حل أزمة القمامة عبر تصديرها الى الخارج دونه عقبات: ماذا اشترطت ألمانيا على لبنان لشراء نفاياته؟

فاطمة سلامة – 

لم تعثُر الحكومة بعد على مفتاح الحل لأزمة النفايات. تلك المشكلة التي يعود عمرها لأكثر من عقدين من الزمن، لم تكن حلولها المرسومة جذرية لترسو بالأزمات على بر الأمان. بين الحين والآخر تنفجر تلك القضية، فيلجأ المسؤولون الى إخمادها عبر حلول مؤقتة، تكلّف لبنان أعباء تفوق طاقته على التحمل. اليوم، تفاقمت تلك الأزمة ووصلت الى الذروة. أُجبر اللبناني على تحمل وزر ثقيل و”تركة” سياسية أنتجتها الصفقات المشبوهة والتي شارك فيها سياسيون فتحت “النفايات” شهيتهم على السلب والنهب. وكمن يأتي متأخراً بعد وقوع “الواقعة” عملت حكومة الرئيس تمام سلام. أوعزت بتشكيل لجنة مختصة لمعالجة القضية. كثّفت تلك اللجنة اجتماعاتها للفوز بحل لآفة إذا ما استفحلت أكثر فسلام على لبنان.

 

بحث الوزراء في تلك اللجنة وعلى مدى أيام متواصلة في إمكانية إيجاد مطامر وكسارات بعيدة عن أماكن السكن ريثما يتم إنشاء معامل أو محارق. اصطدمت الخطوة بالعديد من العقبات. فتّش المجتمعون عن بدائل مؤقتة، فكانت فكرة تصدير النفايات الى الخارج والتي اقترحها الرئيس سلام في أول جلسة للجنة. أي من القوى السياسية لم يعارض ذاك الطرح. إنّه خطوة عظيمة، حسب ما يلفت عضو اللجنة وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية النائب نبيل دوفريج في حديث لـ”العهد”. وفق وزير شؤون التنمية الإدارية، تقف دون هذا الحل عقبات. وتُطرح في سبيله العديد من الأسئلة التي تنتظر الإجابة عنها.

 

طرح قيّم ولكن دونه عقبات وشروط

أولاً. هل تستعد الشركة الخارجية المتقدمة لاستيراد النفايات كما هي دون فرزها؟. برأي دوفريج، إذا تعهّد المستورد استقبال “القمامة” غير المفرزة، فهذا أمر ممتاز، لكن في حال اشترطت فرزها، فهذا سيُرجعنا الى نقطة الصفر، ويُحمّل الحكومة أعباء كبيرة. وهنا تكشف مصادر وزارية على صلة وثيقة بالملف لـ”العهد” تبلغها عبر السفير الألماني في لبنان ثلاثة شروط لاستيراد نفاياته:

-إيجاد مساحة كافية للنفايات اللبنانية على الأراضي اللبنانية، وبحسب معلومات السفير “لا مساحة”.

-عدم استقبال النفايات إلا بعد فرزها. وفق المصادر، هذه العملية تُكلف لبنان أموالاً طائلة.

-اشتراك لبنان في اتفاقية “بازل” للبيئة والالتزام بشروطها.

وفق المصادر، كل تلك الشروط تبيّن عدم الاندفاعة الألمانية للتقدم باتجاه هذا الطرح، وتلفت الى أنّ هناك دولاً أخرى كتركيا والسويد، ولكن لا توجد حتى الساعة مقترحات جدية.

 

ثانياً. يُسلّط دوفريج الضوء على مسألة أخرى بحثها المجتمعون داخل اللجنة، وهي الى أي مدى يستطيع لبنان أن يلتزم بالمعاهدات الدولية لنقل النفايات؟ بمعنى إذا رمى قبطان الباخرة النفايات في البحر عن غير قصد، فهذا يُخالف القوانين الدولية، ويجر على لبنان مشاكل هو بغنى عنها.

 

ثالثاً. يتابع دوفريج :”ما الذي يضمن عدم سقوط مادة ممنوعة عالمياً سهواً في تلك النفايات، كمادة مشعة من نفاية المستشفيات وُضعت في المستوعب الخطأ؟”. في هذه الحالة، يوضح الوزير، سيتم إرجاع الشحنة من البلد المستورد الى لبنان وسيتم حكماً فسخ العقد معه، ومجازاته.

 

لا يزال حتى الساعة طرح تصدير النفايات، الأقوى بين الطروحات، يقول دوفريج، ويتفق معه أكثر من مصدر وزاري. لكنّه يكشف أن لا مقترحات جدية في هذا السياق أقله حتى اللحظة. جُل ما وصل للجنة رسالة ورقية من رجل أعمال لبناني يُعرب عن استعداده لدرس العروض، لكن أي من الشركات الخارجية المعترف بها دولياً لم يتقدم الى الآن، بانتظار الأيام القليلة المقبلة، علّه يكون الحل الأمثل ولو مؤقتاً، يقول دوفريج.

 

رؤية دوفريج يُعارضها بقوة أحد الخبراء البيئيين. بالنسبة إليه، هذه الخطوة إذا ما تمت فإنها عملية نهب موصوفة. يستند في كلامه الى ما يُسميه مسلّمة. بالنسبة اليه، البلد المشتري يدفع ثمن النفايات، فهل من العدل أن تكلف تلك العملية الدولة أعباء مالية؟ يرد دوفريج على وجهة نظر سلفه، فيلفت الى أنها غير منطقية أبداً. يستغرب هذا الكلام قائلاً:” لا يصح الحديث بهذا المنطق مطلقاً. الدولة ستتحمّل بطبيعة الحال ثمن تغليف النفايات وإرسالها الى الباخرة، والمتعهد اللبناني سيتحمل كلفة الشحن التي سيُعوضها من الأموال المدفوعة من الدولة المستوردة”.

 

وفيما يتعلّق بالطرح الذي تداوله البعض عبر حرق النفايات في البحر، ينفي دوفريج أن تكون اللجنة الوزارية قد عالجته. وفق قناعاته، هذا طرح بعيد جداً عن الواقع.

 

إذاً، لا تزال أزمة النفايات عالقة بين فكي “كماشة”. اتفاق السياسيين على إيجاد “مطامر” وكسارات من جهة، وطروحات يبدو أنها قيمة جداً للبنان، لكنها تنتظر القرار الخارجي من جهة أخرى، على أمل أن يفلح السياسيون في الأيام المقبلة برمي الخلافات السياسية والمحاصصات في سلة المهملات، وإنقاذ المواطن من روائح “القمامة” التي باتت تُنذر بعواقب لا تحمد عقباها.

 

لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة