مرة أخرى، يعود الكاكاو إلى دائرة الدراسات والأبحاث، ليرفع من قيمته الغذائية عند محبيه، وليزيد من استهلاكهم له. فكلنا سمع عن مدى فائدة الشوكولا بالنسبة للبشرة، كذلك تأثيره في حرق الدهون. كما وأنه يعتبر مضاداً للسعال، وله تأثير في توسعة الأوعية الدموية داخل الجسم. إلا أن دراسة حديثة أجراها طاقم الدكتور فرزانيه سوروند من جامعة «هارفرد»، ونشرت في مجلة «نورولوجيه»، أضافت فائدة جديدة للكاكاو. حيث تبين أنه بإمكانه تعويض نقص محدود، في مستوى القدرات الذهنية، وذلك عند الأشخاص المتقدمين في العمر.
يقول الدكتور بول روزنبرغ، أخصائي في مرض الزهايمر من مدرسة «جون هوبكز» للطب، وذلك في تعليق له عند نشر الدراسة: «بالرغم من كون الدماغ لا يشكل سوى 2% من وزن الجسم، إلا أنه يستهلك أكثر من 25% من الأوكسجين والطاقة في جسم الإنسان». ويضيف: «عند بدء الدماغ في النشاط، فإن مستوى تدفق الدم إليه يزداد وذلك لتأمين وصول الغلوكوز له. وأي تأثير في هذه العلاقة، والتي تسمى الاقتران العصبي _ الوعائي من شأنه أن يلعب دوراً مهماً في معالجة بعض الأمراض ومنها الزهايمر».
عمل القائمون على هذه الدراسة، على هدفين اثنين: أولاً ملاحظة العلاقة بين الثنائي العصبي _ الوعائي والوظائف العقلية من جهة، وتأثير الكاكاو على تلك العلاقة من جهة أخرى. وتم اختيار عينة اختبار، شملت 60 شخصاً بعمر متوسط 73 عاماً. وممن لم يظهروا في السابق، أي عارض من عوارض الخرف. وقد أجريت لهؤلاء فحوصات «دوبلر»، وذلك لتحديد مستوى تدفق الدم في الشريان الدماغي أثناء خضوعهم لاختبارات إدراكية بسيطة. وقد جاءت النتيجة حاسمة: «إن الأشخاص الذين أظهروا ضعفاً في الاقتران الوعائي العصبي أثناء الاختبار في اليوم الأول، تحسنت هذه العلاقة لديهم بنسبة 8.3%، وذلك بعد علاج ارتكز على تناول شراب الكاكاو الساخن يومياً. بينما لم يلاحظ أي تغير على مستوى العلاقة الاقترانية تلك، عند الأشخاص الذين لم يخضعوا لهذا النوع الجديد من العلاج».
بانتظار المزيد
يقول روزنبرغ: «على الرغم من ضرورة التعمق في الأبحاث مستقبلاً، لتأكيد العلاقة السببية بين استهلاك الكاكاو وبين الأمراض الوعائية والخلل الإدراكي، إلا أن هذه الدراسة تعد خطوة أولى في هذا المجال، وذات دلائل موثوقة».
كما ويشير أخصائي الأعصاب برونو كولي، إلى أنه وبالرغم من النتائج المهمة لهذه الدراسة، إلا أنها تعد أولية باعتبار أن فريق العمل ركز على الشريان الدماغي الأوسط في حين أن الفهم العميق لعلاقة الثنائي العصبي- الوعائي، تتطلب تركيزاً أكبر على الشرايين الدقيقة التي تتشعب داخل الدماغ، والتي تلعب دوراً كبيراً أيضاً في تحديد شكل العلاقة الثنائية تلك.
مادة مثيرة للجدل
في الدراسات السابقة، أرجع الباحثون الفوائد المتعددة للكاكاو، إلى مادة «الفلافانول» الموجودة فيه. إلا أن هذه الدراسة الجديدة والتي عمل عليها فريق الدكتور سورند، أثبتت أن هناك مكونات أخرى في الكاكاو، هي المسؤولة عن رفع مستوى تدفق الدم إلى الدماغ.
وقد تبين ذلك من خلال ملاحظتهم لأثر الكاكاو «الفقير بالفلافانول»، على علاقة الثنائي العصبي-الوعائي، عند الأشخاص الذين قاموا بتناول شراب الشوكولا الساخن. حيث أن تدفق الدم في الأوعية الدماغية، ارتفع عندهم أيضاً، بالرغم من نسبة الفلافانول المتدنية في الكاكاو. وقد صرح الدكتور سورند: «إن الأبحاث الجارية الآن، تقوم على اكتشاف واختبار تلك المكونات الأخرى، والتي يرجع إليها الفضل في تكريس هذه الفائدة الجديدة للكاكاو».
إن الهدف من الدراسات التي تجري الآن، ليس التأكيد على منافع الشوكولا فحسب. فلا يوجد بيننا من يحتاج لأبحاث لتدفعه لاستهلاك الكاكاو. إلا أنها تعد ذات أهمية كبيرة، كونها قادرة على أن توصل العلماء لاكتشاف أدوية وقائية أو حتى علاجية، لمرض الزهايمر وغيره من أمراض الانحلال العصبي.
في انتظار مزيداً من الاكتشافات، لا شيء يمنعك من تناول قطعه صغيرة أو قطعتين من الشوكولا، ولو كان ذلك بهدف المتعة فقط!
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي
اضف تعليق