نبيه البرجي–
هل بدأ الايرانيون يشعرون بالخطر السعودي؟
لا شك انهم في حالة الصدمة. كانوا يتصورون ان السعوديين في تلك الغيبوبة المخملية والابدية. من شظف العيش في الصحراء الى ليالي الف ليلة و ليلة. ومن الناقة الى الليموزين، ومن الخيمة التي تعبث بها الرياح الى القصر الذي يخلب الالباب. كيف لهؤلاء الناس ان يقاتلوا؟
يقول مراسل انكليزي في بيروت، وقد جال في الصحارى والمدن، ايضا جال بين القصور وبين العباءات «الايرانيون هم من ايقظوا السعوديين، وعليهم ان يدفعوا الثمن».
بكل بساطة عسكرة المملكة، حتى ان المال العابر للقارات، والعابر للرؤوس الكبيرة في هذا العالم، تعسكر. خبراء استراتيجيون ومخططون وحتى جنرالات متقاعدون يضعون انفسهم الان بتصرف المملكة، ويتولون صياغة السيناريوات، ويعرفون اين هي مراكز القوة في هذا العالم ليوظفوها، بالمال طبعا، من اجل مطاردة ايران التي كانت تأمل بأن تتحول بعد اتفاق فيينا من سياسة الاحزمة المشدودة الى…الدولتشي فيتا.
يقول لنا ديبلوماسي خليجي متقاعد، وهو ضيف شبه دائم على بيروت، ان الايرانيين ظنوا انهم عندما يغرزون الخنجر اليماني في الظهر السعودي، ان السعوديين سيعتريهم الهلع ويسارعون الى عقد اي صفقة او اي تسوية حول سوريا، وحول العراق، وايضا حول لبنان.
يستغرب كيف انهم في طهران، ولطالما عرفوا بالروؤس الباردة، لم يلاحظوا ان المملكة التي يلاحقها هاجس البقاء، وكانت تشعر بأن الثروات الهائلة تهددها اكثر من اي شيء اخر، في اقصى حالاتها العصبية، حيال الصراع، ولعله صراع الاجيال او صراع الاشباح، على السلطة…
الحجر الذي القاه الايرانيون في الرمال الراكدة لم يكن بالحجر العادي. كان حجرا من نار. الجميع شعروا بأن الزلزال يدق على بابهم. قصتهم مع اليمن قصة طويلة ومعقدة. تلمسوا رؤوسهم وتلمسوا سيوفهم…
وكلام للديبلوماسي الخليجي يثير الدهشة «اعتقد لو شاء السعوديون الحصول على القنبلة النووية لاستطاعوا. لا ادري ما اذا كانت القنبلة الباكستانية ام القنبلة الاسرائيلية»، قبل ان يردف ضاحكا «هل تعتقد انه لو عرض الامير محمد بن سلمان على كيم جونغ اون 10 مليارات دولار، وحتى اقل، هل كان يتردد في تزويده بالقنبلة مرفقة بزهرة الغانغينا التي يحبها الزعيم الكوري الشمالي؟».
يرى «ان السعودية استراتيجيا بالنسبة الى الولايات المتحدة مثل اسرائيل ايديولوجيا بالنسبة الى الولايات المتحدة. لا الدولة تتزحزح ولا النظام يتزحزح. بطبيعة الحال للمملكة نقاط ضعفها، لكنها تلعب الان بكل اوراقها ولا ندري كيف ستكون ردة فعل الايرانيين، وما اذا كانوا سيبعثون بمائة الف جندي الى سوريا، لكنهم يبدون الان وكأنهم يردون الضربات فيما السعوديون هم من يتقدمون، وفي كل الاتجاهات، بعدما استعادوا ذاكرة الخيول».
الديبلوماسي الخليجي يؤكد، بدوره، ان ثمة «مجمعاً للادمغة» في الرياض، وهو يضم مستشارين عسكريين واستخباراتيين، وسياسيين واستراتيجيين، واقتصاديين من بلدان مختلفة، وهؤلاء يشاركون في اعداد القرارات كما في اعداد الخطط.
وفي نظره، ان الاميركيين والروس يدركون ان التسوية في سوريا لا بد ان تمر عبر الرياض التي ضاعفت مساعداتها كماً ونوعاً للمعارضة في سوريا. افضل العلاقات الان مع «جبهة النصرة»، واشارات بـ «عدم اضاعة الوقت والدم» في المواجهة مع «داعش». وجهة السير الان نحو النظام لا نحو التنظيم.
اليمن متروك للمفاوضات في الكويت. الشيخ صباح الاحمد الصباح ديبلوماسي عتيق، واقام علاقات ثقة مع الطرفين اللذين يدركان جيدا ان الحرب لا توصل الى شيء، وان اليمن لا يستحق كل ذلك البلاء، ولا يصلح ، بتضاريسه الجغرافية والقبلية، ان يكون ورقة تكتيكية في اي صراع.
الذي حدث اخيرا في ريف حلب الجنوبي، وحيث استخدمت اسلحة متطورة جدا، منعت حتى الطائرات من الاقتراب، اظهر الى اي مدى يمكن ان يذهب السعوديون. وثمة كلام كثير الان عن تحريك جبهة دمشق.
وحتى من الناحية اللوجيستية تبدو السعودية مطمئنة الى انها في وضع مميز. علاقاتها استراتيجية مع تركيا، والبلاط الاردني، والارض الاردنية، رهن اشارتها، فيما اللعب مع اسرائيل لم يعد من المستحيلات ولا من المحرمات. علناً قيل ان ايران هي الخطر الاكبر، حتى ان الحدود مع العراق ليست في يد بغداد وليست في يد دمشق…
في هذه الحال، هل باستطاعة السوريين والايرانيين الرهان على» الجنرال زمن» لان السعوديين لا بد ان يسقطوا في نهاية المطاف؟كيف. الرياض تقاتل بالسوريين وبالمرتزقة الذين طالما اغوتهم الاراضي المشتعلة، فيما تركيا والاردن، وربما اسرائيل، جاهزة لكل انواع الخدمات…
لكنهم في الرياض يعلمون ماذا تعني سوريا، استراتيجيا، لموسكو. قد يكون مسموحا احداث بعض التعديلات على الارض لاطلاق ديناميكية تفاوضية اكثر فاعلية،واكثر واقعية، في جنيف. اكثر من ذلك لا…
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي