أول تعليق لهنري كيسينجر على التدخل الروسي ضد الإرهاب في سورية..

اعتبر وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر أن التدخل الروسي في سورية أدى إلى تغير الهيكل الجيوسياسي للشرق الأوسط والذي دام أربعة عقود من الزمن منذ حرب تشرين 1973. ودعا في رسالة وجهها عبر الصحافة الأميركية الرئيس باراك أوباما للاتفاق مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين حول سورية.

وفي مقال مطول نشره في صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، أكد كيسنجر أن الولايات المتحدة تحتاج نظاماً عالمياً جديداً، يُمكن بفضله للقوى الكبرى، استعادة الحوار بينها واعتماد مبدأ التوافقات الضرورية.

وعلق كيسنجر الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية الأميركي في عهدي الرئيسيْن ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، على الأزمة بين واشنطن وموسكو على خلفية الضربات الروسية في سورية، قائلاً: إن «الاتفاق مع بوتين حول الوضع السوري، لا يُعارض بالضرورة مصالحنا القومية، فتدمير داعش هو الضرورة الأولى، قبل التفكير في مصير (الرئيس) بشار الأسد».

ورأى أنه بوجود روسيا في سورية، بات الهيكل الجيوسياسي للشرق الأوسط، الذي دام أربعة عقود من الزمن، في حالة من الفوضى التامة. واستطرد معتبراً أن العمل العسكري «الأحادي» الذي قامت به روسيا في سورية، هو أحدث «عرَض من أعراض انهيار الدور الأميركي في تثبيت نظام الشرق الأوسط، الذي خرج إلى الوجود من رحم حرب تشرين عام 1973».

وأوضح أنه في أعقاب تلك الحرب، تخلت مصر عن علاقاتها العسكرية مع الاتحاد السوفييتي، وانضمت إلى عملية تفاوض تدعمها الولايات المتحدة، تمخضت عن اتفاقيات سلام بين إسرائيل ومصر، وإسرائيل والأردن، واتفاقية فض اشتباك تشرف عليها الأمم المتحدة بين إسرائيل وسورية.. ومساندة دولية لسلامة أراضي لبنان وسيادته. وفي ما بعد ذلك، مني صدام حسين بالهزيمة في الحرب التي شنها لضم الكويت إلى العراق على أيدي ائتلاف دولي تحت قيادة الولايات المتحدة.

واعتبر أن الشرق الأوسط عرضة لخطر الابتلاع من أربعة مصادر متزامنة، وهي: إيران وما لديها من إرث إمبريالي فارسي، والحركات الراديكالية أيديولوجيا ودينيّاً التي تناضل لإطاحة الهياكل السياسية السائدة، والصراعات الراهنة داخل كل دولة بين جماعات إثنية ودينية جُمّعت عشوائيّاً بعد الحرب العالمية الأولى على هيئة دول (آخذة الآن في الانهيار)، والضغوط المحلية النابعة من اتباع سياسات داخلية سياسية واجتماعية واقتصادية وخيمة.

وبحسب كسينجر، «مكّنت هذه الاتجاهات المتضاربة، التي يفاقمها انسحاب أميركا من المنطقة، روسيا من الانخراط في عمليات عسكرية في عمق الشرق الأوسط، وهو ما يمثل عملية نشر غير مسبوقة في التاريخ الروسي». ومضى موضحاً أن «شغل روسيا الشاغل هو إمكانية تمخّض انهيار النظام في سورية عن تكرار الفوضى الليبية والإتيان بتنظيم داعش إلى السلطة في دمشق، وتحول سورية كلها إلى مأوى للعمليات الإرهابية، التي ستصل إلى المناطق المسلمة داخل حدود روسيا الجنوبية في إقليم القوقاز وأماكن أخرى».

واعتبر أن الخطوة الروسية في سورية تهدف إلى تحويل الخطر الإرهابي عن المنطقة الحدودية لروسيا، واصفاً إياها بـ«مناورة كلاسيكية من مناورات توازن القوى»، ورأى أنها تمثل «تحديّاً جيوسياسيّاً لا أيديولوجيّاً وينبغي أن يُتعامل معه على ذلك المستوى»، وأضاف «فمهما كان الدافع، تتمخض القوات الروسية في المنطقة، ومشاركتها في عمليات قتالية، عن تحدٍ لم تواجه السياسة الأميركية الشرق أوسطية مثله منذ أربعة عقود من الزمن على الأقل».

وحذر من استمرار السياسة الأميركية التي اعتبر أنها «سعت إلى التظاهر بتأييد دوافع كل الأطراف ومن ثم فهي على شفا فقدان قدرتها على تشكيل الأحداث»، مبيناً أن «الولايات المتحدة تتخذ الآن موقفاً معارضاً لكل الأطراف في المنطقة، أو إن شئت فقل: في خلاف معها بصورة أو بأخرى. فهي في خلاف مع مصر بشأن حقوق الإنسان، ومع كل طرف من الأطراف السورية بشأن مختلف الأهداف». واستطرد قائلاً: «تجاهر الولايات المتحدة بإصرارها على رحيل (الرئيس) الأسد عن منصبه، لكنها ظلت غير راغبة في ممارسة التأثير الفعال، سياسيّاً كان أم عسكريّاً، لتحقيق ذلك الهدف. كما لم تطرح الولايات المتحدة هيكلاً سياسيّاً بديلاً للحلول محل (الرئيس) الأسد في حالة إذا ما تحقق رحيله بطريقة أو بأخرى».

 

لقراءة المقال بنسخته الأصلية، إضغط هنا

لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة