انتشار أمراض وأوبئة.. هذا ما سيصيبكم إن أمطرت!

هديل فرفور –
 
في اليوم الثاني للعاصفة الرملية، تجاوز عدد المصابين بالاختناق 2000 حالة، فيما لم تسجّل أي حالة وفاة جديدة، أقلّه لدى الجهات الحكومية. ومن المتوقع أن تبدأ العاصفة بالانحسار اليوم، على أن تستمر موجات الحر حتى مطلع الأسبوع المُقبل. وفيما يُصلّي المزارعون لتساقط الأمطار إنقاذاً لمواسمهم، يحذّر بعض الخبراء من عمليات التفاعل بين المياه والنفايات المتراكمة التي ستتسبب بانتشار آلاف الجراثيم والأمراض على المدى القريب والبعيد
 
الجميع بات يترقّب المطر. مزارعون ينتظرونه لغسل الغبار المتراكم على مزروعاتهم، وخبراء يتمنّون تأخيره الى حين إزالة النفايات المتكدّسة منذ أسابيع، إنقاذاً لصحة المواطنين المهددة من تسرّب المياه الملوّثة ومن انتشار الجراثيم والأمراض.
 
وبحسب مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، هناك احتمال لهطول أمطار رعدية يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، الأمر الذي دفع المصلحة الى التوجه الى المراجع المعنية لمطالبتها بضرورة الإسراع بتنظيف الأنهر والسواقي ومجاري المياه، وخاصة نهر الليطاني ونهر الغدير وذلك «قبل بداية موسم الأمطار»، مشيرة الى أن هطول الأمطار رسمياً هذا العام يبدأ من 15 و16 من الشهر الجاري.
 
مشهد تكدّس النفايات على نهر بيروت لا يزال في أذهان الكثير من اللبنانيين الذين لم يعد خافياً عليهم خطر المطر الآتي. منذ فترة، أكّد وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور أن «المياه لا تولّد كوليرا»، في محاولة لطمأنة اللبنانيين وامتصاص الـ»التهويل» الذي كان حاصلاً. إلا أن ذلك لا يلغي وجود خطر انتشار أمراض وأوبئة أخرى.
 
رئيسة دائرة مكافحة الأمراض الانتقالية في وزارة الصحة عاتكة برّيان كانت قد لفتت الى أن خطر تساقط الأمطار على النفايات يكمن في احتمال تسرّب رواسب النفايات الى التربة، وبالتالي الى المياه الجوفية، وهو ما يرتب تداعيات خطيرة ليست بالضرورة أن تكون على المدى القريب، بل على المدى البعيد «كأن يرتفع عدد الإصابات بمرض السرطان وغيره».
 
فيما يقول اختصاصي أمراض وبائية، إن الخطر لا يتوقف على «الكوليرا»، «آلاف الجراثيم قد تتأتى عن عمليات التفاعل بين المياه وهذه النفايات، من ضمنها السالمونيلا، فضلاً عن خطر تراكم الجرذان، وبالتالي خطر انتشار مرض الطاعون»، لافتاً الى «أن الوضع يصبح كارثياً أكثر إذا تساقطت الأمطار».
 
لكن المطر يبقى الأمل الذي يعوّل عليه المزارعون في ظل هذه العاصفة، يقول رئيس جمعية المزارعين أنطوان الحويك إن المزارعين 
يعوّلون على تساقط الأمطار لغسل الغبار المتراكم على الأوراق والثمار، ذلك أن «الضرر متعلّق بمدى استمرارية الطقس». ويشير الحويك الى أن غالبية المزارعين لا يملكون القدرة الفعلية لغسيل مزروعاتهم، في ظل أزمة المياه التي يشهدها البلد، فيما يقول رئيس نقابة الفلاحين ابراهيم ترشيشي إن الضرر يلحق بالدرجة الأولى بالأشجار المثمرة في هذا الموسم كالعنب والدراق والخوخ وبعض الخضر كالخس واللوبيا والخيار والبندورة والكوسى والباذنجان، لافتاً الى أنها «المرة الأولى التي نشهد فيها هذا الطقس في حياتنا الزراعية».
 
«الأرصاد الزراعية»: للإسراع في تنظيف الأنهر والسواقي ومجاري المياه
 
بقاعاً، وفي الوقت الذي بدأت فيه العاصفة الرملية بالانحسار منذ الصباح، تكشّفت لدى المزارعين البقاعيين أضرار كبيرة في حقولهم وبساتينهم نتيجة العاصفة الرملية.
«كارثة زراعية غير متوقعة حلّت بنا»، يقول المزارع عبد الناصر عثمان لـ»الأخبار»، مشيراً الى أن «الربح الذي كان ينتظره مزارعو العنب تبدّد، وخصوصاً أن معالجة العناقيد تتطلب 3 رشات من المبيدات والأدوية لتنظيف ومعالجة حبات العنب»، وبالتالي وجود كلفة إضافية عليهم.
 
أما مزارعو التبغ، فيبدو أنهم أكثر المتضررين، ولا سيما أن بلدات بأكملها في بنت جبيل ومرجعيون تعتمد على هذه الزراعة، ويلفت رئيس المركز الزراعي في اتحاد بلديات بنت جبيل محمد ملحم الى أن « العاصفة الصفراء حولت أوراق التبغ الخضراء الى أوراق مهترئة صفراء، وهذا يؤثر على قيمتها المالية أثناء التسليم للريجي». ويشير المزارع أحمد حيدر (عيترون) الى أن «مزارعي التبغ في المنطقة تعوّدوا على مواجهة العديد من الأمراض المضرة بشتول التبغ، لكنهم لم يعتادوا على كيفية التعامل مع العواصف الرملية التي لم تكن تحصل في لبنان»، لافتاً ألى أن «الخسائر المالية التي ستصيب المزارعين الذين لم يقطفوا أوراقهم بعد، ستبلغ عشرات الآلاف من الدولارات، لأن خبراء مؤسسة الريجي يدققون جيداً في جودة ونوعية أوراق التبغ التي يتسلمونها من المزارعين، ويخمنون الأسعار بناءً على ذلك، الأمر الذي سينعكس سلباً على أبناء بلدات عيترون وعيتا الشعب ورميش وتولين وغيرها التي يعتاش معظم أبنائها من الأموال التي يجنونها من هذه الزراعة».
 
كذلك في صور، تأثرت ثمار الفاكهة والحمضيات والخضر في سواحل صور ورأس العين. وسجّلت حالات اختناق وضيق في التنفس وسط شلل في حركة الملاحة البحرية في مرفأ صور التجاري، حيث لزم الصيادون الميناء.
 
وتوجهت المصلحة ببعض النصائح والإرشادات الى المزارعين كالإكثار من كميات الري صباحاً ومساء وتهوئة المزارع وزيادة مياه الشرب للدواجن وزيادة البيوت البلاستيكية، لافتةً الى الخطر المحدق بالدواجن.
 
وبحسب المصلحة، من المتوقع أن تستمر موجة الحر اليوم وغداً، على أن تخف حدّتها السبت وتنحسر كلياً الخميس المقبل، مع احتمال هطول أمطار رعدية الاثنين والثلاثاء والأربعاء.
 
وعلى الرغم من أن العاصفة الرملية بدأت تنحسر أمس، وكانت أقل وقعاً من اليوم الأول، إلا أن الكثير من اللبنانيين لزموا بيوتهم في بعض المناطق اللبنانية كالبقاع وصور وعكّار ومرجعيون. وبحسب إحصاءات وزارة الصحة العامة، تجاوز عدد المصابين بحالات الاختناق، حتى مساء أمس، الألفي حالة، ولم تُسجّل أي حالة وفاة جديدة، علماً بأن «الأخبار» أحصت أربع وفيات حتى مساء أول من أمس، فيما أعلنت وزارة الصحّة أنها تبلغت بـ3 وفيات…
 
جنوباً، استمرت حالات المصابين بالاختناق تتوافد الى مستشفيات بنت جبيل ومرجعيون ووصل عددها الى حوالى 80 حالة، بعدما كانت هذه المستشفيات قد غصّت بالمرضى الذين فاقوا المئتي حالة أول من أمس. ويقول أحد أطباء المنطقة إن «هذه الأعداد من المرضى ساهمت في اكتشاف العديد من الأمراض الصدرية التي لم يكن يعلم بها أصحابها، نتيجة عدم الرقابة والعناية الصحيتين».

لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي

تعليقات الفيسبوك

اضف تعليق