إعداد: ميسون أبو الحب –
اعدت صحيفة نيويورك تايمز ملفا خاصا عن النظريات المتعلقة بالانظمة الغذائية التي طرحها مختصون منذ سبعينات القرن الماضي حتى يومنا هذا، اوضحت فيه مدى التناقض بين مختلف نظريات التغذية التي طرحت حتى الآن.
يقع الملف في شكل أفلام وثائقية ومقالات وأهم ما نستخلص منه أن الانظمة الغذائية التي اقترحت وروج لها حتى الآن تبدو متناقضة ومتعارضة. ففي مرة يقول مختصون “تجنبوا تناول البيض فهو يؤدي إلى تصلب الشرايين” ثم نقرأ بعد فترة “البيض فيه مواد غذائية مهمة ويجب تناوله ثلاث مرات في الاسبوع على الأقل”.
أو قد نقرأ ايضًا “انتباه، القهوة قد تسبب الاصابة بالسرطان” ثم نقرأ في دراسة لاحقة “القهوة تساعد على تحسين عمل الدماغ”.
هذان نموذجان لما يعرض على الناس يوميا من معلومات بحيث إن المرء يضيع تماما بين هذه المعلومة وتلك ولا يعرف في النتيجة كيف يتصرف.
بدأت صحيفة نيويورك تايمز بسبعينات القرن الماضي عندما قال المسؤولون الصحيون بثقة لا تهتز بأن من الضروري تجنب تناول الاطعمة الدهنية من اجل حياة طويلة وصحية.
وطبعا تحولت الاطعمة الخالية من الدهون إلى تجارة لدى شركات صناعة الاغذية التي اصبحت تبيع منتجات خاصة تقول إنها خالية من الدهون.
تناولوا الدهون
تشير الصحيفة الى كلام مناقض صدر عن واحد من اشهر المختصين وهو الدكتور روبرت سي آتكنز وهو اخصائي في امراض القلب توفي في عام 2003.
وكان آتكنز ينصح مرضاه بتناول الاطعمة الدهنية واللحوم والبيض وبالابتعاد عن المعكرونة والخبر وغيرها من المواد الغنية بالكربوهيدرات.
ومع ذلك ورغم ما اقترحه آتكنز جاء آخرون ليقولو إن الدهون سيئة للصحة، وهي الفكرة السائدة بشكل عام حاليا، ولكن الناس لا تفرق دائما بين الدهون المشبعة (اللحوم والبيض ومنتجات الالبان) وغير المشبعة (الاسماك والزيوت النباتية والمكسرات).
ويقول غاري توبز وهو عالم صحفي، ومؤلف كتاب “لماذا نصاب بالسمنة”، يقول إن كل هذا الكلام متناقض تماما فالناس عندما يقللون تناول الدهون يبدلونها بالكربوهيدرات وتكون النتيجة السمنة ثم البدانة.
79 مليون بدين
وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن من الواضح ان البدانة تحولت الى داء منتشر من الصعب التغلب عليه علما ان 35% من البالغين الأميركيين اي حوالى 79 مليون شخص مصابون بهذا الداء في الولايات المتحدة، حسب ارقام مراكز السيطرة على الامراض والوقاية. وهناك عشرة ملايين شخص آخرون مصابون بزيادة الوزن.
وبالنتيجة كل هذا يؤدي الى الاصابة بمرض السكري الذي تحول الى داء وطني في الولايات المتحدة رغم ان ارقاما رسمية اشارت الى تناقص ظهور حالات جديدة.
اما بالنسبة لنظام غذائي قليل الدهون فأظهرت دراسة اجريت في عام 2006 بأن فوائد هذا النظام عرضت بشكل مبالغ فيه إذ لاحظت ان هذا النظام لا يقلل من الاصابة بأمراض القلب ولا بالسرطان، وهي اهم اسباب الموت في الولايات المتحدة.
ويأتي ملف نيويورك تايمز الخاص هذا مع توقع نشر الحكومة الفيدرالية هذا الشهر كانون الثاني (يناير) توصياتها بالنسبة لأفضل نظام غذائي يمكن للاميركيين اتباعه، وهي توصيات اعتادت الحكومة نشرها كل خمس سنوات اعتمادا على توصيات لجنة استشارية تابعة لوزارات الصحة والزراعة وجهات مختصة اخرى.
القضية معقدة
النظام الغذائي متعدد بتعدد المروجين له فلكل رأيه ولكل طريقته في النظر إلى الامور ولكل حساباته العلمية وغير العلمية فيما يحذر خبراء تغذية آخرون بالقول إن القضية اعقد من ذلك بكثير ولا يعتمد وضع الانسان الصحي على ما يأكل على الدوام.
من هؤلاء الدكتورة باربارا هوارد التي شاركت في الدراسة الفيدرالية في عام 2006 إذ قالت “لن نغير خريطة الامراض من خلال تغيير مكونات الطعام” واضافت “يعتقد الناس على الدوام ان ما يتناولونه من اطعمة يقف وراء اي اصابة بأي مرض ولكنهم لا ينظرون الى الكمية التي يتناولونها وهل يدخنون ام لا وهل يتحركون بما يكفي ام لا؟”.
وتقول الصحيفة نقلا عن خبراء إن امورا اخرى قد تؤدي الى السمنة ثم الى البدانة مثل نظام النوم والاستعداد الجيني وتفاعلات الميكروبات داخل جسم الإنسان نفسه بل وذهب بعض الخبراء الى حد التشكيك باهمية ممارسة الرياضة للتخلص من الوزن الزائد.
على اية حال، تحديد نظام غذائي صحي ليس بالأمر السهل. ويقول الدكتور داريوش مظفريان وهو مختص بالتغذية في جامعة تافتس إن الافكار السائدة في العادة ليست دائما صحيحة ولاحظ أن اغلب النصائح الخاصة بالنظام الغذائي تعتمد على تقديرات وتخمينات وقال “اعتقد اننا لا نعرف غير 50 بالمائة فقط مما يجب ان نعرف”.
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي
اضف تعليق