دبي – ماجد الشاذلي – يعقد الكنديون آمالاً عريضة على رئيس الوزراء «الليبرالي» الشاب جاستن ترودو (43 عاماً)، معتمدين على خلفيته العائلية ووعوده السياسية، فيما ينتظر منه العالم تغييرات في سياسة بلاده تجاه قضايا دولية مهمة.
وكان الحزب «الليبرالي» برئاسة جاستن ترودو فاز في تشرين الأول (أكتوبر) الحالي، بالغالبية المطلقة في مجلس العموم الكندي، لينهي نحو 10 أعوام من حكم المحافظين بزعامة ستيفن هاربر.
وصاحب فوز ترودو صخب كبير، خصوصاً وأنه قاد حملة انتخابية تعد الأطول في كندا منذ العام 1872، لدفع اتهامات المحافظين له منذ انتخابه عضواً في برلمان 2008، بأنه ليس مستعداً لتولي المسؤولية، وأنه مجرد واجهة تلفزيونية.
وذكرت صحيفة «هافينغتون بوست» أن هذا الصخب يعود إلى أسباب عدة، منها أن رئيس الوزراء الجديد ينتمي إلى عائلة سياسية، فهو الابن الأكبر لرئيس الوزراء الكندي صاحب الشعبية الكبيرة بيير إليوت ترودو الذي قاد البلاد لمدة 15 عاماً متواصلة (1968 – 1984).
ويعتقد الكنديون أن ترودو سيغير وجه الإنفاق في كندا عموماً، فبينما تعهد خصومه باعتماد موازنات منضبطة، وعد هو بمضاعفة الإنفاق على البنية التحتية، وزيادة الضرائب على الأغنياء، وخفضها على الطبقة المتوسطة.
وأثار ترودو جدلاً بعد فترة وجيزة من قيادته لليبراليين في العام 2013، إذ تعهد تقنين تداول الماريجوانا وفرض الضرائب عليها، لأن «القوانين الحالية تجعلها في متناول الأطفال، ولا تخدم إلا العصابات والمجرمين». لكن هذا الإلتزام أثار سخرية المحافظين الذين يؤيدون حظر الماريجوانا. وزادت حدة الهجوم عليه بعد اعترافه بأنه سبق له تدخين الماريجوانا.
وتعتبر قضية الـ200 سيدة من السكان الأصليين اللواتي قتلن أو اختفين في أوقات متفرقة، من التحديات المهمة التي تواجه ترودو، إذ إن المحافظين رفضوا المطالب التي علا صوتها في العام 2013 بإجراء تحقيق قومي في هذا الشأن. لكن السياسي الشاب اتهم هاربر بأنه «يقف في الجانب الخطأ من التاريخ»، متعهداً إجراء تحقيق فوري شامل.
وكما ينتظر الكنديون تغييرات في النهج، يترقب المجتمع الدولي السياسات التي سيتبعها ترودو، خصوصاً في ما يتعلق بالحرب ضد الإرهاب. فالليبراليون الذين عارضوا الإنضمام إلى التحالف الدولي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في العراق وسورية، تعهدوا إنهاء مهمة كندا العسكرية ضد التنظيم المتطرف.
وقال ترودو إنه «بدلاً من إلقاء القنابل، يجدر بكندا أن تساهم في تدريب القوات المحلية على محاربة داعش على الأرض، وزيادة الدعم الإنساني». وأوضح خلال مناظرة عن السياسة الخارجية، الشهر الماضي، أن «كندا يمكنها المساعدة في محاربة داعش في شكل أفضل عبر تدريب القوات البرية كما فعلنا في أفغانستان وأماكن أخرى».
ويعد فوز ترودو خبراً مبهجاً للاجئين أيضاً، ففي مناظرة مع هاربر خلال أيلول (سبتمبر) الماضي، اتهمه رئيس الوزراء الجديد بالتخلي عن مسؤولياته في إعادة توطين اللاجئين، ورد على اتهام القائد المحافظ له بأنه يسعى إلى فتح حدود كندا واستقبال مئات ألوف اللاجئين من دون إخضاعهم فحوص أمنية، قائلاً: «نعم، نحتاج إلى القلق في شأن أمننا، لكننا لا نستغلّ ذلك حجّة لإقفال أبوابنا في وجوه اللاجئين».
وتعهد اللبيراليون أيضاً استقبال 25 ألف لاجئ سوري، إضافة إلى إنفاق 100 مليون دولار هذا العام على إعادة توطين اللاجئين في كندا، و100 مليون دولار أخرى دعماً لبرامج الأمم المتحدة للاجئين.
وأعطى فوز ترودو برئاسة وزراء كنداً أملاً للمهتمين بقضايا التغير المناخي التي تُتهم بلاده بالتقاعس في التعامل معها. ومع اقتراب مؤتمر المناخ العالمي في باريس، تعهد الليبراليون رفع أسعار المنتجات الكربونية وإنهاء مهزلة وضع أهداف «ساذجة» لتقليل الانبعاثات الحرارية، والفشل في بلوغها. وتعهدوا أيضاً إرساء إطار عمل لمواجهة التغير المناخي خلال تسعين يوماً من مؤتمر باريس.
وكانت أول دائرة ضوء وضعت حول ترودو عندما رثى والده خلال جنازته الرسمية في العام 2000، في كاتدرائية نوتردام في مونتريال، قائلاً: «أحبنا والدي بإخلاص شمل حياته كلها. علمنا أن نؤمن بأنفسنا، وأن نعرفها جيداً، لندافع عنها ونتحمل المسؤولية».
ويرى البعض أن حب ترودو للملاكمة ساعده في الوصول إلى القيادة، فلم يكن ينظر إليه في البداية باعتباره زعيماً يمكنه الإطاحة بستيفن هاربر. لكن كسر صورة الشخص الضعيف بدأت فعلياً في العام 2012، عندما فاز في مباراة الملاكمة الخيرية، باسم «قاتلوا من أجل العلاج»، ضد عضو مجلس الشيوخ عن حزب المحافظين باتريك برازو صاحب الحزام الأسود في الكاراتيه والبنية القوية التي كان من المتوقع أن تساعده في سحق ترودو.
وعلى رغم أن أعضاء مجلس العموم الكندي يأتون من خلفيات مهنية مختلفة، لكن القليل منهم واجه سخرية شديدة، كما حصل مع ترودو الذي كان يعمل مدرساً قبل عمله في السياسة.
]وهاجم حزب المحافظين تجربة ترودو في العام 2013، واعتبر مسؤولون في الحزب أنه «غير مؤهل لخدمة رئيس الوزراء لأنه كان مستشار المخيم»، لكن رئيس الوزراء الحالي رد في إعلان ظهر فيه يجلس على مكتب معلم، وقال: «أنا فخور بكوني معلماً. أنا ابن، لكن أنا أيضاً الأب، وعلى رغم أنني قائد، أنا هنا للخدمة».
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي