في سلسلة تقارير “العربية” عن المسلمين العاملين في البيت الأبيض، إليكم في هذا التقرير قصة فاطمة نور، فهي قصة مميزة ومحزنة، لكن بنهاية سعيدة، فقد عاشت فاطمة سنتها الأولى في مدينة كسمايو في بلدها الأم الصومال الذي دمرته حرب أهلية منذ الثمانينات.
هذه الحرب فرقت عائلتها التي لجأت إلى مخيم للاجئين في كينيا بالقرب من مدينة ممباسا، حيث عاشت فاطمة طفولتها الأولى بعيدة عن الاستقرار أو مقومات الحياة الكريمة.
قالت فاطمة: “أن تضطر إلى ترك بلدك بسبب الحرب هو أمر صعب، وأن تعيش في مخيم للاجئين أمر صعب أيضا، لكن أن تتفرق الأسرة الواحدة في الشتات فهذا أمر لا يتخيله أحد”.
لكن المأساة لم تتوقف، ففي عام 2000 اتخذت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين قرارا بإغلاق المخيم المكتظ، فاضطرت العائلة إلى مواجهة واقع مرير، وهو العودة إلى الصومال المدمر لكن بدون فاطمة، حيث قرر والدها تقديم أكبر تضحية يمكن لأب أو أم اتخاذها، وهو إرسال فاطمة الطفلة إلى الدنمارك للعيش مع أحد الأقارب لتأمين سلامتها وضمان عيش كريم لها، والحصول على فرصة في التعليم حتى لو كان الثمن الباهظ هو ألا تلتقي بعائلتها لمدة 10 سنوات.
تروي فاطمة لـ”العربية” كيف نشأت في مدينة صغيرة تسمى “فالابي” خارج العاصمة كوبنهاغن، حيث تعلمت اللغة الدنماركية، ورغم شعورها بالغربة كانت مصممة على النجاح حتى أتت الفرصة العظمى التي غيرت حياتها للأبد، وهي قبول مكتب الهجرة بطلب لجوء عائلاتها إلى الولايات المتحدة.
كانت هذه هي المرة الأولى التي تلتقي فيها فاطمة مع أسرتها ويلتئم شمل العائلة التي فرقتها الحرب وجمعها برنامج قبول اللاجئين في الولايات المتحدة، والذي يسمح بقبول 70 ألف مهاجر من دول الصراع عبر العالم سنويا، وهو أكبر برنامج قبول لأي دولة على الإطلاق.
العائلة وجدت موطنا جديدا في مدينة مغني الروك الشهير الفيس بريسلي في “منفيس” بولاية تينسي، حيث اشترت بيتا على ضفاف نهر المسيسبي بفضل عمل والدها الذي اشتغل بعدة وظائف، منها سائق شاحنة في ولاية تكساس.
التحقت فاطمة ذات الـ13 عاما بمدرسة أميركية، وبدأت تتعلم لغة جديدة إلى جانب اللغة الدنماركية التي تتقنها وهي الإنكليزية.
ومن المصادفة أن يوم تخرجها من المدرسة الثانوية كان نفس اليوم الذي تم فيه قبول طلب العائلة للجنسية، حيث أقسمت قسم الولاء للبلد الجديد الذي وحد شملها.
وتقول فاطمة “من المحزن أن يشكك البعض في ولائنا للولايات المتحدة لأننا مسلمون، فأنا أقسمت مرتين للدفاع عن الدستور وعن حماية أمن الولايات المتحدة ضد كل أعدائها مرتين، الأولى عندما أصبحت مواطنة أميركية، والثانية عندما عملت في الإدارة”.
طموح فاطمة دفعها للالتحاق بالجامعة التي أوصت بعملها في البيت الأبيض عام 2014 حيث تشغل الآن منصب المساعد في مكتب سياسة الهجرة في البيت الأبيض، حيث تنسق طلبات قبول اللاجيئن الذين يأتون إلى الولايات المتحدة للبحث عن حياة آمنة وفرص جديدة لتحقيق الحلم الأميركي، والعمل معهم على التأقلم في بلدهم الجديد، فهي تشعر بالامتنان بهذا المنصب لكونها لاجئة تتفهم معاناتهم.
تقول فاطمة بلكنة أميركية بحتة “ولدت في الصومال، وعشت طفولتي في الدنمارك، لكنني أرى نفسي مواطنة أميركية 100%”.
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي