حياة المفاعل.
+ لن تتمكن طهران من بناء مفاعل جديد للمياه الثقيلة طيلة 15 عاماً.
العقوبات
يفترض أن يصدر مجلس الأمن الدولي في وقت سريع قراراً جديداً للتصديق على الاتفاق وإلغاء كل القرارات السابقة ضد البرنامج النووي الإيراني، لكن بعض التدابير ستبقى بصورة استثنائية.
+ العقوبات الأميركية والأوروبية ذات الصلة بالبرنامج النووي الإيراني وتستهدف القطاعات المالية والطاقوية — وخاصة الغاز والنفط– والنقل سترفع «فور تطبيق» إيران التزاماتها النووية التي يفترض أن يؤكدها تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أي على الأرجح ليس قبل 2016.
+ العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة على الأسلحة: ستبقى خلال خمس سنوات، وبإمكان مجلس الأمن الدولي أن يمنح بعض الاستثناءات. وتبقى أي تجارة مرتبطة بصواريخ بالستية يمكن شحنها برؤوس نووية محظورة لفترة غير محددة.
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي