تفاهم سعودي ـ روسي بشأن الحل السوري؟

 

سليمان نمر 

المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز مساء أمس الأول، قد تثير استغراب العديد من المراقبين كونها جاءت وروسيا تدفع بتعزيزات عسكرية للنظام في سوريا… ولكن يبدو أن الرياض «غير منزعجة» ـ على الأقل ـ من تنامي الدور العسكري في سوريا.

وهنا تجب ملاحظة أنه لم يصدر عن السعودية أي تعليق رسمي أو شبه رسمي بشأن زيادة التواجد العسكري الروسي في سوريا، رغم أن الأمر يبدو دعما للرئيس السوري بشار الأسد… حتى أن الإعلام السعودي لم يعلق على إرسال روسيا مزيداً من الدعم العسكري والأسلحة للنظام السوري بالإضافة إلى عسكريين روس.

وحين سئل وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ـ قبل عشرة أيام ـ عن هذا الموضوع، تهرب من إعطاء موقف علني، واكتفى بالقول: «التواجد والدعم الروسيان موجودان من قبل، ونحن والكل يعلم عنه».

ويقارن البعض بين هذا الموقف السعودي الصامت وبين رد فعل وزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل العنيف على موسكو في مؤتمر قمة شرم الشيخ العربية في نهاية شهر نيسان/أبريل الماضي، حين شن هجوما شديداً على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واتهمه بأنه يدعم عدم الاستقرار في العالم العربي من خلال تأييده للرئيس السوري بشار الأسد.

وكان الرئيس الروسي وجه رسالة للقمة دعا فيها إلى حل سلمي للأزمة السورية. وعبر الأمير سعود الفيصل عن استغرابه إزاء إعلان موسكو عن ضرورة التوصل لحل سلمي للنزاع في سوريا في وقت لا تزال تسلح «النظام الذي فقد شرعيته»، مؤكدا أن روسيا تساهم في إطالة أمد الحرب وتتحمل مسؤولية كبيرة عن مصاب الشعب السوري». وبعد رد الفعل العنيف هذا، شنت وسائل الإعلام السعودية حملة هجوم واسعة على موسكو لم نلاحظ مثلها هذه الأيام.

ويلاحظ مراقبون ديبلوماسيون في الرياض أن زيادة التدخل الروسي في سوريا جاء بعد أسابيع من الزيارة «المهمة» التي قام بها ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا، وتلتها زيارة سعودية أخرى لموسكو لوزير الخارجية عادل الجبير في شهر تموز الماضي، وفي أعقاب الاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة والسعودية في الدوحة في شهر آب الماضي الذي خُصِّص لبحث الأزمة السورية.

ورغم ما يبدو من خلاف روسي سعودي بشأن طبيعة الحل السياسي للأزمة السورية، حيث ترى موسكو ضرورة الحفاظ على نظام الرئيس بشار الأسد، وترى الرياض أنه لا يمكن التعامل مع الرئيس السوري بشأن أي حل سياسي لمستقبل سوريا، إلا أننا نرى أن هناك تفاهما سعوديا ـ روسيا على حل سياسي للأزمة السورية… ووفق المعلومات الموثوقة، فإن الرياض هي التي دفعت وتدفع موسكو للعب دور أكبر في إيجاد تسوية سياسية للأزمة السورية، والرياض ترى أن هذا الحل يجب أن يبعد الرئيس الأسد عن السلطة، والذين يعرفون بواطن الأمور في الرياض يعرفون أن السعودية تريد الإبقاء على الجيش السوري وعلى مؤسسات الدولة في سوريا؛ وما لا تريده الرياض هو الإبقاء على النظام (أي الرئيس الأسد وأعوانه الذين يشاركونه مسؤولية الحرب على الشعب السوري).

والرياض متفقة مع موسكو بشأن ضرورة التصدي للإرهاب وتنظيماته لا سيما «داعش» لأن خطر هذه التنظيمات على السعودية هو أشد على المملكة مما هو على روسيا أو أي دولة أخرى. ويقول سعوديون أن الرياض تعاونت أمنيا مع موسكو بشأن التصدي للإرهاب وقدمت معلومات مهمة للأجهزة الأمنية الروسية حصلت عليها أجهزتها الأمنية بشأن العناصر الإرهابية الشيشانية المنضمة لـ «جبهة النصرة» ولـ «داعش» ومن قبلهما تنظيم «القاعدة».

ولكن الرياض ترى أن إنهاء الأزمة السورية وإسقاط الرئيس الأسد بأي وسيلة هو أمر مهم للقضاء على «داعش» وغيره، في حين ترى موسكو أن إسقاط الرئيس الأسد سيؤدي إلى سيطرة الجماعات الإسلامية على سوريا وإلى قيام فوضى سياسية وأمنية تجعل من سوريا مركزاً لتصدير الإرهاب إلى روسيا وغيرها، أو على الأقل إذا ما سقط الرئيس الأسد فإن هناك احتمالا كبيراً بأن يقوم نظام ذو توجه إسلامي (يسيطر عليه الإخوان المسلمون) يهدد المصالح الروسية «التاريخية» في سوريا لا سيما أن تركيا تدفع بهذا الاتجاه…

لذا يعتقد أن الرياض أصبحت لا تمانع في أن تزيد موسكو من تواجدها العسكري في سوريا لتضمن مصالحها «الاستراتيجية» في سوريا وتضمن استمرار نفوذها في حالة حصول أي تغيير في النظام السوري.

ومن هنا يمكن فهم السكوت السعودي على تزايد الدور العسكري الروسي في سوريا، وهذا برأي مراقبين سيكون مقدمة لحل سياسي للأزمة أساسه مقررات مؤتمر جنيف ـ 1 الخاص بسوريا التي تنص على تشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات في دمشق، تعد لانتخابات تشريعية ورئاسية خلال فترة زمنية يتفق عليها، تحدد مستقبل سوريا.

ديبلوماسي عربي في الرياض علق على السكوت السعودي عن تزايد الدور الروسي في سوريا قائلا: «يبدو أن الرياض تفضل الدور الروسي في سوريا على الدور الإيراني».

الديبلوماسي العربي لم يستبعد أيضاً أن يكون هذا الدور مقدمة لحل سياسي مقبل للأزمة السورية.

لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة