"ماكس-2015".. تحليق لا تحده سماء

في إطار تقليد بات يتكرر كل عامين منذ 1993، فتح معرض ماكس- 2015 الدولي للطيران والفضاء قرب موسكو أبوابه من الـ 25 وحتى الـ30 من آب/ أغسطس الجاري.
 
نحو 120 أنموذجا طائرا موزعا على باحات المعرض وأقسامه كانت بانتظار رواد “ماكس-2015″، الذي توقع المنظمون ألا يقل عددهم عن 400 ألف، لتجري فعالية العام وسط مشاركة 760 شركة روسية وأجنبية، في ظل ظرف جيوسياسي طارىء.
 
لطالما كان غزو السماء والفضاء من مقاييس تطور الأمم ولامحدودية طموحها، فقد كان للاتحاد السوفيتي ووريثته روسيا الكلمة الحقة في هذا المجال. المعرض تعود بداياته إلى عام 1993، فترة التوتر وتفاقم التقلبات السياسية في البلاد. حيث كان لا بد من حماية ما توصلت إليه صناعة الطيران المحلية خلال حقب العظمة، والدفع بها قدما ما أمكن.
 
توالت السنون ليتطور مجال الطيران كثيرا ويقفز أميالا إلى الأمام، لكن العنوان بقي تطوير الصناعة المحلية، فضلا عن الاستغناء عن الاستيراد.
 
من هنا، جاء “ماكس-2015” ليستعرض التقنيات الروسية العالية ويبرهن على انفتاح سوق الطيران الداخلي على المشاريع المشتركة والتعاون مع الشركاء، رغم الظرف السياسي المحيط وأزمة الاقتصاد. فسارع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمة له خلال مراسم افتتاح المعرض ليفصح عن قناعته بـ “أن معرض ماكس الدولي للطيران والفضاء سيبقى ساحة فعالة للبحث عن شركاء جدد، بغض النظر عن تقلبات الظروف السياسية الدولية”.
 
كلام بوتين بدا موجها إلى الغائبين أكثر منه إلى الحاضرين، فقد تغيبت إسبانيا وأستراليا ونيوزيلاندا وأوكرانيا وغيرها عن المعرض. لكن العنصر الأجنبي بدا ملموسا أكثر هذا العام.. فقد زارت المعرض وفود من 25 بلدا، منها ما قدم من تركيا وإيران وجنوب افريقيا، كما أن الصين ضاعفت مشاركتها 3 مرات.
 
وأما المشاركة العربية، فكانت لافتة جدا، بدءا بوفد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووفد ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، اللذين قدما إلى المعرض شخصيا، ووصولا إلى الوفد المرافق للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي تزامنت زيارته إلى موسكو مع انطلاق فعالية المعرض.
 
وإلى جانب عروض ماكس المتميزة على الدوام، فقد كانت الأنظار موجهة إلى مستجداته. وقد فاقت قيمة الاتفاقات الجديدة المبرمة في إطار المعرض مليار دولار، وفق ما صرح به نائب وزير الصناعة الروسي أندريه بوغينسكي، ملمحا إلى أن ذلك لا يمثل بعد قيمة الصكوك النهائية، مع وجود عمالقة صناعة الطائرات العالمية مثل “بوينغ” الأمريكية و”إيرباص” الأوروبية.
 
القاهرة طلبت من موسكو تزويد الجيش المصري بمروحيات “كا – 52 ” الملقبة بالتمساح. فيما خطفت طائرة “سوبرجيت-100” الروسية الأضواء. فاستحوذت على كبير اهتمام ضيوف المعرض من كل من الإمارات والأردن ومصر وإيران. وإذ دار الحديث عن إعلان مصر عن مناقصة لشراء هذه الطائرات من روسيا في اكتوبر /تشرين أول، أعرب مساعد الرئيس الإيراني سورنا ستاري عن أمل طهران في تجميع البنية التحتية الكاملة الخاصة بـ “سوبرجت” على أراضي الجمهورية الإسلامية، مشيرا إلى أن بلاده قد تعقد صفقة مع الجانب الروسي بشأن استيراد نوعين على الأقل من الطائرات الحربية الروسية. المسؤول الإيراني الذي لفت إلى التقدم الحاصل في تنفيذ صفقة صواريخ “إس-300” كان حريصا على التذكير بتحول القوات الجوية الإيرانية الناجح منذ عقدين إلى استخدام طائرات “ميغ-29” وسوخوي “سو-24” وكذلك صواريخ “اس-200” الروسية.
 
أما الشركة الحكومية الروسية للنقل والتأجير فأبرمت مع شركة الطائرات المدنية “سوخوي” عقدا تستأجر بحكمه الأخيرة 32 طائرة “سوبر جيت 100″، على أن يجري تسلم الطائرات بين عامي 2015 و 2017. ومن بين الشركات التي ستحصل على هذه الطائرات بموجب الاتفاقية نفسها شركة الـ SCAT الكازاخستانية بعدد طائرات يبلغ 15. كما ستحصل شركة Interjet المكسيكية على 10 طائرات من الطراز ذاته. اللافت أن الأخيرة تستثمر في 16 طائرة روسية، فيما تنتظر 14 أخرى بموجب اتفاقيات سابقة. بذلك ستحصل شركات من روسيا وكازاخستان وكامبوديا خلال السنوات القادمة على ما يقارب 40 طائرة من هذا النوع. تجدر الإشارة إلى أن “سوخوي سوبرجيت” هي طائرة مدنية روسية الصنع قريبة المدى، بإمكانها نقل 98 راكبا لمسافات تصل 4.4 ألف كيلومتر، وبدأ استخدامها التجاري عام 2011. وتبلغ قيمة النموذج الأساسي للطائرة 36 مليون دولار.
 
وفي إطار الفعالية أيضا، أزاح معهد الأبحاث الهندسية اللاسلكية بموسكو الستار عن طائرة “تشيروك” من دون طيار فريدة من نوعها، قادرة على الإقلاع والهبوط على أي سطح غير ممهد عبر وسادة هوائية.
 
البرنامج الجوي للمعرض حفل باستعراضات بهلوانية لـ 81 طائرة أجنبية وروسية، بما فيها سوخوي “سو- 35 اس” و”ميغ – 35 اس” والمقاتلة “تي – 50” من الجيل الخامس وغيرها.
 
لا شك أن للظرفين الجيوسياسي والاقتصادي تأثيرا بالغا على كل مناسبة تحمل صفة دولية.. لكن معرض “ماكس – 2015” حلق في الأعالي بطائرات تحدت كل سماء.. أمر يؤكده الحضور الواسع والعقود التي أبرمت أو ستبرم عاجلا أم آجلا.
 
أريج محمد

لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة