هجوم بوركينا فاسو هو الأكثر جرأة حتى الآن في تقدم المتشددين جنوبا

من ايما فارج –
دكار (رويترز) – قال الرئيس الفرنسي فرنسوا أولوند في كلمته عام 2013 التي أعلن فيها النصر على جهاديين في مالي كانوا قد سيطروا على شمال البلاد قبل عام إنه لولا تدخل بلاده العسكري لكان “الإرهابيون في باماكو الآن.”
 
ولكن بعد عامين تحولت عبارته الخطابية – التي كان الهدف منها طرح سيناريو مفزع لكن غير محتمل – إلى حقيقة واقعة. فانتشر الجهاديون الذين يبحثون عن أماكن اختباء جديدة وأهداف أكبر باتجاه الجنوب من قواعدهم في الصحراء إلى مدن كبيرة كان يسودها الاستقرار في الماضي.
 
ومنذ نوفمبر تشرين الثاني الماضي أغار مقاتلو تنظيم القاعدة على فنادق في عاصمتي مالي وبوركينا فاسو مما أسفر عن مقتل عشرات الغربيين في هجومين متماثلين تميزا أساسا بدرجة أعلى من المهارة.
 
وزرع مهاجمون في واجادوجو متفجرات لإبطاء المسعفين ووجهوا رسالة مسجلة بدا انها من موقع الهجوم تحمل عنوان “رسالة موقعة بالدم والأشلاء.”
 
وأصبحت الصحاري وغابات السافانا النائية في منطقة غرب ووسط أفريقيا الناطقة بالفرنسية منطقة مغلقة فعليا أمام الغربيين على مدى سنوات بسبب مخاوف من عمليات خطف بعد أن كانت المنطقة ساحة لعب للمتنزهين وصائدي الأسود.
 
وكان من المعتقد أن الفنادق الفاخرة في المدن الكبرى آمنة.
 
فعادة ما يقيم فيها الأشخاص الذين يحاولون حل مشكلات منطقة الساحل وهي منطقة هشة تعاني من الفقر على مشارف الصحراء حيث تحاول الحكومات جاهدة إتاحة الفرص للسكان وغالبيتهم من الشبان.
 
وعادة ما يستقبل فندق اسبلنديد في بوركينا فاسو الجنود الفرنسيين في حين كان فندق راديسون بلو في مالي يستضيف فريقا يحاول تنفيذ اتفاق سلام توسطت فيه الأمم المتحدة في مالي عندما تعرض للهجوم.
 
وعلى الرغم من مليارات الدولارات التي دفعها الغرب في المساعدات وقوات حفظ السلام ومكافحة الإرهاب تزحزحت علامات الخطر الحمراء على خرائط القنصلية الفرنسية غربا من معقل للجهاديين في شمال مالي إلى داخل بوركينا فاسو.
 
وقالت سينثيا اوهايون وهي محللة مختصة بشؤون غرب أفريقيا لدى المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات في اتصال هاتفي من واجادوجو “ليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأن بوركينا فاسو ستكون آخر الدول التي تتعرض لهجمات.”
 
وأضافت مشيرة إلى السنغال وساحل العاج “إذا هاجمت العاصمة ينظر للهجوم على أنه أشد أثرا والتهديد قائم لمدن أخرى مثل دكار وأبيدجان.
 
* مخاطر على المنطقة
 
تقول فرنسا إن قوة (برخان) التابعة لها ويبلغ قوامها 3500 جندي والتي حلت محل عملية سيرفال عام 2013 في مالي وتتمتع بتفويض اقليمي أوسع نطاقا قد احرزت تقدما ونفذت 150 عملية في العام الماضي.
 
لكن أوهايون تقول إن فرنسا ربما تكون ساهمت فعليا في انتشار الجهاديين بطردهم من معقلهم السابق في صحراء مالي في الشمال باتجاه بوركينا فاسو التي تسعى للخروج من اضطرابات في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق بليز كومباوري الذي حكم البلاد لفترة طويلة حتى 2014.
 
وحذرت فرنسا في إشارة على امتداد سطوتها من مخاطر الخطف في منطقة تنزه شهيرة تمتد بين بوركينا فاسو وبنين والنيجر وتقع على مسافة تزيد على 600 كيلومتر شرقي الحدود المالية.
 
واختطف استراليان كذلك في شمال بوركينا فاسو يوم السبت بعد اسبوع من خطف مواطن سويسري في مدينة تمبوكتو في شمال مالي.
 
وتقول مصادر أمنية إن زيادة حالات خطف الغربيين بعد فترة هدوء نسبي قد تكون محاولة يقوم بها تنظيم القاعدة في بلاد الغرب الإسلامي لملء خزائنه بأموال الفدى. ويقولون كذلك إن الجهاديين يتربحون من تجارة العاج المزدهرة في المنطقة.
 
وطالبت مالي بقوة تدخل سريع لقتال المتشددين وحذر وزير الخارجية عبد الله ديوب هذا الأسبوع من أن المنطقة قد تكون “محاصرة بسبب صلات أو ربما تحالفات بين جماعات ارهابية في الساحل” مشيرا إلى تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا في الشمال وبوكو حرام في الشرق.
 
وتتم هذه الصلات بالفعل على نطاق محدود. فقد قال تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في تسجيلات بالفيديو في الفترة الأخيرة نشرت في إطار حملة إعلامية واسعة النطاق إنه تحالف من جماعة المرابطون بقيادة الجهادي الجزائري مختار بلمختار.
 
* جهاديون “بمظهر البراءة”
 
يقول توماس مايلز وهو باحث مستقل مختص بشؤون منطقة الساحل إنه ليس هناك إشارات تذكر على انتهاء عمليات التجنيد في المناطق النائية منذ التدخل الفرنسي عام 2013 رغم أن هذه العمليات ربما تباطأت.
 
وقال مايلز الذي يؤلف كتابا عن المنطقة “السلاح الحقيقي الذي راكمه تنظيم القاعدة على مر السنين ليس هو الذخيرة والرصاص بل هؤلاء الشبان ذوي الوجوه الطفولية الذين نشأوا فعليا داخل هذه الخلايا ومستعدون للموت.”
 
ووصف شهود أحد منفذي هجوم واجادوجو بأنه شاب افريقي أسود كما كان المسلحان من باماكو كذلك من صغار السن. ولم يتم تحديد هوياتهم رسميا.
 
ويشكو جيش مالي من أن عدم تنفيذ اتفاق سلام بين الحكومة وجماعات علمانية مسلحة تم توقيعه قبل ستة أشهر زاد من صعوبة قتال الجهاديين بسبب عدم قدرة الجيش على التمييز بين المقاتلين.
 
وسهل عدم إحراز تقدم كذلك تشكيل جماعات جهادية محلية جديدة مثل “جبهة تحرير ماسينا” في مالي حيث يعاني 60 بالمئة ممن تقل أعمارهم عن 35 عاما من البطالة.
 
وربما تتشكل جماعات أخرى في مناطق أخرى في الساحل.
 
وقال مايلز “لن تكون ميليشيات ضخمة لكن طالما تستطيع التحايل للخروج من الفقر .. ستجد مجندين من بين أفراد الشعب الذين لا يجدون ما يعيشون من أجله.”
 
(إعداد لبنى صبري للنشرة العربية – تحرير منير البويطي)

لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة