اختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قاعة القديس جورجيوس، وهي قاعة المجد القتالي في الكرملين، لتوجيه رسائل نارية ضد تركيا، على خلفية اسقاط طائرة «السوخوي» في اجواء سوريا.
وفي رسالته إلى الجمعية الفيدرالية (البرلمان)، هدد بوتين تركيا بأنها «ستندم» على اسقاط الطائرة الروسية، قائلاً ان الرد لن يقتصر على «الطماطم» (البندورة)، في اشارة الى وقف استيراد المنتجات الزراعية، لكنه اكد ان هذا الرد لن يكون «هستيرياً».
واستهل بوتين خطابه السنوي بتوجيه الشكر الى الطيارين الروس الذين يحاربون الارهاب الدولي.
وقال «اليوم، في قاعة القديس جورجيوس، وهي قاعة المجد القتالي الروسي، يحضر الطيارون العسكريون المشاركون في عملية مكافحة الارهاب في سوريا، وقد انضم الينا افراد عائلة الطيار الشهيد، ونحن ننحني أمامكم، وامام والدي ابطالنا».
واكد بوتين ان «روسيا منذ فترة طويلة تتقدم جهود محاربة الارهاب، وهذا هو النضال من اجل الحق والعدالة والحضارة البشرية».
واضاف «نحن نعرف معنى العدوان الارهابي، حيث حاربت روسيا الارهاب منذ منتصف التسعينيات، وقد تعرضت بلادنا لهجمات ارهابية شرسة… وخلال عشر سنوات دحرنا الخطر الارهابي، وطردنا الارهابيين من ارض روسيا، ولكننا حتى الآن نطارد الخلايا الارهابية النائمة».
وحذر الرئيس الروسي من الخطر الهائل الذي يمثله الإرهابيون من روسيا ورابطة الدول المستقلة الذين يحاربون في سوريا. وقال «علينا أن نواجههم ونقضي عليهم قبل أن يقتربوا من حدودنا».
واشار بوتين الى أنه لهذا السبب قررت موسكو بدء عمليتها الجوية ضد الإرهاب الدولي في سوريا، والتي تجري على أساس طلب رسمي من الحكومة السورية الشرعية.
واوضح بوتين ان «الإرهابيين المتمركزين في سوريا يشكلون خطرا خاصا بالنسبة لنا، ومن بينهم عدد كبير من المتطرفين المنحدرين من روسيا وجمهوريات رابطة الدول المستقلة».
واضاف «إنهم يحصلون على الأموال والأسلحة ويعززون قدراتهم. وإذا زادت قوة هؤلاء، فسينتصرون في سوريا، ومن ثم سيتوجهون إلى ديارنا حتماً، لكي يزرعوا الخوف والكراهية ويدبروا تفجيرات ويقتلوا ويعذبوا المواطنين».
وجدد الرئيس الروسي دعوته إلى تشكيل جبهة دولية موحدة لمواجهة الإرهاب تعمل على أساس القانون الدولي.
وقال «نواجه من جديد أيديولوجية همجية هدامة، ولا يجوز لنا أن نسمح للمتشددين الجدد بتحقيق أهدافهم، بل علينا أن نترك الجدل وكافة الخلافات جانبا، ونشكل جبهة موحدة قوية مناهضة للإرهاب تعمل على أساس القانون الدولي وبرعاية الأمم المتحدة».
وشدد بوتين على أن «كل دولة متحضرة ملزمة بالمساهمة في إلحاق الهزيمة بالإرهاب، وبإثبات تضامنها، ليس قولا فحسب، بل وفعلا».
وأوضح أن ذلك يعني عدم تقديم أي ملاذ للإرهابيين وتجنب الكيل بمكيالين، في ما يخص ظواهر الإرهاب، وتفادي إقامة اتصالات بأي تنظيمات إرهابية والمراهنة عليها لتحقيق أهداف ما، وعدم عقد أي صفقات تجارية مع تلك التنظيمات.
وأعرب الرئيس عن قناعته بأنه من المستحيل القضاء على الإرهاب اعتمادا على قدرات دولة واحدة، ولا سيما في الظروف الراهنة، حيث باتت الحدود مفتوحة والعالم يعيش عصر هجرات جديدة.
وحذر بوتين من أن «الخطر الإرهابي في العالم ينمو، حيث تحولت سوريا والعراق وليبيا إلى مناطق فوضى تمثل خطرا على العالم برمته».
وأضاف: «إننا نعرف لماذا حصل ذلك، ونعرف من أراد إطاحة الأنظمة التي لا تروق له، وفرض قواعده بصورة فظة. وما النتيجة؟ لقد دمروا كيان الدول، وزرعوا الفتنة بين الناس، ومن ثم غسلوا أيديهم، وفتحوا الطريق أمام المتشددين والمتطرفين والإرهابيين».
وشدد على أن الهدف الرئيسي للعملية الروسية في سوريا يتعلق بضمان أمن المواطنين الروس.
واكد بوتين ان «السلاح الروسي يثبت فعاليته في سوريا، أما خبرة استخدامه في ظروف القتال، فتتراكم ليتم استخدامها لاحقا من أجل مواصلة تطوير أسلحتنا ومعداتنا القتالية».
وفي ما يتعلق بالتوتر القائم مع تركيا، قال بوتين «لن نستعرض القوة بالسلاح ولكننا لن نكتفي بالطماطم»، في إشارة الى العقوبات الاقتصادية التي فرضتها موسكو على انقرة.
وتابع «سنــذكرهم مرارا بما ارتكبوه، فسيــندمون كثــيرا علــيه مرة بعد مرة. إننا نعرف ما علينا أن نفعل».
واتهم بوتين القيادة التركية بعقد صفقات نفط مع الإرهابيين قائلا: «إننا نعرف جيدا من أولئك في تركيا الذين يملأون جيوبهم ويساعدون الإرهابيين في الحصول على عائدات من النفط المسروق في سوريا. ونتذكر ان الارهابيين الذي حاربوا في شمال القوقاز، في مطلع القرن الحالي، وجدوا ملاذاً ودعماً معنوياً وماديا في تركيا… إننا لن ننسى هذه المعاونة للإرهابيين أبداً».
واشار بوتين الى انه لا يعلم لماذا اقدم الاتراك على اسقاط الطائرة، قائلاً «الله ربما وحده يعلم لماذا فعلوا ذلك… وعلى ما يبدو فإن الله قرر معاقبة الزمرة الحاكمة في تركيا، حارما إياها من التفكير العقلاني والمنطق».
وشدد على أن موسكو سترد، ولكن «من دون هستيريا»، موضحا: «سننطلق في ردنا قبل كل شيء من المسؤولية التي نتحملها أمام البلاد وأمام شعبنا».
وقال بوتين ان «لروسيا أصدقاء موثوقين كثيرين في تركيا، ويجب أن يعلموا أن موسكو لا تطرح علامة المساواة بينهم وبين النخبة التركية الحاكمة التي تتحمل مسؤولية مباشرة عن مقتل العسكريين الروسيين في سوريا».
وفي خضم عاصفة الرد الروسي، لم يثر اللقاء بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والتركي مولود جاوش اوغلو على هامش اجتماع لوزراء منظمة الامن والتعاون في اوروبا في بلغراد، سوى امل ضئيل بالتهدئة.
وصرح جاوش اوغلو «عبرنا عن حزننا وقدمنا تعازينا في مقتل الطيار الروسي»، حسبما نقلت عنه وسائل اعلام تركية.
وهذا اول اتصال على هذا المستوى بين البلدين منذ اسقاط الاتراك الطائرة الروسية في 24 تشرين الثاني الماضي.
واشاد الوزير التركي باجواء اللقاء، لكنه قال انه «من غير الواقعي القول انه تم تجاوز المشاكل في هذا اللقاء الاول».
واضاف «من المهم الحفاظ على قنوات الحوار مفتوحة وهناك من الجانبين رغبة في عدم تصعيد التوتر وانا على يقين من ان المنطق سيطغى على العاطفة».
واكد لافروف في تصريحات للتلفزيون الروسي عدم احراز تقدم. وقال «اجتمعنا مع السيد جاوش اوغلو. لم نسمع شيئا جديدا. واكد الوزير التركي الموقف الذي اعلنوه سابقا، واكدنا نحن موقفنا».
وقبل هذا اللقاء كان كبار المسؤولين الروس يرفضون اي اتصال مع نظرائهم الاتراك، ويطالبون انقرة باعتذار رسمي.
ورفض الرئيس الروسي الرد على اتصالات الرئيس التركي رجب اردوغان الهاتفــية، كما رفض مقابلته في قــمة المــناخ في باريس.
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي