نفط «داعش» لآل أردوغان

خط قوافل «أنقرة ــ داعش» : نفط سوريا في بيت مال السلطان-


لم يُعد سهلاً إخفاء خطّ «داعش ــ أنقرة» النفطيّ. التنظيم الذي يرى في تركيا «أرض نُصرة» نسج علاقة مصلحية مع أنقرة تتناسق فيها خيوط سوق النفط مقابل المال والتسهيلات الحدودية.

 

إيلي حنا, أيهم مرعي-

لم تتعرض سابقاً العلاقة بين أنقرة و«داعش» لكلّ هذه الأضواء التي تُسلّط عليها اليوم. بقيَت المسألة طيّ التحليلات، والكلام عن تقاطعات بين طرفين لديهما عدوّان مشتركان: الأسد والأكراد.

في حزيران 2014، احتجز عناصر «داعش» 49 دبلوماسياً وعاملاً في قنصلية تركيا في الموصل. التنظيم الذي ارتكب المجازر في كلّ بقعة وصل إليها في سوريا والعراق احتفظ بالمخطوفين جميعاً. لم «يُرهب» دولتهم حتى بـ«القصاص» من معتقل واحد. في أيلول من العام نفسه، زفّ رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو خبر تحرير الرهائن ووصولهم جميعاً إلى وطنهم.

أُقفل الملف، وبقيت التسريبات عن «عملية تبادل» مع «سجناء إسلاميين» في تركيا طيّ التكهنات.

كذلك، العلاقة «الاقتصادية» بين الأتراك و«داعش» لم تكن مكشوفة المعالم، وإن كانت واضحة بحيثياتها الميدانيّة. وتؤكّد المعطيات التي حصلت عليها «الأخبار» من مصادر عدّة، «تبنّي» أنقرة لنفط «داعش»، ووجود علاقة بين الطرفين على قاعدة النفط مقابل المال والسلاح و«كوريدور» حدودي لاستقبال «المهاجرين». ما نشرته وزارة الدفاع الروسيّة أمس ليس مستغرباً. وتكشف «الأخبار» بناءً على معلومات من معنيين بقطاع النفط وعاملين سابقين وخبراء، وآخرين منضوين في صفوف التنظيم، جزءاً من هذه العلاقة، وآلية وطرق نقل نفط التنظيم إلى تركيا.

مصدر في التنظيم يشرح لـ«الأخبار» طبيعة هذه العلاقة، مؤكداً أنّ «تركيا بالنسبة إلى قادة الدولة الإسلامية هي أرض نُصرة، وأي خلاف بين الطرفين سيؤثّر بالعلاقة، ومن هنا حرصوا على عدم التعرض لقبر سليمان شاه (قبل أن يُنقل إلى قرية أشمة الحدودية)». ويضيف المصدر أن «نفط الدولة يباع إلى تركيا بانتظام وعبر وسطاء». وكشف أنّ «جنود الدولة من الجنسية القطرية هم من يتسلمون ملف ثروة الدولة النفطية، لكونهم يحظون بثقة عالية من الأتراك».

المصدر الذي يتنقّل بين الرقة والموصل يروي أنّ «تركيا تتعامل مع نفط الدولة الإسلامية كغنيمة حرب ولها حصة فيه… تزداد وتنقص وفق مستوى العلاقة بين الطرفين». ويشرح: «كلما تنامت المصالح بين الدولة و(الرئيس رجب طيب) أردوغان زاد التصدير، وكلما فترت العلاقة كان الردّ باتجاه (الجيش) الحر في سوريا، وباتجاه بعض الخلايا التابعة للأحرار (حركة أحرار الشام الإسلامية)».

ويلفت إلى أنّ «تركيا هي الوسيط الناقل لهذه الثروة باتجاه دول أوروبا الشرقيّة عبر قنوات تملكها». حقيقة هذه المعطيات تتوافق في ما ذهبت إليه وزارة الدفاع الروسية أمس، بتصريحها بأنّ «تنظيم داعش يحصل على مبالغ مالية كبيرة، بالإضافة إلى الأسلحة والذخيرة ومساعدات مادية أخرى من تركيا، مقابل النفط الذي ينقل إليها». وبحسب الوزارة الروسية، فإن «الغارات دمّرت 32 مركزاً و11 معملاً لتكرير النفط و23 محطة ضخ، بالإضافة إلى تدمير 1080 شاحنة كانت تقل النفط». وهذا بالفعل ما تحقّق على الأرض. غارات الطائرات الروسيّة المستمرة في قصف موارد «داعش» الاقتصادية، وضعتها في خانة الاضمحلال التدريجي، ولا سيما في ديرالزور. إذ في هذه المحافظة، ينتج التنظيم شهرياً ما يقارب مليون و200 ألف برميل نفط. لكن الغارات أدّت إلى خروج عدد كبير من الحقول عن الخدمة، وانخفاض كبير في إنتاجها النفطي، الأمر الذي دفع التنظيم أخيراً إلى الامتناع عن تسديد «زكاة النفط» للمحتاجين عن الشهر الفائت للمرة الأولى، وهو الذي دأب على تسديدها منذ سيطرته على مواقع النفط السورية. كذلك استغنى عن العديد من العمال المحليين في المواقع النفطية واستبدل عناصره بهم، لتخفيف مصاريف الإنتاج.

ورغم صعوبة الحصول على أرقام دقيقة لإنتاج النفط السوري والكميات التي يصدرها تنظيم «داعش»، بعد سيطرته على أكثر من 60% من آبار وحقول النفط السورية، فإنّ العودة لعدد من الخبراء والفنيين العاملين بقطاع النفط قبل سيطرة «داعش» عليها أوصلتنا لأرقام تقريبية لإنتاج سوريا النفطي وما يستثمره «داعش» والأكراد من مقدرات سوريا النفطيّة. إنتاج سوريا كان يقدّر بـ380 ألف برميل يومياً في نهاية عام 2010 بحسب إحصاءات وزارة النفط السوريّة. ويعتبر ريف دير الزور الشرقي خزان التنظيم النفطي في سوريا وأهم مصادر دخله، التي تتوافر له عبر استثماره لحقول التيم والتنك والعمر والجفرة والورد، ومحطات عدّة منتشرة في الريف الديري. وتدرّ على التنظيم ثروة طائلة بعد أن نجح بإعادة استثمار معظمها إثر سيطرته عليها ربيع عام 2014 بعد معارك مع «جبهة النصرة» وحلفائها. ينتج «داعش» يومياً من مواقع النفط في ديرالزور، ما بين 25 ألفاً إلى 30 ألف برميل، وبمعدل 750 ألفاً إلى 900 ألف برميل شهرياً. فيما تُنتج الشدادي والهول والرقة التي تتبع إدارياً لمديرية حقول الجبسة، ما بين 28 ألفاً إلى 30 ألف برميل يومياً في نهاية عام 2010، عبر حقول كبيبة والهول وغونة وحويزية وتشرين وكوكب، والتي استثمر التنظيم قسماً كبيراً منها مجدداً عبر إنتاج 8 آلاف إلى 10 آلاف يومياً، وبمعدل 240 ألف إلى 300 ألف برميل شهريّاً. يضاف إليها معمل غاز كونيكو في ريف دير الزور الشرقي، ومعمل غاز الشدادي، الذي حوّلهم التنظيم من معملي غاز مرافق إلى معمل غاز منزلي، لينتج يومياً ما يقارب 5 آلاف أسطوانة، بالإضافة إلى تشغيل محطات الكهرباء الواقعة تحت سيطرته في ريف دير الزور، يضاف لها آبار في البادية السورية.

وتسيطر «وحدات حماية الشعب» الكردية على 35% من موارد النفط، من خلال تحكمها بحقول نفط رميلان، التي كانت تنتج نهاية عام 2010 نحو 160 ألف برميل يومياً عبر حقول رميلان ـ كراتشوك ـ سويدية، و14 محطة نفطية يصب فيها إنتاج أكثر من 1300 بئر نفطي وغازي، وينتج منها الأكراد حالياً ما يزيد على 20 ألف برميل يومياً، أي 600 ألف برميل شهرياً.

ويبيع التنظيم برميل النفط في منطقة التكرير (للتجار المحليين) مقابل 15$، وعلى الحدود مقابل 20$. وهو يملك محطات خاصة به توقفت حالياً عن البيع المباشر في السوق المحلية.

 

طريق القوافل-

وفي ما يخصّ «طريق التصدير»، تقول مصادر متابعة لـ«الأخبار» إنّ «الطريق الرئيسي الذي يستخدمه التنظيم لنقل النفط معروف لدى أهالي المنطقة، ويمر بالحدود العراقية وصولاً إلى أرياف الحسكة وديرالزور والرقة وحلب». المصادر كشفت أنّ «قوافل النفط العراقي تصل من الحدود العراقية إلى ريف دير الزور الشرقي وتلتحق بها قوافل ريف الشدادي، وتعبر باتجاه بلدة مركدة في ريف الحسكة الجنوبي، ومنها إلى الرقة فجرابلس (ريف حلب الشمالي)، فالحدود التركية». وأكدت المصادر أنّ «هذا الطريق سلكته آلاف القوافل منذ أكثر من عام دون التعرض لها من طائرات التحالف الأميركي التي تقصف المنطقة بشكل متواتر».

لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة