العلمانيون يتخوفون من تطهيرات إردوغان

عبد الاله مجيد –
تسود مشاعر القلق اوساط العلمانيين الاتراك من الاتجاه الذي تسير فيه البلاد بعد المحاولة الانقلابية التي لم يؤيدوها، في حين يقول محللون ان لا احد يعرف عندما ينقشع الغبار ما اذا كانت ديمقراطية تركيا المهزوزة ستبقى واقفة على قدميها.
 
أنقرة: تصاعدت مشاعر القلق التي تسود اوساط العلمانيين الاتراك من الاتجاه الذي تسير فيه البلاد بعد المحاولة الانقلابية التي لم يؤيدوها وحملة التطهير التي اطلقها الرئيس السلطوي والتي كانت سبب قلقهم الأصلي ، والشعارات الغوغائية التي تُرفع في الاجتماعات الحاشدة للاسلاميين المحافظين.  
 
وأخذ الاضطراب ينتشر في عموم تركيا التي أُقيمت على اساس دستور علماني لكنها اصبحت مجتمعاً منقسماً حول دور الدين في المجتمع.  ويقول محللون ان لا أحد يعرف ، عندما ينقشع الغبار، ما إذا كانت ديمقراطية تركيا المهزوزة ستبقى واقفة على قدميها. 
 
ويسود التشاؤم في الأوساط العلمانية التي تريد مؤسسات ديمقراطية أقوى وحقوقاً اوسع للمرأة وبلدا بلا سلاطين ، سواء أكانوا عسكريين أم اسلاميين، وقالت المهندسة المعمارية يلديز كرجين (34 عاما) ان الوضع “مخيف من كل النواحي” معربة عن حيرتها إزاء الفوضى التي تعم البلاد منذ وقوع المحاولة الانقلابية ونزول انصار الرئيس رجب طيب إردوغان الى الشارع مطالبين بقطع رأس كل من له علاقة بالمحاولة الفاشلة. 
 
ارتياح
 
واكدت كرجين ان العلمانيين الاتراك استقبلوا فشل المحاولة الانقلابية بارتياح عميق نظرا للصفحات السوداء في تاريخ تركيا بسبب الانقلابات العسكرية. وقالت “أنا اتذكر حديث والديّ في سنوات نشأتي كيف كانت الانقلابات سيئة وكيف كانت تؤدي الى سجن الكثير من الأبرياء وقتلهم”.  واضافت “نحن قطعنا شوطاً بعيداً منذ تلك الأيام وأي انقلاب سيعيدنا الى الوراء”.  
 
ولكن حكومة اردوغان ردت على المحاولة الانقلابية الفاشلة بطرد أو اعتقال عشرات الآلاف في الجيش والشرطة والقضاء والمؤسسات الأخرى. ويشعر كثيرون ان هذه التطهيرات الواسعة التي اطلقت بعد المحاولة الانقلابية ستمكن اردوغان من استهداف خصومه السياسيين ايضاً وتقويض تقاليد تركيا العلمانية. 
 
وقال بولنت علي رضا مدير مشروع تركيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية لصحيفة واشنطن بوست “ان استقطاب المجتمع التركي ما زال قائماً إن لم يصبح أشد حدة ، رغم ان احداً في الحقيقة لم يؤيد المحاولة الانقلابية”. 
 
تهميش 
 
وكان اردوغان أغلق في سنوات عهده حتى الآن منافذ اعلامية وكمم افواه منتقدين لحكمه وهمش عناصر تحدَّت سطوته.  وتابع المواطنون العلمانيون بقلق اشتداد ميول اردوغان السلطوية واتخاذه خطوات مثل إدخال التربية الدينية في المدارس الحكومية، وتبدو احزاب المعارضة ضعيفة لا تستطيع ايقاف اردوغان ، وكذلك الاحتجاجات التي عمت انحاء تركيا مطالبة بالحد من سلطاته قبل ثلاث سنوات. 
 
ويريد اردوغان الآن استبدال الديمقراطية البرلمانية التي جاءت به الى الحكم قبل 14 عاما بنظام رئاسي يجعله أقوى حاكم منذ مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال اتاتورك.  ويخيف هذا الاحتمال مسعود دومان (22 عاما) الذي قال انه حين رأى على فايسبوك مشهد الانقلابيين يسيطرون على جسور فكر مع نفسه “ان اردوغان سيستغل ذلك كله”.  ويبدو ان هذا على وجه التحديد هو ما يفعله اردوغان منذ مساء الجمعة الماضي محشداً انصاره ومستخدماً المساجد لحثهم على النزول الى الشارع.  وفي تصريحات بعد المحاولة الانقلابية مباشرة وصفها بالقول “انها هبة من السماء”.  
 
وقال مدير برنامج الابحاث التركية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط سونر جاغابتاي ان كثيرا من الاتراك فوجئوا بمشاركة اسلاميين متطرفين في الاجتماعات الحاشدة ضد الانقلاب.  واضاف ان هؤلاء الاصوليين كانوا ضالعين في اعتداءات تعرض لها جنود وأقليات دينية.
 
عناصر جهادية
 
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن جاغابتاي قوله “ان هناك احساساً بالصدمة والخوف من حجم الهياج الاسلامي في الشوارع بسبب ذلك كله.  فقبل بضع سنوات ما كان المرء ليرى ظهور هذه العناصر الجهادية في العلن كما حدث في الأيام الأخيرة”.  
 
واعتبر جاغابتاي ان الاصوليين الاسلاميين هم نتاج سياسة تركيا في دعم جماعات اسلامية متطرفة في الحرب الأهلية السورية تحركت بدورها لنشر افكارها وتجنيد اشخاص من داخل تركيا.  ولاحظ الناشط الحقوقي ليفينت بشكين (27 عاما) من اسطنبول انتشار الاصوليين في الشوارع واماكن التجمع العامة مثل ميدان تقسيم.  وقال ان مجموعة منهم تحرشت بفتاة كانت تمشي قرب الميدان بسبب ملابسها الضيقة.  واضاف ان المحاولة الانقلابية اعطت الاصوليين حريات اوسع لفرض معتقداتهم.

لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة