من بين أوائل عمليات اختطاف الطائرات في العالم المثيرة والغامضة هي تلك التي قام بها أحد متمردي كارين في بورما عام 1954.
تفاصيل هذه الحادثة التي تحتل تقريبا المرتبة الرابعة في سجل أولى عمليات القرصنة الجوية، ظلت طي الكتمان لعشرات السنين قبل أن تظهر للعيان في السنوات الأخيرة.
هذه الحادثة من المنتظر أن تتحول إلى شريط سينمائي بعنوان “المراوغ” نظرا لأحداثها المثيرة والمشوقة والتي كان سردها بطل عملية الاختطاف البالغ من العمر الآن 89 عاما بعد رفع السرية عنها عام 2013.
وتسعى حركة أقلية كارين العرقية في ميانمار منذ زمن بعيد لإقامة دولة مستقلة على طول الحدود الجنوبية بين ميانمار وتايلاند، وهي تقاتل قوات الحكومة في هذا البلد منذ عام 1949.
وكان الجنرالات الذين حكموا في السابق بورما، البلد الآسيوي الذي يسمى في الوقت الراهن ميانمار، حظروا نشر ملابسات الحادثة خوفا من أن يظهر ذلك قصورهم الأمني الكبير، وبطولة متمردي كارين الذين تمكنوا حينها من السيطرة على مناطقتين شرق وشمال العاصمة “رانغون”.
ويقول بطل عملية الاختطاف “سو كياو ايو” إنه اقتحم قمرة قيادة طائرة الركاب وهي من طراز “داكوتا دي سي-3” ونزع بأسنانه مسمار تأمين قنبلة يدوية كان يحملها، صارخا في وجه ربانها البريطاني: “سأموت من أجل شعب كارين الذي أنتمي إليه، فما هي القضية التي ستموت من أجلها؟”.
واقتنع طاقم الطائرة بطبيعة الحال بعد تمنع بحجة الخاطف المسلح بقنبلة يدوية انتزع صاعقها ولا ينقصها للعمل إلا أن يرخي قبضته عنها، وأقلع بالطائرة متوجها إلى نقطة محددة تقع في الساحل الغربي لميانمار، حيث كان يخطط المتمردون لاستعمالها في نقل الأسلحة بين المنطقتين المتباعدتين اللتين يسيطرون عليهما حول العاصمة “رانغون”.
وتقول الرواية التي نشرها موقع قناة “BBC” عام 2014 نقلا عن الخاطف العجوز إن الخاطف لم يستطع بعد ثلاث ساعات من التحليق العثور على المدرج الذي جُهز لهذا الغرض، ورُسم موقعه على خارطة كانت في جعبته.
وعزا الخاطف في شهادته ذلك إلى أن رفاقه المتمردين لم يكونوا واثقين تماما من إمكانية نجاحه في اختطاف الطائرة وإيصالها إلى قاعدتها الجديدة، بل إن خطته الشريرة للاستيلاء على طائرة مدنية قُوبلت برفض حازم من قبل اثنين من كبار قادة المتمردين حتى أن أحدهم وصفه بالأحمق.
في نهاية المطاف وقبل نفاد الوقود حاول ربان الطائرة الهبوط بها على شاطئ مهجور مرتين، وفي الثالثة نجح، لكنه هبط بها هذه المرة في صحراء خالية، والتم شمل خاطف الطائرة بشركائه من المتمردين.
وعند معاينتهم للـ”غنيمة” الكبيرة بعد إخراج الركاب من الطائرة، اكتشفوا أنها تُقل صناديق معدنية ثقيلة، وحين خلعوا أقفالها تبين أنها تحمل 700 ألف من أوراق العملة البورمية “كيات”، وهو مبلغ ضخم في ذلك الوقت.
اكتفى المتمردون من الغنيمة بالأموال، وسُمح للركاب بالعودة إلى الطائرة التي أقلعت عائدة إلى العاصمة “رانغون” فيما شد خاطف الطائرة وأصحابه المتمردون الرحال محملين بالأموال إلى الأدغال حيث قواعدهم.
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي