إذا ضاقت بك الارض بما رحبت وتخلى عنك الاصدقاء وخذلك الحلفاء واستقوى عليك الخصوم. اذا ارتكبت الاخطاء واخطأت الحسابات ووقعت في مأزق سياسي او امني واجمع على ادانتك الجوار والبعيدون، اذا اغلق الغرب ابوابه في وجهك وكتبت سجلا في مجال حقوق الانسان بالحبر الاسود واذا لوحت لك امريكا بعصاها الغليظة.
عليك بالوصفة السحرية “اسرائيل” اذا طرقت بابها ستفتح لك الابواب في الشرق والغرب.
وهذا كان خيار الرئيس رجب اردوغان الراهن، ان يولي الوجه شطر “اسرائيل” لتبتسم له الوجوه من جديد. لم تعد سرا وثيقة التفاهمات الاسرائيليّة – التركيّة لإعادة العلاقات بين الجانبين إلى سابق عهدها.
بعد لقاء سريّ جمع في سويسرا رئيس مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ ورئيس جهاز “الموساد”، يوسي كوهين، ومساعد وزير الخارجية التركيّ، فريدون سينيرلي أوغلو. تخلت بموجب الوثيقة أنقرة عن مطلب رفع الحصار عن غزة وعن الدعاوى القضائية بحق جنود وضباط الجيش الإسرائيليّ، على خلفية الاعتداء الإسرائيليّ على سفينة مرمرة بالإضافة إلى موافقة “إسرائيل” على التأسيس لصندوق خيري لشهداء السفينة التي كانت متجهة لكسر الحصار عن غزة، إلى جانب استعداد تركيا للتضييق على حركة نشطاء حماس ومرور أنبوب الغاز الإسرائيليّ عبر أراضيها، ومنع القياديّ في حركة حماس، صلاح العاروري، من الدخول والإقامة في تركيّا.
هكذا اتجهت تركيا الى الوصفة السحرية، بعد ان تأزمت علاقتها بموسكو وهددها بوتين بعقوبات قاسية، ولاحقتها تهمة شراء النفط من تنظيم الدولة (داعش) وتمرير السلاح له، وساءت علاقتها ببغداد بعد دخول قواتها الى الموصل، وقطعت كل الجسور مع الحكومة السورية التي لاتزال تصر على إسقاطها، وانتهت علاقتها بالحكومة المصرية بعد ان رفع اردوغان شعار رابعة مطالبا بعودة الرئيس السابق محمد مرسي، وتجمدت علاقتها بايران بسبب التباين في سوريا. واهتزت علاقتها بالسلطة الفلسطينية بعد حجز وترحيل القيادي بفتح توفيق الطيراوي. عدا عن العلاقة السيئة مع دولة الامارات، واتهامات الغرب لها بافتعال ازمة الاجئين ودفهم الى اوروبا.
من اجل كل هذا سلكت تركيا طريق الوصفة السحرية التي قد تحل لها كمّا من هذه المشكلات، لا نعرف ما اذا كان الرئيس اردوغان قد وصل الى الوصفة بذكائه وفطنته ام ان احدا من حكامنا العرب قد دله عليها، ام انها وصفة مجربة ومشهورة في منتطقتنا ، النتيجة هي وصفة كانت ناجعة ومفيدة لمن جربها، لها مفعول سحري في فتح الابواب الموصدة في الغرب، وفي غلق الابواب المفتوحة على المشاكل. وبعض العرب قد سبقوا الرئيس اروغان اليها.
يقول احد الكتاب الاتراك مبررا المصالحة مع “اسرائيل”، “ان الحوار هو السبيل لحل الازمات. وان الطرق الدبلوماسية هي في النهاية يجب ان تسود في العلاقات الدولية”، يجيبه كاتب عربي مقيم في واشنطن “انا اوافق تماما ولكن لماذا لم يتخذ الرئيس اروغان نهج المصالحة ذاته مع الحكومة السورية”، او الحكومة الروسية او الحكومة المصرية او يتنازل للحكومة العراقية ويسحب قواته من ارضها بدلا من التنازل لـ”اسرائيل”.
دعوني اكمل انا الحوار هنا افتراضا
.. يقول التركي “لان الرئيس بشار الاسد يقتل شعبه”
وماذا تفعل “اسرائيل” منذ 66 عاما؟؟
يقول التركي “الروس انتهكوا الاجواء التركية وهذا امتهان للسيادة وليس منطقيا ان يطلبوا منا الاعتذار”.
هل انتهاك طائرة الاجواء 17 ثانية اهانة لا تستوجب الاعتذار لإسقاطها ومقتل طيارها وتستحق ان تنفض لها تركيا مغامرة بكل مصالحها، بينما مقتل مواطنين أتراكا عزلا في عرض البحر يستوجب التنازل والمصالحة والتخلي والمهادنة؟؟
اذا كان ثمة من رصيد باقي في جعبة الرئيس اردوغان فهو اهتمامه وبغض النظر عن الاسباب بحصار قطاع غزة والمعاناة الفلسطينية، وهو رصيد جعله بطلا في عيون معظم الفلسطينيين، وها هو يخسر هذا الرصيد ايضا بتخليه عن مطلب رفع الحصار عن القطاع ورضوخه لـ”اسرائيل” في توقيت يعيش فيه الشعب الفلسطيني مخاض انتفاضته الثالثة.
الوصفة السحرية التي سار اليها الرئيس اروغان هي وصفة مجربة هذا صحيح، وخيار ذكي وفق البرغماتية السياسية وليس وفق المبدأ ولكن هل لازالت سارية المفعول الى اليوم، وهل ستساعده “اسرائيل” فعلا كما يحسب. هذا مشكوك فيه، “اسرائيل” نفسها لا تثق باردوغان حسب ما صرح اكثر من مسؤول اسرائيلي، ونظن انه في هذا الوقت “اسرائيل” تحتاج الى وصفه سحرية ايضا.
كمال خلف / رأي اليوم
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي