هدنة في حلب.. بضمانة أميركية ـ روسية

بعد ساعات من اتهام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف واشنطن بمحاولة إدخال مناطق تسيطر عليها «جبهة النصرة» في حلب إلى الهدنة، وغمزه من جهة تركيا بالوقوف وراء هذا الأمر، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أمس، أن روسيا والولايات المتحدة اتفقتا على توسيع اتفاق الهدنة في سوريا ليشمل حلب، التي استطاع الجيش السوري بعد معارك ضارية مع مجموعات مسلحة، تقودها «النصرة»، استرداد جميع المواقع التي انسحب منها أمس الأول.

وسبق الاتفاق الروسي – الأميركي، ربط المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا هدنة حلب بمفاوضات جنيف. وقال دي ميستورا، خلال اجتماع مع وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير والفرنسي جان مارك ايرولت في باريس ومنسق «الهيئة العليا للمفاوضات» رياض حجاب في برلين، إن «الحل البديل (من نجاح المفاوضات لإعلان الهدنة) سيكون كارثياً، لأننا يمكن أن نرى 400 ألف شخص يتحركون باتجاه الحدود التركية».
وأعلن أنه لا يزال «يؤمن بعملية جنيف، ولكن يجب أن نرى بأم العين أن وقف الأعمال القتالية بدأ تنفيذه مجدداً»، معتبراً أن «المحك هو حلب».
وجدد إيرولت تحميل النظام السوري مسؤولية تجدد المواجهات، فيما شدد شتاينماير على أنه «لن يكون هناك عودة إلى جنيف إذا لم يُحترم وقف إطلاق النار في حلب وحولها». ودعا ايرولت لاجتماع الاثنين المقبل في باريس بمشاركة 10 دول، بينها السعودية وقطر والإمارات وتركيا. وقال «يجب تسوية كل شيء للعودة إلى مسار الهدنة».

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن واشنطن وموسكو اتفقتا على توسيع اتفاق وقف الأعمال العدائية ليشمل حلب، مضيفة أن «أميركا تتوقع أن تضغط روسيا على (الرئيس بشار) الأسد للالتزام بالترتيب الجديد، وأميركا ستقوم بدورها مع المعارضة».

وقالت الخارجية في بيان «منذ أن بدأ سريان (هذه الهدنة) اليوم (امس) في الساعة 00.01 بتوقيت دمشق، لاحظنا تراجعاً عاماً للعنف في هذه المناطق، رغم أن هناك معلومات تتحدث عن استمرار المعارك في بعض الأماكن».

وأعلنت الخارجية الأميركية أن موسكو وواشنطن ستنسقان لتعزيز سبل مراقبة الترتيبات الجديدة. وقال المتحدث باسم الوزارة مارك تونر «لا يزال هدفنا، مثلما كان دائماً، هو التوصل لاتفاق واحد لوقف الأعمال القتالية يغطي سوريا كلها، وليس سلسلة من اتفاقات الهدنة المحلية». وأضاف «لا يمكن تبرير الهجمات ضد المدنيين، وهذا الأمر يجب أن يتوقف فوراً». وأشار إلى انه سيتم أيضاً تمديد الهدنة في الغوطة الشرقية في دمشق لمدة 48 ساعة.

وكانت وكالة «اسوشييتد برس» قد نقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم إن روسيا وأميركا أقنعتا الحكومة السورية والمعارضة المسلحة «المعتدلة» بتوسيع الهدنة لتشمل حلب.

وأعلن الجيش السوري أن «نظام التهدئة» في حلب سيبدأ صباح اليوم لمدة 48 ساعة. ونقلت وكالة الأنباء السورية – «سانا» عن «القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة: يطبق نظام التهدئة في حلب لمدة 48 ساعة بدءا من الساعة الواحدة صباح الخميس».

وكانت اشتباكات قد اندلعت عند أطراف حلب بين القوات السورية ومجموعات إسلامية، تقودها «جبهة النصرة»، اثر هجوم شنه المسلحون على الأحياء الغربية. واستطاعت القوات السورية استرداد المواقع التي خسرتها على جبهة جمعية الزهراء والفاميلي هاوس.

وذكرت وكالة الأنباء السورية – «سانا» أن 3 أشخاص قتلوا في استهداف المسلحين الأحياء الغربية بالقذائف، فيما ذكرت وكالة «فرانس برس» انه لم تسجل غارات جوية على الأحياء الشرقية.

وفي الغوطة الشرقية في ريف دمشق، تجددت الغارات والاشتباكات مع انتهاء المهلة المحددة لاتفاق تهدئة مؤقت تم برعاية روسية أميركية. وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيان، «استهدفت 22 غارة جوية على الأقل الغوطة الشرقية، وتحديدا أطراف بلدتي شبعا ودير العصافير، ترافقت مع اشتباكات عنيفة بين القوات السورية والمسلحين في محيط دير العصافير».

وأعلن لافروف، في مقابلة مع وكالة «سبوتنيك» نشرت أمس، أن واشنطن حاولت خلال المباحثات ضم مواقع تحت سيطرة «جبهة النصرة» إلى مناطق التهدئة في حلب. واعتبر أن «هناك من يرغب باستخدام الأميركيين لمساعدة جبهة النصرة على الهروب من تحت القصف»، مشيراً إلى «العلاقات المريبة بين القيادة التركية مع تنظيم داعش وجبهة النصرة».

وقال لافروف «الرئيس السوري بشار الأسد ليس حليفنا في المناسبة. نعم، ندعمه في مكافحة الإرهاب والحفاظ على الدولة السورية. لكنه ليس حليفنا مثلما تركيا حليفة للولايات المتحدة». وأضاف «أعتقد أن بمقدور واشنطن مطالبة حلفائها في الناتو بتنفيذ القرارات التي تنص صراحة على ضرورة مشاركة الطيف الكامل من المجتمع السوري في المباحثات. وبمقدورها أيضا الوفاء بالوعد القديم بابتعاد ما يسمى المعارضة المعتدلة، التي يدعمونها، عن جبهة النصرة وداعش».

وأعرب لافروف عن رفض روسيا الرهان على تحويل الوضع في سوريا إلى الحل بالقوة. وقال «على الأرجح، هناك رهان ممن يدعم النصرة لإفشال الهدنة والقيام بكل شيء ممكن من أجل تحويل الوضع إلى الحل بالقوة. سيكون ذلك مرفوضاً تماماً».

وحول توقعاته بشأن موعد استئناف المفاوضات المباشرة بين الأطراف السورية في جنيف، قال لافروف إن «الجولة المقبلة كما قلت، مرتقبة في الشهر الحالي. على الأرجح سيكون الحوار غير مباشر كما كان، مع أنه من الواضح أن البدء بالعمل الفعلي، ممكن فقط عندما تجتمع كل الأطراف السورية على طاولة مباحثات واحدة». وأضاف ان «الظروف لم تتهيأ بعد لذلك، بالدرجة الأولى، بسبب أن هذه الهيئة العليا للتفاوض، والتي نصّبت نفسها بنفسها، لديها نزوات كثيرة تحت التأثير السيئ للرعاة الخارجيين، وفي المقام الأول تركيا».

وأعلن لافروف أن «تركيا تمنع بمفردها انضمام حزب الاتحاد الديموقراطي، وهو واحد من الأحزاب الكردية الرئيسة في سوريا، إلى المباحثات، والذي يحارب الإرهابيين ويسيطر على مساحة كبيرة من الأراضي في سوريا». وتوقع عقد اجتماع للمجموعة الدولية لدعم سوريا خلال الأسابيع المقبلة.
وأعلن أن «موسكو تأسف لأن الاتحاد الأوروبي، تحت ابتزاز تركيا، بدأ يأخذ فكرة تقسيم سوريا إلى مناطق أمنية، كأمر مفروغ منه»، لكنه استبعد أن تشن تركيا والسعودية عمليات برية في سوريا في وجود قوات جوية روسية متمركزة في البلاد. وقال «لا أعتقد أن أحدا ما سيتجرأ على خوض هذه الألعاب الخطيرة، والقيام بأي استفزازات في ظل وجود القوات الروسية هناك».

من جهة ثانية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن موسكو سحبت نحو 30 طائرة من سوريا، بما في ذلك كل طائراتها الهجومية من طراز «سوخوي 25».

لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة