نفط “داعش”.. من زاخو إلى جيهان
لا يبيع تنظيم “داعش” النفط المسروق للأشباح، كما يحاول البعض الإيهام بذلك من خلال الحديث عن أبعاد هذه التجارة الإجرامية من دون التطرق إلى زبائن عمليات التهريب الكبرى بالمنطقة.
يتسم ملف نفط داعش المهرب بالضبابية نظرا لحساسيته ولعلاقته بأطراف في الصراع في سوريا والعراق ولحسابات القوى العظمى وبخاصة الغرب، إذ لم يصبح الذهب الأسود الذي يعتاش منه ويتقوى تنظيم “داعش” هدفا للغارات الجوية إلا بعد أن أظهر الروس أشرطة عمليات قواتهم الجوية ضد معامل تكريره واستخراجه وشاحناته، بعدها التفتت الولايات المتحدة فجأة إليه، في حين أنه كان طيلة أكثر من عام بمنأى عن غاراتها.
ومن جهة أخرى، دأبت واشنطن على إرسال دعواتها إلى أنقرة لغلق “الثغرات” في حدودها أمام إمدادات “داعش”، وأن تضرب مواقع التنظيم المتطرف لا مواقع الأكراد، من دون أن يصدر منها أي موقف جاد حيال شاحنات النفط التي تهرب النفط شمالا.
بعد أن كشفت موسكو المستور وأظهرت بالصور حجم تهريب نفط “داعش” من العراق وسوريا باتجاه تركيا، لم تجد واشنطن وعدد من الدول الغربية بداً من الالتفات عن كل ذلك، والرد باتهام دمشق بأنها أكبر زبون لنفطها المسروق. وفي هذه المرة أيضا من دون تقديم أي دليل ملموس.
هذه الاتهامات كان سوّق لها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشهر الماضي بقوله: “تخدم جميع المنظمات الإرهابية اليوم مصالح نظام الأسد بطريقة مباشرة وغير مباشرة. يساند نظام الأسد تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي. ويمارس الأسد في هذه الأثناء شراء وبيع نفط داعش. على المرء أن يكون أعمى كي لا يرى هذا الأمر الجلي!”.
وهكذا ببساطة تنصل أردوغان من هذه التهمة ملقيا بها على الطرف الآخر من دون أي أدلة تسندها، ورأى ما عنّ له، لا ما هو موجود أمامه فعلا.
جرى ذلك فيما اتهم تقرير صادر عن معهد حقوق الإنسان في جامعة كولومبيا أنقرة بتزويد تنظيم داعش بالمعدات العسكرية وبتدريب مسلحيه وعلاج جرحاه ودعمه ماليا بشراء النفط منه.
زد على ذلك أن فريقا من خبراء أسواق النفط، أشار مؤخرا إلى رصد زيادات في الطلب على النفط الخام في ميناء جيهان جنوب شرق تركيا.
وأوضح George Kiourktsoglou أحد أعضاء الفريق أن هذه الزيادة تزامنت مع حملة القصف الجوي من قبل بعض الدول الغربية ضد مواقع تنظيم داعش، مضيفا “يبدو أن إمدادات النفط الخام المهرب من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش تباع في جميع أرجاء هذه المنطقة، وربما يجد قسم منها طريقه نحو ميناء جيهان ومنه إلى أسواق النفط الخام الدولية”.
ومن جهة أخرى، ذكر موقع “The Globes” الإسرائيلي المتخصص في الشؤون الاقتصادية أن المهربين الأكراد والأتراك يشترون النفط من داعش وينقلونه عبر الأراضي السورية والعراقية ثم يبيعونه بما في ذلك لإسرائيل.
وقدّر الموقع الاقتصادي الإسرائيلي أن “داعش” يبيع ما بين 20 – 40 ألف برميل يوميا، بمداخيل تتراوح بين 1 – 1.5 مليون دولار.
وأشار”The Globes” إلى أن النفط الخام يستخرج من مدينة دير الزور شرق سوريا، وأيضا من حقلين في العراق، ثم ينقل إلى مدينة زاخو الواقعة في محافظة دهوك في كردستان العراق القريبة من الحدود مع تركيا وسوريا، لافتا إلى أن وسطاء أتراك وإسرائيليين يتدفقون على زاخو حيث يعقدون صفقاتهم بأسعار تتراوح بين 15 – 18 دولارا للبرميل، في حين يبلغ سعر النفط الخام في الأسواق العالمية بين 41 – 45 دولارا للبرميل.
وتقوم فيما بعد، بحسب الموقع الاقتصادي الإسرائيلي، شبكة التهريب بنقل النفط الخام عبر الأراضي التركية إلى الموانئ ومنها إلى موانئ المشترين، مضيفا أن إسرائيل هي أحد المشترين الرئيسيين للنفط غير الشرعي.
هذا الأمر، أكدته صحيفة “Financial Times” في أغسطس/آب الماضي، حيث أفادت بأن إسرائيل استلمت في الفترة الأخيرة 75% من النفط من كردستان العراق. وأكثر من ثلث هذه الواردات وصل عن طريق ميناء جيهان التركي الذي رجحت الصحيفة أن يكون بوابة نفط “داعش” الخام المهرب.
محمد الطاهر
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي