عندما حاولت امرأة أن تترشح لمنصب أمين عام الأمم المتحدة عام 2006 وفشلت في مسعاها، رد أحد الدبلوماسيين الآسيويين بقوله «لن تصبح امراة أمينة عامة للأمم المتحدة حتى يلج الجمل في سم الخياط». الا أن أحد رسامي الكاريكاتير في صحيفة «نيويورك تايمز» رد عليه بسخرية على لسان احدى النساء، «ربما نحتاج إلى فتحة ابرة أكبر أو جمل ذكي». وظلت رئاسة أمانة الأمم المتحدة لفترة 70 عاماً، تمثل عمرها في الوجود، حكراً على الرجال كجزء من ثقافة متغلغلة في نسيجها السياسي. وعلى الرغم من أن النساء استطعن أن يحطمن السقف الزجاجي في العالم الدبلوماسي، الا أنهن لم ينجحن حتى الآن في دخول «أم جميع المنظمات الدولية»، كما يطلق عليها بعض الدبلوماسيين.
جلسات استماع إلى المرشحين
ولأول مرة عقدت الأمم المتحدة جلسات استماع لمدة ثلاثة أيام للمرشحين لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، فيما يشبه المقابلات لطالبي الوظائف. وبعد بيان قدمته عن نفسها استمر تسع دقائق خضعت هيلين كلارك لسيل من الأسئلة تقدر بـ88 سؤالاً من 45 مندوباً. وفي اجابة عن احد الأسئلة قالت هيلين «اعتقد ان الأمم المتحدة في حاجة الى قائد عملي ومؤثر» ثم استشهدت بإحدى مقولات قبائل الماوري الأصلية في نيوزيلندا «أهم شيء في الوجود هو الإنسان، ثم الإنسان، ثم الإنسان».
وتؤمن المرشحة فيسنا بوسيتش بقدرة المبعوث الخاص للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، الذي يعتقد انه من اجل وقف اطلاق النار ينبغي اشراك جميع الأطراف. وتمضي متحدثة عن اللاجئين السوريين «هؤلاء الناس اصبحوا لاجئين وقدموا من بلد لم يحصل على مساعدات في الوقت المناسب».
وفي كلمته الافتتاحية لجلسة الحوار غير الرسمي لمنصب الأمين العام، التي عقدت في قاعة مجلس الوصاية، قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، موغنز ليكتوفت، «لأول مرة في تاريخ هذه المنظمة منذ 70 عاماً، تجري عملية اختيار وتعيين الأمين العام القادم بصدق، وفقاً لمبادئ الشفافية والشمولية، والحوارات التي نبدأها اليوم، تصب في صميم هذا التغيير، وتطرح المنظمة بعض الأسئلة الأساسية المتعلقة بدورها وأدائها في وقت تواجه فيه هذه المنظمة أزمات متعددة، ولهذا نعتقد أن العثور على أفضل مرشح محتمل لخلافة الأمين العام بان كي مون مهم للغاية».
والمرشحون الثمانية هم: إيرينا بوكوفا (بلغاريا)، أنطونيو غوتيرس (البرتغال)، سرجان كريم (جمهورية مقدونيا اليوغسلافية سابقاً)، فيسنا بوسيتش (جمهورية كرواتيا)، إيغور لوكسيتش (الجبل الأسود)، ناتاليا غيرمان (جمهورية مولدافيا)، هيلين كلارك (نيوزيلاند)، دانيلو تورك (سلوفينيا).
ولكن يبدو أن هذه الثقافة في طريقها للزوال بعد أن أعلنت مجموعة من 56 بلداً على الأقل، تقودها كولومبيا، وعدد من منظمات المجتمع المدني أنها ترغب في أن ترى أول أمين عام للأمم المتحدة من الإناث، في أول بادرة من نوعها منذ ظهور هذه المنظمة الأممية، في نهاية الحرب العالمية الثانية.
نصف المرشحين لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة حتى الآن من النساء، من بينهن المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، إيرينا بوكوفا، من بلغاريا، ووزيرة الخارجية الكرواتية السابقة، فيسنا بوسيتش، ووزيرة الخارجية المولدافية السابقة، ناتاليا غيرمان، ورئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة، هيلين كلارك، والرئيسة الحالية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وإذا ما وقع الاختيار على أي من النساء الأربع لخلافة الأمين العام الحالي، بان كي مون، الذي يفضل عدم الدخول في منافسة من أجل ولاية ثالثة، فإن المحظوظة ستكون أول امرأة تشغل هذا المنصب الدولي الرفيع. وتعبر كلارك في بيان لإحدى وسائل الإعلام، بأن ترشيحها من قبل حكومة نيوزيلندا «شرف عظيم»، وتعلق على منصب الأمين العام للأمم المتحدة قائلة «إنه منصب يتسم بالتحدي لكنني اعتدت ذلك، فقد اتسمت معظم حياتي العملية بمثابرتي وتطلعي نحو القيادة».
وتقول الأستاذة بكلية سيتي بمدرسة سانت باول بنيويورك، وقائدة حملة «انتخبوا امرأة اميناً عاماً للأمم المتحدة»، جين كراسنو، «ستكون هذه الخطوة بالنسبة للنساء في جميع أنحاء العالم مثالاً رائعاً، حيث إن ذلك سيمكن المرأة من أن تخطو خطوة كبيرة إلى الأمام». ويبدو أن فكرة (لقد حان الوقت للمرأة كي تتولى هذا المنصب) قد وجدت دعماً كبيراً من أوساط كثيرة، ولا أثر للمعارضة بشأنها حتى اللحظة.
وربما أسهم في زخم ترشح النساء لمنصب الأمين العام، مطالبة عدد من عضوات الكونغرس الأميركي الرئيس الأميركي، باراك أوباما الشهر الماضي بلعب دور رائد في الضغط من أجل انتخاب امرأة لديها المؤهلات، لتولّي مهام الأمانة العامة للأمم المتحدة.
وفي أكتوبر من عام 2015 دعا رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، موغنز ليكتوفت، لدراسة مقترح ترشيح نساء لمنصب الأمين العام، لخلافة الأمين العام، بان كي مون، بعد نهاية ولايته. ومضى قائلاً «علينا أن نولي جميعاً اهتماماً كبيراً بالترشيحات النسائيّة، في وقت تروج فيه الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين على الأصعدة كافة».
وأعرب ليكتوفت، في كلمة أمام مجلس الأمن، عن اقتناعه بأنّ هناك عدداً من المرشحات المحتملات اللواتي يتمتعن بالكفاءات اللازمة وأكثر، لشغل هذا المنصب، مذكراً بأن الرجال فقط هم من تولوا رئاسة الأمم المتحدة منذ إنشائها قبل 70 عاماً.
وعلى اثر ذلك أعلن السفير النيوزيلندي لدى الأمم المتحدة، جيرارد فان بوهيمن، ترشيح بلاده لرئيسة الوزراء السابقة هيلين كلارك لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة.
وقال بوهيمن في مؤتمر صحافي إنه «تم إرسال رسالة ترشيح من رئيس وزراء نيوزيلندا، جون كي كلارك، إلى رئيسي الجمعية العامة ومجلس الأمن يؤكد فيها أن هيلين كلارك تمتلك خبرة في الشأن الدولي». من جانبها، قالت كلارك للصحافيين إنها عملت فترة طويلة رئيسة وزراء لنيوزيلندا، ومديرة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي خلال الأعوام السبعة الماضية، ما يجعلها الشخص المناسب لهذا المنصب.
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي