قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في مقابلة مع صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية إن “بلاده لن تطالب برحيل بشار الأسد كشرط مسبق لمحادثات السلام”.
وأضاف فابيوس أن فرنسا تعتقد أن “الحل الدبلوماسي سيتطلب إنشاء حكومة وحدة وطنية تضم عناصر من حكومة الأسد، لتجنب تكرار الانهيار الذي حدث في العراق”.
يشكل الموقف الفرنسي ذروة التغيرات في المواقف الأوروبية التي بدأت منذ مطلع الشهر الجاري تجاه مصير الأسد بعد النمسا وإسبانيا وألمانيا وبريطانيا.
ومع أن فابيوس قد أعلن منتصف مارس/آذار الماضي عن ضرورة تنفيذ بيان جنيف، وتشكيل حكومة مشتركة من المعارضة والحكومة السورية، إلا أنه لم يتطرق إلى شخص الأسد، حيث تعتبر باريس أن لا حلا سياسيا في سوريا معه، وهو ما أكده مجددا خلال مؤتمر صحفي عقده في إبريل/ نيسان الماضي مع نظيره السعودي الراحل سعود الفيصل من أن “الحل في سوريا يجب أن يستبعد تنظيم الدولة وبشار الأسد”.
بدأت لحظة التغير الفرنسي من الأزمة السورية مع إعلان باريس عزمها المشاركة في التحالف الدولي ضد “داعش” بعدما عارضته لشهور من منطلق أن محاربة التنظيم وحده ستنعكس إيجابا لصالح الأسد، وبالتالي تطيل أمد الأزمة.
لكن فشل التحالف الدولي في تحقيق أهدافه، وارتفاع حدة التطرف الذي قد تصل شظاياه قلب القارة العجوز، دفع المجتمع السياسي الفرنسي إلى إعادة تغيير مواقفه، ونشأ جدال واسع خلال الأشهر الماضية بين القوى من كافة الاتجاهات، وبدا اليسار الاشتراكي واليمين على السواء مؤيدين لمشاركة فرنسية في التحالف الدولي ضد “داعش” مع إمكانية التعاون مع روسيا، حيث لا يمكن السماح بتحول سوريا إلى معقل للإرهاب، الأمر الذي يتعارض مع السياسة الفرنسية التقليدية في الشرق الأوسط.
ورغم هذا التوافق حول محاربة الإرهاب، برزت قضية الأسد كنقطة شد وجذب بين الفرقاء الفرنسيين: الرئيس السابق نيكولا ساركوزي رئيس حزب الجمهوريين يعلن تأييده لإجراء حوار مع الأسد طالما أن الهدف الأساسي هو محاربة “داعش”، ورئيس الحكومة السابق فرنسوا فيون أحد أهم قادة اليمين يقول إن “الوقت حان لإعادة النظر في استراتيجيتنا الدبلوماسية والعسكرية، بما في ذلك التعاطي مع الأسد.
ولا يمكن وضع التغير الحاصل في الموقف الفرنسي وقبله البريطاني ضمن معادلة استفحال أزمة اللجوء في أوروبا، حيث نسبة اللجوء في هذين البلدين قليلة جدا مقارنة بالدول الأخرى.
فقد شكلت العاصمتان على مدار السنوات السابقة الرافد الأوروبي الفعلي لعدم التعاطي مع الأسد واعتباره جزءا من المشكلة لا جزءا من الحل، في تناغم واضح مع حلفائهما العرب المناهضين للأسد.
لكن التغيرات الجذرية في الخطاب السياسي الأمريكي من مصير الأسد ألقت بظلالها على القارة الأوروبية، وبدأت تطرح أسئلة جدية على صناع القرار في أوروبا حول السلوك الأمثل لإنهاء الأزمة السورية.
تقوم المقاربة الأوروبية، لا سيما الفرنسية ـ البريطانية على الجمع بين الموقفين الروسي والأمريكي: لا مانع من بقاء الأسد ضمن المرحلة الانتقالية أو حتى ربما ما بعد المرحلة الانتقالية، إذا كان بقاؤه يشكل ضرورة لا بد منها لمحاربة الإرهاب، لكن دون أن يعني ذلك أن الأسد يمكن أن يشكل جزءا من مستقبل سوريا.
فالحل النهائي لهذه الأزمة المعقدة، لا يستقيم إلا بتسلم شخصيات جديدة من طرفي الأزمة مقاليد الحكم، والانتقال بالبلاد نحو صيغة الحكم الديمقراطي، وهذه الصيغة ليست انفرادا أوروبيا، حيث تشير المعطيات وتصريحات المسؤولين الغربيين والروس إلى إنها صيغة متفق عليها على الأقل في هذه المرحلة مع تباينات بسيطة، ما لم تطرأ تغيرات جديدة قد تقلب كل هذه التفاهمات.
ويأمل الأوروبيون أن يشكل موقفهم الجديد فرصة للتوصل مع الطرفين الدوليين الرئيسيين (روسيا، أمريكا) إلى تفاهم نهائي حيال الأزمة السورية خلال الاجتماعات الدولية المقررة على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الشهر الجاري.
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي