نشرت صحيفة “أرغومينتي أي فاكتي” تعليقا للمحلل السياسي أليكسي بيلكو على عملية أنقرة العسكرية، التي انطلقت ضد “داعش”.
جاء في المقال:
بدأت تركيا عملية تحرير مدينة جرابلس الواقعة شمال سوريا من عصابات “داعش”، وشنت الطائرات الحربية التركية غارات على مواقع التنظيم. كما تشارك في هذه العمليات القوات التركية الخاصة.
فماذا يهدف أردوغان من هذه العملية؟
يقول مدير مركز الاتصالات الأوراسي أليكسي بيلكو إن أردوغان في هذه العملية لا يحارب “داعش” بل الأكراد؛ لأنه يخاف من احتمال توحيد مدينتي جرابلس وعفرين في كانتون كردي موحد، فتصبح الحدود الشمالية لسوريا تحت سيطرتهم. وحاليا يحرز الأكراد نجاحات متواصلة في محاربة “داعش” بدعم من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا. وطبعا، يحاول أردوغان توجيه ضربة استباقية إلى المناطق السورية الواقعة تحت سيطرة “داعش” لكي تصبح تحت سيطرة المقاتلين الموالين لتركيا.
واستنادا إلى المعلومات المتوفرة، بدأ التنظيم يفقد مواقعه في شمال سوريا. ويبدو أن الجميع يحارب الجميع (روسيا، التحالف الغربي، القوات السورية، المقاتلون الموالون لتركيا)، والجميع يحارب “داعش” الذي ليس لديه حليف. لذلك فهو في وضع لا يحسد عليه، وخاصة أن القوات العراقية تتقدم باتجاهه من الشرق.
لذلك نشطت القوات التركية لمنع سيطرة الوحدات الكردية على الحدود السورية–التركية بصورة كاملة.
وبالنسبة إلى العلاقات التجارية التي تربط أردوغان بـ “داعش” التي تتحدث عنها وسائل الإعلام، يعتقد بيلكو أن علاقات الغرام بينهما انتهت، وأن “داعش” أصبح لاعبا ضعيفا على الساحة، رغم الإمكانات التي يمتلكها مسلحوه. إذ ليس لديهم ما يردون به على تركيا غير العمليات الإرهابية. لذلك على الأجهزة التركية أن تكون حذرة ويقظة دائما، لأن “داعش” سيشن عمليات انتقامية داخل تركيا.
وردا على سؤال حول احتمال تنسيق تركيا عملياتها مع القوات الجو– فضائية الروسية في سوريا، أم أن “أردوغان إذا بلغ أهدافه فسوف يستكين؟!”، قال الخبير:
من الصعب الإجابة على هذا السؤال، لأن لكل طرف في هذا النزاع أهدافه. فمن المهم لتركيا عدم السماح بأي ثمن بإنشاء كيان كردي مستقل على الأراضي السورية، هذا أولا. وثانيا – المحافظة على ماء وجهها بعد أن تغير موقفها من بشار الأسد، حيث وافقت حاليا على بقائه في السلطة على الأقل خلال المرحلة الانتقالية. ولكن ما العمل؟ لقد وصفه أردوغان بأنه مجرم متعطش إلى الدماء، والآن يجب تطبيع العلاقات معه، وهذا ما يجري حاليا.
وقد أشارت وسائل الإعلام قبل فترة ليست بعيدة إلى أن مسؤولا رفيع المستوى في الاستخبارات التركية زار دمشق. ففي الحقيقة لتركيا وسوريا مصلحة واحدة مشتركة، وهي منع قيام دولة كردية. وانطلاقا من هذا ستتوصلان إلى اتفاق. بيد أن الغريب في الأمر أن هذا يتعارض مع مصالح الولايات المتحدة التي تراهن على إنشاء دولة كردية مستقلة.
ولقد حاولت واشنطن دون جدوى التخلص من الأسد بأيدي المعارضة. وبعد أن بدأت روسيا بتنفيذ عمليتها العسكرية في سوريا، أصبح واضحا أن الأسد قد لا يتمكن من فرض سيطرته على كامل البلاد، لكنه سيبقى في دمشق. لذلك بدأ الأمريكيون لعب الورقة الكردية.
والأكراد شعب تعداده نحو 40 مليون نسمة، ولكنه مقسم بين سوريا وتركيا والعراق وإيران. وإضافة إلى هذا، يحقق الأكراد نجاحات واضحة في محاربة “داعش”. وهذا ما جعل واشنطن تراهن عليهم باعتبارهم قوة متماسكة. ويبدو أن واشنطن تريد أن تكون لهم دولة على الأراضي السورية، وهذا ما لا توافق عليه أنقرة والحكومة السورية أيضا. والأوضاع الحالية معقدة جدا، إذ لم يحصل مثل هذا النزاع الدولي منذ بداية الحرب الباردة، حيث يمكن اعتبار حرب البوسنة في تسعينيات القرن الماضي أحجية أطفال مقارنة بما يحدث حاليا.
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي