… وتبقى سوريا الحجر الأساس في السياسة الروسية في المنطقة. لا زيارة محمد بن سلمان ولا الصفقات بالمليارات نجحت في تغيير الموقف الروسي الذي جدد الرئيس فلاديمير بوتين التأكيد عليه أمس، مضيفاً اقتراح جبهة لمكافة الإرهاب تضم سوريا والسعودية وتركيا والأردن
من قال إن زمن «المعجزات» قد ولى؟ حتى في السياسة، لا يزال فلاديمير بوتين متمسكاً بإمكان تحقيق ما لا يتخيّل أحد أن من الممكن تحقيقه. بعد أربع سنوات من الحرب والدمار، ومئات آلاف الشهداء والجرحى، يعتقد سيد الكرملن أن الحل الأنسب للمنطقة هو إقامة جبهة لمكافحة الإرهاب، تجمع بين الأعداء المتقاتلين، سوريا والسعودية وتركيا والعراق، يتوقع أن يبحث في تشكيلها وزير خارجيته سيرغي لافروف في خلال لقائه نظيره الأميركي جون كيري اليوم.
جاء ذلك في خلال زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم لموسكو أمس، بعد 10 أيام من زيارة مشابهة أتمّها ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كانت مليئة بالاتفاقات الاقتصادية. كان واضحاً أمس أن «الخط الساخن» الجديد مع الرياض لم يمنع موسكو من تأكيد المؤكد في ما يخص دعم دمشق والإبقاء على العلاقة الوطيدة مع الحكومة السورية.
لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعمل على تحويل انفتاحه على أمراء الرياض إلى نافذة للحل في سوريا، خاصة في ما يتعلّق بمكافحة الارهاب. رغبة بوتين في جمع دمشق والرياض في تحالف واسع ضد تنظيم «داعش»، يشمل أيضاً تركيا والأردن، كانت «المفاجأة» في زيارة الوفد السوري أمس. مفاجأة كونها تنافي اتهام الرياض وأنقرة وعمان بدعم الارهاب في سوريا، على ما يكرّره المسؤولون السوريون على الأقل.
وليد المعلم لم يرفض الفكرة الروسية. «تحول هذه الدول التي تآمرت على سوريا وشجّعت الإرهاب إلى حلف لمكافحته»، هو معجزة كبيرة جداً إن حصلت برأي الوزير السوري.
بوتين «الذي يصنع المعجزات»، سيرسل اقتراحه الجديد ليكون على رأس جدول أعمال وزير خارجيته سيرغي لافروف عند لقائه نظيره الأميركي جون كيري في فيينا اليوم على هامش المفاوضات النووية الإيرانية. وكشف الرئيس الروسي، أيضاً، أن موسكو تتلقى خلال اتصالاتها مع دول المنطقة التي تربطها بها علاقات طيبة جداً، إشارات تدل على استعداد تلك الدول للإسهام بقسطها في مواجهة الشر الذي يمثله «داعش». وأوضح أن ذلك «يتعلق بتركيا والأردن والسعودية».
وأكد أن موسكو مستعدة لدعم دمشق إذا اتجهت الأخيرة إلى الدخول في حلف مع دول أخرى في المنطقة، بما فيها تركيا والأردن والسعودية، لمحاربة «داعش». وأقرّ بأن تشكيل مثل هذا الحلف يعدّ مهمة صعبة التنفيذ، نظراً إلى الخلافات والمشاكل التي شابت العلاقات بين الدول.
وقال مخاطباً المعلم: «لكن إذا اعتبرت القيادة السورية هذه الفكرة مفيدة وممكنة، فإننا سنبذل كل ما بوسعنا من أجل دعمكم. ونحن سنعتمد على علاقاتنا الطيبة مع جميع الدول في المنطقة لكي نحاول على الأقل تشكيل مثل هذا التحالف».
كذلك أكد بوتين أن «تطورات الأوضاع المعقدة في سوريا مرتبطة بالدرجة الأولى بالعدوان الذي يشنّه الإرهاب الدولي. لكننا واثقون من انتصار الشعب السوري في نهاية المطاف. أما سياستنا الرامية إلى دعم سوريا والقيادة السورية والشعب السوري، فستبقى دون تغيير».
وأكد المعلم أنّه حصل خلال لقائه الرئيس بوتين على وعد بدعم سوريا سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. وأضاف، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره لافروف: «لقد استمعت باهتمام بالغ إلى ما قاله الرئيس بوتين حول الوضع في سوريا وضرورة قيام تحالف إقليمي دولي من أجل مكافحة الإرهاب… أعرف أن الرئيس بوتين رجل يصنع معجزات كما فعل في روسيا الاتحادية، لكن التحالف مع تركيا والسعودية وقطر والولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب يحتاج إلى معجزة كبيرة جداً»، متسائلاً «كيف تتحول هذه الدول التي تآمرت على سوريا وشجعت الإرهاب وموّلته وسلحته وساهمت في نزف دم الشعب السوري إلى حلف لمكافحة الإرهاب… نأمل ذلك».
وأشار إلى أنّ الوفد السوري أجرى محادثات مفصلة ومثمرة مع الجانب الروسي تمحورت حول سبل إيجاد الحل السياسي للأزمة في سوريا، قائلاً: «نحن ممتنون لأصدقائنا في الاتحاد الروسي لعقدهم موسكو1 وموسكو2 وعزمهم على عقد موسكو 3… ونعتقد أن هذا هو الطريق الأسلم للإعداد لمؤتمر جنيف ناجح. ونيابة عن صديقي الوزير لافروف أدعو (الموفد الأممي ستيفان) دي ميستورا إلى حضور موسكو 3».
بدوره، قال لافروف إنه «جاء في اللقاء مع الرئيس بوتين أنه لا بد من اعتماد التحليل الموضوعي للأوضاع الراهنة وإجراء الاتصالات مع جميع القوى المعنية، بما فيها الدول المجاورة كالسعودية وتركيا والأردن، واستنتاج أن جميع هذه الدول تدرك خطورة تزايد النشاط الإرهابي… ولا بد لجميع الدول من التخلي عن الخلافات في ما بينها والتركيز على مهمة تضافر الجهود من أجل محاربة التهديد العام وهو الإرهاب».
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي