السياسة الاميركية، نعيُ الشعوبِ ونعيبُها! (د. حنا الحاج)

د. حنا الحاج – 

ما دخلت السياسة الاميركية مجتمعاً إلا أفسدته، والتاريخ شاهد، والسلسلة تطول وانجازاتها في نشر الديمقراطيات والحريات، وتعزيز حقوق الانسان، وصون الثقافات على إمتداد العالم، بيِّنة واضحة. وإن كنتم تجهلون نعيم السياسة الاميركية وخيراتها، فاسألوا أهل العراق وليبيا وسوريا، وسائر المشرق، وشعوب المقلب الآخر، يأتيكم الجواب اليقين!.

 

وان لم تكتفوا فإسألوا لبنان عن المزيد من هذه الثمار الاميركية، وآخرها ما أعلنته “آن ريتشارد “، مساعدة وزير الخارجية الاميركي لشؤون اللاجئين، وهي وإن نطقت كفراً، لكنها قالت الحقيقة وأسقطت القناع عن إدارتها برمزية حمارها الديمقراطي وفيلها الجمهوري!

 

 بتاريخ 25/ 9/ 2015، أعلنت السيدة “ريتشارد”:

 

 “أن لا نيَّة لبلادها لاستقبال لاجئين سوريين من لبنان، بل فقط من تركيا ومصر والاردن، باعداد محدودة ؛ وتضيف لبنان صاحب خبرة متقدمة في قضية اللجوء “.!

 

كلمات قليلةٌ لخَّصت ما تخبئه السياسة الاميركية حيال لبنان، وسائر البلدان الخارجة عن طاعتها، أو التي لا تدور في فلكها .

 

أميركا! “سبق الفضل”، فمنذ سبعة عقود وأكثر، وكرمكم يغمرنا موجات من اللاجئين الفلسطينين الذين أبعدتهم أدوات إجرامكم، ومخططاتكم الجهنمية، فلجؤوا الى لبنان، وكان لجؤوهم أخوياً، مؤقتا، لايام معدودة، فأصبح دائماً، كارثياً.!

 

أميركا! “سبق الفضل”، وقد خبرنا غيرتكم على لبنان واللبنانيين، يوم أنزلتم رجال   “المارينز”على شواطئنا عام 1958، بحجة الحماية، ثم تكشفت النوايا، وأنتهى إستعراضكم بخيبة الرحيل ؟

 

“سبق الفضل”، لن ننسى يوم أرسلتم حاملة طائراتكم السعيدة الذكر، “نيو جرسي”، لمقاتلة السوريين والفلسطسنيين، وسائر الجحافل الزاحفة على لبنان. فكان استعراضكم ألعاباً نارية، زينته كوكبة من القذائف الصوتية والضوئية، فازداد الوضع سوءاً، ثمَّ رحلتم تاركين وراءكم خيبة اللبنانيين، وسخرية المسيحيين وعتبهم!

 

“سبق الفضل”، عام 1983، حللتم في ربوعنا مجدداً، فكانت كارثة تفجير مقركم ومقر حلفائكم من الفرنسيين، فرجعتم بخفي حنين، مثقلين بجراحكم وخيبتكم والمآسي.

 

“سبق الفضل”، وهو ظاهر في دعمكم المستدام للعدو الاسرائيلي، طيلة تاريخه الاجرامي الطويل، بكل الوسائل المالية، والعسكرية، والسياسية، والقانونية، من خلال مجلس أمنكم، وعبر عشرات “الفيتاوات”، المعطلة والمانعة لعشرات القرارات التي تدين إسرائيل .

  

وها هي مسَاعِدة وزير خارجيتم “آن ريتشارد”، تكشف بصراحة ووقاحة، خبث نواياكم، التي لم تعد خافية على أحد. واذا كانت الشجرة تعرف من ثمارها، فثماركم تكشفها سياساتكم الساعية الى توطين السوريين في لبنان، كما سعيتم وما زلتم تسعون الى توطين الفلسطينيين وسائر من شردتهم أيديكم فوق أرضنا !

 

فهلاَّ يخفى عليكم، أنَّ عدد السوريين اللاجئين الى لبنان فاق المليون ونصف المليون، وأنتم ما زلتم مع أممكم المتحدة وغيرها، تضغطون لاستقبال المزيد منهم ؟

 

هلاَّ تجهلون أن مساحة لبنان لا تعادل ثلث مساحة أصغر ولاية من ولاياتكم؟ و أنَّ اقتصاده يحتضرُ، ويختنق بديون تفوق مئة مليار دولار أميركي، وأنَّ موارده جفِّفتْ، أو منع عليه إستخراجها.

 

 تضغطون على لبنان المنهك، لتحمل أعباء المزيد من اللاجئين، و لتقديم الخدمات لهم، من ماء وكهرباء وتعليم وطبابة، وعمل، وهو عاجز عن تأمينها لابنائه؛ ونراكم تتجاهلون أن المهاجرين اللبنانيين، يفوق عددهم ثلاثة أضغاف أبنائه المقيمين.

 

 وها أنتم، تقنِّنون مساعداتكم، وتضيقون الخناق، حتى أنكم وحليفتكم أوروبا ترفضون إستقبال بضعة آلاف من اللاجئين، وهم جياعٌ، عراة، حفاة، فماذا حلَّ بحقوقِ الانسان التي تقاتلون باسمها؟

 

هكذا بكل شروركم، تريدون الاجهاز على لبنان، و تطويعه وإخضاعه لمشيئتكم.

حقاً ما دخلت السياسة الاميركية بلداً إلا أفسدته، وتركته مرتعاً للبوم والغربان! 

لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة