يبدو أنّ مشهد «ما بعد الانقلاب» اتضح: أردوغان كسب معركة الجيش، فيما دخلت البلاد مرحلة «الطوارئ». وفي الأثناء، تتواصل «عمليات التطهير» التي بات يمكن وصفها بـ «سياسات استئصال»
بدا الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس، وكأنه يسعى إلى تأكيد استعادة قبضته على مفاصل السلطات في البلاد بأي ثمن عقب إخفاق الانقلاب، مختاراً العاصمة أنقرة، رمز الأتاتوركية وحيث ترأس جلسة استمرت لنحو خمس ساعات لمجلس الأمن القومي، ليعلن وضع يده على المؤسسة العسكرية بصورة نهائية، وإدخال البلاد تحت “حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر وفقاً للمادة 120 من الدستور”.
وفي مؤتمر صحافي عقده منتصف ليل أمس، أعلن أردوغان أنه بوصفه “رئيساً لتركيا وقائداً عاماً للجيش (سيعمل) على تطهير القوات المسلحة من فيروس الانقلابيين”، مضيفاً أنّ “القوات المسلحة تحت إمرة حكومتنا وولاتنا، وأنا على رأس جيشنا قائداً عاماً”. وشكر الشعب وقوى الأمن اللذين “أفشلا الانقلاب”، داعياً الشعب إلى عدم “الخوف من إعلان حالة الطوارئ… (التي تهدف إلى) إعطاء الانقلابيين درساً لن ينسوه”، متهماً هؤلاء بقتل “العشرات من الأبرياء”.
وفي خلال حوار متلفز مع قناة “الجزيرة”، اعتبر الرئيس التركي أنه “ربما كانت هنالك ثغرة في جهاز المخابرات أدت إلى تسلل منظمة غولن الإرهابية التي لدى أتباعها نظرة دينية منحرفة”، مشيراً إلى أنّ “الانقلابيين يعتبرون زعيمهم غولن في مرتبة الإله”، مضيفاً في الوقت نفسه أنّ “القضاء على محاولة الانقلاب ليست النهاية، فقد تكون هنالك مخططات أخرى”. وبشأن عقوبة الإعدام، قال إنها “بيد الشعب التركي، وهو يريد ذلك، وننتظر قرار البرلمان”.
وفي المؤتمر الصحافي، أو حتى خلال الحوار المتلفز قبله، ردّ بصورة مباشرة على الخطاب الغربي الذي ينتقد تصرفات الحكومة التركية بفعل عدم احترامها للقوانين في تطبيقها لسياسات “التطهير” التي طاولت قطاعات واسعة من المجتمع في الجيش والإعلام والجامعيين، فيما يقدر العدد الإجمالي حتى الآن للمعتقلين والموقوفين عن العمل بنحو 55 ألفاً.
ورد الرئيس التركي مباشرة على قول وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك ايرولت، إنه ليس لدى السلطات التركية “شيك على بياض”، قائلاً: “إذا صدر عنه أي تعليق شخصي بحقي فإنه خطأ، يجب عليه أن يلتفت إلى عمله، لكن إذا أراد أن يأخذ درساً في الديموقراطية فيمكنه أن يأخذه منا”.
وفي نقطة مهمة، أبدى الرئيس التركي، في خلال الحوار المتلفز، اعتقاده أن دولاً أجنبية ربما كانت ضالعة في محاولة الانقلاب، علما بأنّ المدوّن و”المغرّد” السعودي الشهير “مجتهد” (الذي لا يمكن التأكد من صحة كلامه) كان قد ذكر أنّ “المخابرات الموالية لأردوغان على علم بالتعاون بين (ولي ولي العهد السعودي محمد) ابن سلمان وابن زايد (الإمارات)” بشأن الانقلاب، مشيراً إلى أنّ “سبب حماس ابن سلمان هو المساهمة في إزالة أردوغان كمطلب أميركي إسرائيلي، ومن ثم تسجيل نقاط لديهما لأجل الحصول على دعمهما لتجاوز (ولي العهد) ابن نايف”.
وتناول الرئيس التركي مسائل إقليمية، إذ انتقد نظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، معتبراً أنه “رجل انقلابي”، معتبراً أنّ “سوريا ومصر تتشوقان للديمقراطية وتنتظران الوقت الذي تحلّ فيه إرادة الشعب”. وحول إسقاط الطائرة الروسية في تشرين الثاني الماضي وتوقيف الطيارين التركيين اللذين أسقطاها أخيراً، علّق أردوغان قائلاً: “ربما وجد القضاء بعض الأدلة ضد الطيارين”، مستدركاً: “لا علم لنا حتى الآن إن كان إسقاط الطائرة الروسية مرتبطاً بالمجموعة الانقلابية”.
في هذا الوقت، تواصلت “عملية التطهير” التي تقوم بها السلطات التركية، إذ جرى توقيف قائد الفيلق السابع بولاية ديار بكر، الفريق إبراهيم يلماز، “على خلفية التحقيقات بخصوص المحاولة الانقلابية”، فيما بدأت وزارة التربية “إجراءات إغلاق 524 مدرسة خاصة و102 مؤسسة أخرى تابعة لها على خلفية التحقيقات بتهم جرائم ضد النظام الدستوري”.
تزامناً، أمر القضاء بحبس كبير المستشارين العسكريين لأردوغان، علي يازجي، وبحبس 113 قاضياً ومدّعياً عاماً، بينهم عضوا المحكمة الدستورية، ألب أرسلان ألتان، وأردال تيرجان.
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي