نشرت صحيفة “أرغومينتي إي فاكتي” مقالا بقلم رئيس مركز المعلومات السياسية أليكسي موخين، يناقش فيه مسألة فشل سياسة التسامح في أوروبا، وعواقب نشاط الناتو في الشرق الأوسط.
جاء في المقال:
الفوضى التي حذر منها الخبراء، بمن فيهم الروس، تعم أوروبا فعليا. وارتجالية بعض أعمال العنف، الجماعية في غالبيتها، من جانب اللاجئين ضد “السكان الأصليين” في أوروبا، لا تلغي التوجه الثابت لنشاط عملاء “داعش” المدسوسين منذ وقت طويل في أوروبا، بل تظلله فقط، ويمكن القول إنه يعطي اللوحة شكلها الكامل.
وإذا لم يتم إخماد هذه الأعمال أو توجيهها في اتجاه معين، فإن الحديث سيدور في نهاية المطاف عن عمليات إبادة لسكان أوروبا الأصليين، وعجز المواطن البسيط عن الوقوف بوجه خطر الإرهاب العالمي، الذي نجم عن إجراءات غير مدروسة لسياسيي وعسكريي الناتو. كما يجب ألا ننسى في النهاية أن هناك من أقنع أوروبا وحثها على استقبال ألوف اللاجئين من دون عراقيل، وكأنما حدث ذلك تنفيذا لأوامر صادرة من جهة.
فإذا ظهرت الفوضى، فهذا يعني أنها ستصب في مصلحة جهة ما. والفوضى الحالية لم تظهر بصورة عفوية، حيث تم تحضيرها وإعدادها خلال فترة طويلة، عبر تقويض القيم المسيحية الأوروبية بمساعدة برامج خاصة، تشمل تدريب الأطفال على رؤية نزيف الدم من تشريح الحيوانات في حدائق الحيوانات، وبث أفلام الرسوم المتحركة (من دون تحديد لأعمار المشاهدين) تتضمن لقطات لأعمال العنف.
والاتجاه الآخر للتأثير في الوعي الأوروبي يلاحظ في التسامح المفرط، والتربية على عدم المبالاة إزاء مختلف الانحرافات؛ ما ساعد على نمو جيل مثلم الغرائز الاجتماعية، بحيث لن يتمكن من حماية نفسه والتغلب على الضربة الموجهة إلى التقاليد الاجتماعية المحافظة التي لم يتأثر بها.
النقطة الثالثة في هذا المجال، هي زرع الإحساس بذنب البلدان الأوروبية في ما يعانيه سكان ما يسمى “العالم الثالث” التي قصفتها طائرات الناتو عن بعد. وأصبح هذا استمرارا طبيعيا لعدم وجود نهج سياسي واضح بشأن مراعاة مصالح أوروبا وليس السير خلف السياسة الأمريكية.
فهل ستكون لهذا الذُهان والفوضى والتلبك عواقب اجتماعية – اقتصادية على أوروبا؟
بصورة منفردة قد لا يحصل، ولكن بصورة عامة وخاصة بالتوازي مع سياسة “العقوبات ضد روسيا” التي تمليها جهات خارجية، والتي تسببت في قطع العلاقات الاقتصادية المتبادلة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، طبعا سيكون لها عواقب.
وهذه العواقب ستظهر فيما بعد، ولكن سترافقها أعباء مالية ضخمة تتحملها بلدان معينة في الاتحاد الأوروبي وفي الدرجة الأولى ألمانيا.
ويمكن التنبؤ بثقة بحصول تغييرات في صفوف السياسيين الأوروبيين المعتدلين، ليحل مكانهم سياسيون راديكاليون بمشاعر شعبوية. وبالطبع، فإن الإجراءات الراديكالية والمزاج الشعبوي ستعقد الأمور أكثر، مع أنها ستجلب بعض الشعور بالراحة بين السكان الأصليين. ولكن مرحلة مغايرة ستبدأ بعدها، وتعود أعمال العنف بقوة مضاعفة؛ لأن جميع المشكلات، التي ذكرت أعلاه، تبقى من دون حل في جسم أوروبا.
وفي النهاية، قد يتحول مسرح أعمال اللاجئين إلى مسرح للعمليات العسكرية على غرار ما يجري في العراق وسوريا. وطبعا، قد لا تتحول هذه الأحداث إلى كارثة عالمية كحرب عالمية ثالثة، ولكن حدوث سلسلة من النزاعات في البلدان الأوروبية أمر محتوم.
ومع الأسف، فبالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، فإن أي عمل وحتى الذي يتم بضغط خارجي، ينعكس سلبيا على منفِّذه. وإن الغطرسة التي يظهرها الأوروبيون في الفترة الأخيرة، تمنعهم من رؤية أخطائهم.
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي