قصة تحول عارضة أزياء بريطانية إلى ناشطة اجتماعية

ويل سميل –
عندما بلغت ليلي كول 13 عاما، بدأت العمل من خلال الظهور في الصحف والمجلات كعارضة أزياء، ثم واصلت عملها لتعيش حياة مهنية طويلة ومربحة جدا أمام الكاميرات.
 
ومن المشي على منصات عرض الأزياء المقامة خلال أسابيع الموضة الرئيسية في العالم، إلى جلسات التصوير على الشواطيء الاستوائية، استمتعت عارضة الأزياء البريطانية كول بنمط مترف من العيش، وجمعت ثروة تقدر بنحو 12 مليون دولار أمريكي.
 
وتبلغ كول الآن 29 عاما، وكانت قد ظهرت في إعلانات ترويجية لمنتجات شركات شهيرة مثل “شانيل”، و”لوي فيتون”، و”جان بول غولتيير”، و”فيرزاتشي”.
 
وبالإضافة إلى حياة الترف والإسراف التي عاشتها، فقد كان لها نصيبها من النجاح بعيداً عن مجال الأزياء. ففي بدايات العشرينيات من عمرها، درست كول في جامعة كامبريدج، أشهر جامعات بريطانيا، وتخرجت في عام 2011 بعد حصولها على مرتبة الشرف من الدرجة الأولى في مادتين في تاريخ الفن.
 
وفي السنوات الأخيرة، تفرع عمل كول ليشمل التمثيل أيضا، فحصلت على أدوار في أفلام مثل فيلم “بياض الثلج والصياد”، ومسلسلات تلفزيونية من ضمنها المسلسل الشهير “دكتور هو”.
 
واليوم، تقول إنها تركت العمل كعارضة أزياء. وبدلاً من ذلك، ستقسم حياتها المهنية ما بين مشاريع التمثيل، وإدارة مؤسسة اجتماعية تحمل اسم “إيمبوسيبل”، والتي يمكن من خلال موقعها على شبكة الإنترنت أن يرتب شخص ما لإنجاز مهام شخص آخر على سبيل المساعدة، وبدون مقابل.
 
ويمكن لمستخدمي الموقع إيجاد شخص ليأخذ كلبهم في نزهة، أو تقديم خدمة ما، مثل إعطاء درس في تعلم العزف على آلة الجيتار.
 
وتقول كول إن الفكرة كانت تدور في رأسها منذ وقت طويل، وقررت إطلاق موقع “إيمبوسيبل” من لندن في ديسمبر/كانون الأول عام 2013، بعد أن ظل أصدقاؤها يقولون لها إن الفكرة جيدة.
 
وقامت وسائل الإعلام بتغطية واسعة لإنطلاقة الموقع. ومن الإنصاف القول إن بعض التعليقات شككت في نجاحه. واتهم بعض النقاد كول بأنها مثالية جداً، بل وحتى ساذجة.
 
أما كول، المرأة الفولاذية، والتي تشارك بنشاط في حملات ترويج الفكرة النموذجية لهذه المؤسسة الاجتماعية، فتقول إنه ليس لديها الوقت للرد على تلك التعليقات.
 
تقول كول: “ليس هناك داعٍ لأزعج نفسي بطرح رأيي تجاهها (أي الانتقادات)”.
 
وتضيف: “تستطيع أن تفكر بذهنية أصحاب التجارة والأعمال وفي نفس الوقت أن تفكر من موقع المسؤولية تجاه المجتمع. جُربت فكرة التجارة والأعمال في المجال الاجتماعي وأثبتت نجاحها، ومع أنها ليست القاعدة المتبعة، فهناك العديد من الأمثلة الناجحة التي يمكن أن يشار إليها بالبنان.”
 
“فكر بشكل خلاق”
 
ولدت كول في مقاطعة ديفن جنوب غربي إنجلترا، وترعرعت في لندن. ورغم أن الأمور الإدارية لمؤسسة “إيمبوسيبل” تثير تحديات، لكن “من المؤكد أنها أكثر إمتاعاً من عرض الأزياء”، كما تقول كول.
 
لا يزال الموقع بحاجة لتغطية نفقاته. ومع هذا فهي تقول إن الآلاف يستخدمونه الآن في 121 بلداً مختلفاً، وتضاعفت إيراداته السنوية خمس مرات.
 
وتضيف كول إنها وفريق العمل في موقع “إيمبوسيبل” ـ وهم سبعة موظفين بأجر مدفوع وعدد من العاملين بشكل تطوعي ـ يسعون جاهدين أيضاً لكي يحقق الموقع في نهاية المطاف بعض الأرباح، والتي سيعاد استثمارها في تشغيل الموقع.
 
ليس ضرورياً على مستخدمي الموقع، ممن يقدمون خدماتهم، دفع أية مبالغ لـ”إيمبوسيبل”، لكنهم مخيرون لدفع اشتراكات شهرية. تقول كول إنها “مدفوعات طوعية، وكأنها بالضبط تبرعات”.
 
ولتشجيع مستخدمي الموقع على القيام بذلك، يحصل المشتركون على صندوق بريدي كخدمة مقدمة من “إيمبوسيبل”، إضافة إلى مجلة مجانية.
 
كما أن لموقع “إيمبوسيبل” مكاناً في عالم التسوق على الشبكة العنكبوتية حيث يبيع الموقع منتجات لجهات مصنِعة وفق مباديء الأخلاق، مستوفياً منهم عمولة بيع.
 
تقول كول: “من وجهة نظر ربحية، فالتحدي قائم أمام أي مشروع تجاري جديد لكي ينجح. وعندما تجمع ما بين هذا والاهتمام بالأثر الذي ستتركه من الناحيتين الاجتماعية والبيئية، فالصعوبة تصبح أكبر.”
 
وعند تطلعها إلى المستقبل، تتوقع كول أن يتزايد باستمرار عدد الشركات التجارية ذات الأثر الاجتماعي الإيجابي لأن أعداداً متنامية من أبناء جيل الشباب الواعين اجتماعياً وبيئياً يطالبون الشركات بذلك، ويستخدمون منتجات وفق تلك المعايير. وتضيف: “إنه يصبح أكثر فأكثر من بين الأولويات.”
 
ابدأ بقاعدة صغيرة
 
حسب قول كول، تضعها حياتها في العمل في عالمين مختلفين تماماً. فقد تقوم بتصوير لقطات فيلم ما في أحد المواقع، بينما تعود في الأسبوع التالي إلى مكاتب “إيمبوسيبل” في لندن لتملأ جداول بيانات، أو لتعمل بشغف في “تفسير البيانات التي لدينا بشكل أفضل”.
 
كما ترتب أوقاتها لتحضر بعض الفعاليات والنشاطات التي تشجع المشاريع الاجتماعية، مثل حضور نهائيات برنامج تنافسي يدعى “ذا فينتشر” الذي تنظمه شركة تشيفاز. ويعد “ذا فينتشر” برنامج مسابقات عالمي للطامحين الشباب الذين يريدون أن يكونوا من أصحاب الأعمال التجارية ذات الأثر الاجتماعي الإيجابي.
تقول سوفي غالويز، المديرة العامة لشركة تشيفاز: “ليلي متحمسة جداً للمشاريع الاجتماعية.”
وتضيف: “النقاط التي أثارتها في مناقشات ’ذا فينتشر‘ الذي نظمته شركة تشيفاز سلط الضوء حقاً على الأهمية التي يجب على الشركات أن توليها لمسألة الآثار الاجتماعية لنشاطها.”
وبالنسبة للشباب المثاليين الآخرين الذين يريدون أن يؤسسوا شركات ذات أثر اجتماعي إيجابي بهدف تغيير العالم نحو الأفضل، فإن كول تقول إن عليهم التركيز على قاعدة ضيقة من الزبائن، في البداية.
تقول كول: “من السهولة أن تسبح في خيال واسع النطاق لتغيير العالم بأسره. غير أنك تحتاج بدل ذلك أن تستند في البداية على قاعدة صغيرة، وأن تحقق شيئاً يناسب جمهور قليل كخطوة أولى.” وأضافت: “ومن هناك، يمكنك أن تنمي وتزيد كل الأرقام.”

لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة