زيدان استعان باستراتيجية حكيم..فربح الرهان!

بقلم | محمود ماهر – 
 
عادل ريال مدريد رقم برشلونة بالتأهل إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا للمرة السادسة على التوالي بتغلبه في سهرة اليوم الثلاثاء على ضيفه «فولفسبورج» بثلاثة أهداف نظيفة في لقاء الإياب الذي استضافه ملعب سنتياجو برنابيو، ليكسر زين الدين زيدان القدم التي وضعها هيكينج في نصف النهائي بعد الفوز الذي كان قد حققه على ملعب فولكسفاجن في لقاء الذهاب بهدفين دون رد، ويضع هو قدميه في المباراة القادمة، ليُثبت لمجلس إدارة النادي الملكي أحقيته في مواصلة تدريب الفريق للموسم المقبل.
 
المباراة بدأت هادئة من كلا الطرفين دون اندفاع من أحدهما لقتل الآخر، لكن كريستيانو رونالدو استفاد من هفوتين لنالدو ودانتي ليسجل هدفي التعادل في غضون ثلاث دقائق فقط، وخلال الشوط الثاني احتفل البرتغالي بالهاتريك إثر ركلة حرة مباشرة نفذها من مسافة 25 ياردة، ليعزز تصدره للائحة هدافي دوري أبطال أوروبا عبر التاريخ برصيد 93 هدفًا، ويصبح على بُعد هدف وحيد من مُعادلة رقمه القياسي في البطولة الذي حققه عام 2014، كما بات أفضل هداف منذ بداية القرن ال21 برصيد 537 هدفًا.
 
وجاء تأهل الريال إلى إحدى المراحل الإقصائية في دوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة على التوالي على حساب أحد الأندية الألمانية وهو ما يحدث للمرة الأولى في التاريخ.
 
والآن دعونا من أحداث وأرقام المباراة، لنخوض معكم في التحليل الفني، والبداية دائمًا مع:
 
 
«1» ضغط الريال المُبكر على حائز الكرة من منتصف ملعب باستخدام توني كروس وكاسيميرو ومودريتش وجاريث بيل ورونالدو، وإن كان هذا التكتيك أثر على جمالية الأداء الهجومي للفريق، لكنه أسقط فولسبورج في العديد من الأخطاء بالذات في التمرير الأرضي وعملية الخروج السليم بالكرة من الخلف إلى الأمام، فدائمًا ما كان يتواجد أربعة أو خمسة لاعبين من الريال في منطقة وسط فولفسبورج، وهذه الكثافة خنقت «آرنولد وبينتو ودراكسلر» وأبعدتهم تمامًا عن شورله لفترة طويلة من المباراة وليس في أول 25 دقيقة فقط، ربما شورله تحرر قليلاً بعد تحوله على الطرف الأيسر بسبب إصابة دراكسلر ونزول «باس دوست» للعب دور المهاجم الصريح.
 
«2» قبل بداية المباراة، تحدثت مع إحدى الإذاعات عن أهمية تركيز ريال مدريد على اللعب بهدوء أعصاب دون اندفاع، ولكي يحدث ذلك نصحت بتغيير التكتيك المُعتمد في الفريق سواء مع أنشيلوتي أو بينيتيز أو زيدان، بتبديل الخطة من 4-3-3 إلى 4-2-2-2 أو 4-3-2-1، والإطاحة بتوني كروس وجاريث بيل من التشكيل الأساسي والاستعانة بإيسكو وخاميس، بهدف تفادي المساحات الناجمة عن تقدم كروس ومودريتش.
 
لكن زيدان كان شجاعًا، واستعان باستراتيجية حكيم في افتتاحية أغنيته الشهيرة «حلاوة روح» دون اللعب بحلاوة روح، كيف؟
 
زيزو خاض المباراة بنفس الخطة (4-3-3) وبنفس العناصر ثلاثي الهجوم وثلاثي الوسط الذين منحوه الفوز على برشلونة في كامب نو الأسبوع الماضي.
 
ونجح في اقناع جاريث بيل ورونالدو ومودريتش وكروس بأهمية مساعدة مارسيلو وكاربخال وكاسميرو في مهامهم الدفاعية لتحقيق ترابط قوي بين الخطوط وبعضها البعض.
 
وكما ذكرت في بداية حديثي، هذه الخطة قلصت من جمالية الأداء الهجومي للفريق، لكنها لم تُدمر حظوظه في التأهل وأبقته في المباراة. البعض يتهم زيدان بأنه يلعب بفكرة «حلاوة الروح»،، هذا غير صحيح، فهناك فكر وتكتيك على أرض الملعب.
 
حكيم يقول في مقطعه الأول من الأغنية «بإيه يفيد الجمال لو عشت بيه مجروح..أوعا الجمال يُغرك أو تنخدع فيه..أصل الجمال لو غرك يكويك بالنار..دا مهما كان الجمال مسيره بكرا يروح».
 
وزيدان كان يخشى من اللعب الجمالي فيدفع الثمن ويودع البطولة، فركز على ألا يندفع وينتظر سقوط الخصم في هفوات ساذجة فكان له ما أراد بفضل الضغط وغلق مفاتيح اللعب، ليسجل رونالدو بهفوة غريبة بين نالدو ودانتي بعد عرضية عادية من كاربخال، وبعدها بدقيقة أضاف الهدف الثاني من ركلة ركنية، وفي الهدف الثالث استغل رونالدو ضعف بناء الحائط البشري في الركلة الحرة المباشرة ليخترقه بتسديدة ذكية ليسجل الهدف.
 
أعتقد أن الفرنسي استطاع إدارة المباراة كما أراد، بعد تسجيله للهدفين طلب من لاعبيه التحلي بالهدوء والتراجع للخلف كي لا تضيع منه مكتسبات الدقائق ال25 الأولى، وخدمته الظروف بإصابة دراكسلر ثم تخبط هيكينج في إجراء التغييرات ليسجل الهدف الثالث بالشوط الثاني بالإضافة لإهدار وابل من الفرص السهلة التي تألق الحارس في ابعادها، ولا ننسى عناد الحظ لراموس في كرتين.
 
 
 
«3» تهديد بنزيمة لمرمى بيناليو على مدار الـ84 دقيقة، اقتصر ربما على فرصتين أو ثلاث فرص، وهذا لا يُقلل من الدور المتميز الذي لعبه في خلخلة الدفاع بالتحرك في العمق أو على الطرف الأيسر، انشغال رونالدو ومودريتش بمساعدة الدفاع أجبر بنزيمة على العودة للخلف وبذل بعض المجهود الإضافي لبناء الهجمات، رأيته يجاهد ويحاول دون كلل أو ملل، حتى أنه حصل على تصفيق حار من الجمهور لحظة تغييره بخيسي رودريجيز.
 
«4» خلق لوكا مودريتش حالة كبيرة من التوازن أو العمق في خط وسط الريال أكثر من أي لاعب آخر، أكثر حتى من كاسيميرو، لتوقعه السليم لتمريرات الخصم وتمريره دون التمادي في التفكير نحو أقرب زميل أو على طرفي الملعب، نشاط ومجهود لوكا ودقته في إيصال الكرة تسبب في رفع قيمة المساندة الهجومية لكاربخال ومارسيلو، وأرى أن الخلل الوحيد في وسط الريال يتلخص في توني كروس البطيء جدًا في عملية التحضير.
 
«5» الدراسة السليمة من رونالدو للتحركات الخاطئة من مدافعي فولفسبورج، في الهدف الأول هرب من رقابة مواطنه فيرينها وتوقع «عزومة» دانتي على نالدو في تشتيت عرضية كاربخال ليودع الكرة في المرمى دون عناء، وفي الهدف الثاني لم يرتكز في المنطقة لاستقبال عرضية كروس بل انتظرها في نقطة معينة من مسافة ليضربها بالرأس من وضع الحركة، وساعده راموس وبنزيمة في تشتيت انتباه قلبي الدفاع.
 
ماذا عن الركلة الحرة؟ الكاميرا ركزت على رونالدو بعد اهداره لركلة ثابته سددها في الحائط البشري وتحولت إلى ركنية خلال الشوط الأول، ومكث يحاور نفسه ويتمتم، وكأنه يقصد التسديد من بين رؤوس اللاعبين، ومن حسن حظه نجحت الفكرة في الشوط الثاني ومرت الكرة من جاور نالدو لتهز الشباك.
 
 
 
«6» الظهيران مارسيلو وكاربخال لم يهملا الدور الدفاعي والهجومي، لعبا وكأنهما داني سيمبسون وكريستان فوكس في ليستر سيتي، يتقدمان لمساعدة رونالدو وبيل ويعودان إلى الخلف على الفور لغلق المساحات على بينتو هنريكو ودراكسلر ثم في الشوط الثاني كاليجوري وشورله…كل محاولات فولفسبورج للاختراق بالعرضيات تم احباطها بإمتياز بسبب هذه المهنية العالية من ظهيري الريال.
 
«7» النقطة الفنية الوحيدة المضيئة في أداء فولفسبورج تتلخص في قدرته على البقاء حتى الدقيقة 90 في المباراة بفضل قوة لويز جوستافو في قطع الكرات قبل وصوله لبيل وممارسته لضغط حاد على رونالدو وكروس، كذلك الظهير رودريجيز لم يخترق كثيرًا ونجح في إيقاف بيل تمامًا.
 
«8» حارس فولفسبورج «بيناليو» بالطبع أحد إيجابيات المباراة، تصدى لثلاثة أهداف مُحققة، لولاه ربما لانتهت فرص فريقه في المباراة من قبل الدقيقة 80.
 
«9» أحب أن أشيد بتركيز ريال مدريد الكبير في الركلات الثابته، رونالدو لم يكن الوحيد الذي درس الهفوات القاتلة لدانتي ونالدو في الارتكاز داخل المنطقة لحظة تمرير الكرات العرضية، كذلك راموس الذي ردت له العارضة هدفًا في الدقائق الأولى قبل أن يُبعد القائم رأسية أخرى مطلع الشوط الثاني.
 
 
 
السلبيات |
 
 
 
«1» وسط وهجوم فولفسبورج بالغ في خوفه وحذره، لم يكن يضغط على كروس وقلبي دفاع الريال، رغم ثقة المدرب ديتر هيكينج بأنه لو ضغط على راموس وبيبي سيسقطهما في الخطأ، لكننا كنا نرى نفس المشهد، الريال يتسلم الكرة في العمق وعلى الطرفين في منطقة وسطه دون أي عناء، ويحصل على وقته الكامل في التحضير والتفكير دون مضايقات.
 
«2» يُلام هيكينج على البدء باللاعب البرازيلي «بينتو هينريكو» على الجهة اليمنى، في منظومة 4-2-3-1، بحيث لعب شورله منذ البداية في دور المهاجم الوهمي، لكن هذه الخطة أفسدت على فولفسبورج إمكانية تمرير العرضيات واسقاط راموس وبيبي في المحظور (ارتكاب أخطاء على حدود المنطقة).
 
الأفضلية كانت لدفاع ريال مدريد في كل الكرات الطولية والعرضية التي مُررت، واتساءل لماذا لم يلعب باس دوست منذ البداية أو ماركوس كروس بدلاً من بينتو هينريكو؟
 
«3» الحماس المُفرط للاعبي الريال، فولفسبورج من الأساس سَهل عليهم كل شيء، لكنهم بغرابة كانوا يصعبونها على أنفسهم، بيبي ومارسيلو بالذات ارتكبا أخطاء على حدود المنطقة منحت الفريق الألماني الفرصة لإلتقاط أنفاسه بعض الشيء بعد الدقيقة 25 ليهدىء من إيقاع اللعب وينجح في الخروج دون استقبال المزيد من الأهداف في الشوط الأول.
 
 
 
«4» ضعف الحدة الهجومية لفولفسبورج، ثلاثة فرص مؤكدة للتسجيل ضاعت على الفريق، اثنتان في الشوط الأول وواحدة في الشوط الثاني، رعونة غريبة بالذات من بينتو هينريكو في تعامله مع العرضية التي تلقاها عند الدقيقة 38 فمحاولة تسلمها وترويضها منح مارسيلو الفرصة لتدارك أمره ليخرج الكرة لركنية.
 
«5» في الوقت الذي كان يندفع فيه فولفسبورج للهجوم ويخلف مساحات واضحة في المناطق الخلفية، كان الريال فاشل بأتم ما تحمله الكلمة من معنى في تنظيم الهجمة المرتدة، حاولت تدوين هجمة مرتدة واحدة مكتملة في مفكرتي أثناء الـ90 دقيقة فلم أجد، حتى بعد تقدم نالدو للعب دور المهاجم المحطة لتوزيع الكرات بالرأس على الطرفين أو في العمق، كل الكرات التي أرتدت بعد قصها لم تكن تحول بالسرعة الكافية إلى الأمام، وهذا ليس نابعًا من انهاك بعض اللاعبين، فجميعهم دون استثناء ركزوا على توزيع مجهودهم، الارهاق ليست حجة برأيي، ولو فرضنا جدلاً أنها كذلك..فما هي حجة خيسي رودريجيز الذي لعب بدءًا من الدقيقة 84؟ أضاع كل المرتدات بمراوغات لا عنوان لها، والكرة طالت منه مرتين هو وبيل…على كل هذه ليست كارثة، فالفريق لعب مباراة في القمة على مستويات أخرى أهم من المرتدات.

لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة