بعد أيام من المناورات والتهديدات والجولات، سُمِعت صافرات الإنذار في الجليل الأعلى، جراء سقوط صواريخ عدة من الجانب الآخر للحدود.
وفي البداية جرى الإعلان عن أن الصواريخ أطلقت من الأراضي اللبنانية، وأنها صاروخان، ولكن سرعان ما تم تصحيح الخبر ليقال بأن الصواريخ أربعة على الأقل وأطلقت من الأراضي السورية. وفي كل حال، بدا الإرباك على الأداء الإسرائيلي، الذي كثيراً ما حاول الادعاء بأنه يعرف كل شيء حتى قبل حدوثه.
وحال سقوط الصواريخ أمرت السلطات الإسرائيلية سكان المناطق الشمالية بالدخول إلى الغرف الآمنة والملاجئ تحسبا لأية تطورات. وجرى الإعلان عن ملاحظة سقوط صاروخين في إصبع الجليل وصاروخين في هضبة الجولان السورية المحتلة. ولتلافي الانتقادات تم الإعلان عن أن الجيش يدرس أمر الصواريخ، ليتأكد مما إذا كانت مقصودة أم أنها سقطت عن طريق الخطأ داخل الحدود الإسرائيلية في اشتباكات دائرة في الجانب السوري.
ولكن التفسيرات الإسرائيلية بدت غير مقنعة، خصوصا أن الجيش الإسرائيلي أعلن أنه جاهز لكل الاحتمالات في الجبهة الشمالية، وأجرى مناورات تضمنت احتلال قرى في الجانب السوري. كما أن قيادة الجيش الإسرائيلي، وكذا القيادة السياسية، قامت في الأيام الأخيرة بجولة على الحدود الشمالية في إطار الوقوف على استعدادات الجيش ولطمأنة الإسرائيليين.
وكانت جهات إعلامية إسرائيلية قد أوحت، جراء المناورات والجولات، أن تصعيداً وشيكاً محتمل، وأن هذه المناورات تقع في دائرة التحسب إزاءها. غير أن أوساطا أخرى أشارت إلى أن الحديث عن احتمالات التصعيد يقع في دائرة التهويل من مخاطر الاتفاق النووي بين القوى العظمى وإيران. وهذا دفع بمعلقين عسكريين للتحذير من مغبة التهويل الذي قد يقود إلى سوء تقدير لنيات الطرف الثاني على الحدود، ما يؤدي إلى انهيار الهدوء الحالي وتسخين الجبهة الشمالية.
وشنت طوافة اسرائيلية غارة على القنيطرة، بعد استهداف المنطقة بقذائف المدفعية. وقال مصدر عسكري سوري، لوكالة الانباء السورية ـ «سانا»، «عند الساعة السادسة والنصف من بعد ظهر اليوم (امس) قامت حوامة اسرائيلية معادية باطلاق عدة صواريخ باتجاه الاراضي السورية، مستهدفة مديرية النقل ومبنى المحافظة بالقنيطرة، واقتصرت الخسائر على الماديات».
وكانت المدفعية الإسرائيلية اطلقت قذائفها على مواقع في الجانب السوري من الحدود، بعدما أكدت المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي «أننا نرى سوريا مسؤولة عن إطلاق الصواريخ وهي ستتحمل النتائج». وقال مصدر أمني رفيع المستوى، لوسائل الإعلام الإسرائيلية، إن «من أطلق الصواريخ باتجاه موضعين اليوم من وسط هضبة الجولان أراد إيصال رسالة مفادها أننا قادرون على إطلاق الصواريخ من مناطق أعمق، ونحو موضعين في آن واحد». وشددت مصادر إسرائيلية على أن من نفذ إطلاق الصواريخ هو «حركة الجهاد الإسلامي» بتشجيع إيراني. وكانت أوساط إسرائيلية قد أكدت أن إيران تسعى لتسخين الجبهة السورية، وأنها تبذل جهوداً على هذا الصعيد.
وسارعت «الجهاد الإسلامي» إلى نفي الاتهامات الإسرائيلية. وقال مسؤول المكتب الإعلامي للحركة داوود شهاب: «هذه محاولة مفضوحة وغير بريئة من قبل الاحتلال لصرف الأنظار والتعمية على قضية محمد علان». وأكد أن «سرايا القدس (الجناح العسكري للجهاد) ووجودها وعملياتها وسلاحها داخل فلسطين المحتلة، والعدو يعرف كيف وأين سترد السرايا عندما تقرر»، محذرا «الاحتلال من مغبة اتخاذ هذه الاتهامات ذريعة للمساس بالحركة وقيادتها».
وترى بعض الجهات أن القيادة الإسرائيلية لا ترغب في تسخين الجبهة الشمالية في الوقت الحالي، جراء خشيتها من تدهور الوضع في الضفة الغربية وقطاع غزة. وكان لازدياد العمليات النضالية الشعبية والمسلحة ضد المستوطنين الإسرائيليين وقوات الجيش، والتوتر الذي رافق تدهور الحالة الصحية للمحامي الفلسطيني المضرب عن الطعام الأسير محمد علان، أن زادا المخاوف باحتمال وقوع الصدام. وجرى الإعلان عن أن الجيش الإسرائيلي نشر منظومات دفاع جوي ضد الصواريخ (القبة الحديدية) في محيط اسدود وبئر السبع بعد أن أطلقت تنظيمات فلسطينية تهديدات بإنهاء التهدئة إذا حدث مكروه للأسير المضرب عن الطعام. ورغم قرار المحكمة الإسرائيلية إلغاء اعتقال علان، إلا أن التوتر لا يزال قائما جراء تدهور حالته الصحية.
وكانت السلطات الإسرائيلية قد وزعت إنذارات على المستوطنات الحدودية مع قطاع غزة، مشيرة إلى أنها تلقت معلومات بنية جهات فلسطينية كسر الهدنة جراء حالة علان. وقد وصلت الشرطة الإسرائيلية أيضا إنذارات باحتمال قيام جهات يمينية إسرائيلية بمحاولة استهداف علان لتصعيد الأزمة مع الفلسطينيين. ومعروف أن صدامات عديدة جرت بين قوى يمينية وفلسطينيين مناصرين للأسير علان قرب مستشفى عسقلان حيث تُجْرى معالجتُهُ.
وكانت الصواريخ التي أطلقت، كما يبدو، من الأراضي السورية، قد أشعلت حرائق في مكان سقوطها، لكنها لم توقع أية إصابات. وقد حاولت سيارات الإطفاء الإسرائيلية إخماد الحرائق. وسمح بعد وقت قصير من سقوط الصواريخ للمستوطنين بمواصلة حياتهم الاعتيادية.
وكانت صافرات الإنذار قد سمعت للمرة الأخيرة في مستوطنات الشمال في الشهر الماضي، وقالت قيادة الدفاع المدني إنها جراء خلل في أجهزة الإنذار. وفي حزيران الماضي سمعت صافرات الإنذار في هضبة الجولان السورية المحتلة، لكن سرعان ما قيل إن السبب هو سقوط صاروخ «تائه» جراء معارك في الجانب السوري. وفي نيسان الماضي سمعت أيضا صافرات الإنذار، وقيل إنها صاروخان سقطا قرب الحدود مع الجولان. وفي كانون الثاني الماضي سقطت أربعة صواريخ في الجانب المحتل من هضبة الجولان، ورد الجيش الإسرائيلي عليها بإطلاق 20 قذيفة على بعد سبعة كيلومترات من الحدود. وخلال الحرب الإسرائيلية على غزة أطلقت صواريخ من لبنان في نوع من التضامن مع القطاع، وأطلقت المدفعية الإسرائيلية قذائفها نحو ما اعتبرته مصادر النيران قرب مجرى نهر الليطاني.
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي