رحب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالاتفاق النووي الذي توصلت إليه السداسية وإيران في فيينا، مؤكدا أن بلاده ستبذل كل ما في وسعها لتفعيل طاقات هذا الاتفاق.
ظريف: روسيا كانت ولا تزال شريكا استراتيجيا لإيران
وجاء في بيان نشر على الموقع الإلكتروني للكرملين: “ترحب روسيا بالحل الذي تم التوصل إليه اليوم في فيينا لتسوية الوضع حول البرنامج النووي الإيراني وبخطة الأعمال الشاملة التي وافقت عليها السداسية وإيران. إننا واثقون من أن العالم تنفس اليوم الصعداء”. لكون الاتفاق يعتمد على مبدأ العمل على مراحل والمعاملة بالمثل، الذي كان الجانب الروسي يدافع عنه في جميع مراحل المفاوضات الصعبة التي استمرت سنوات طويلة”. كما أن الاتفاق الشامل يعتمد على قاعدة القانون الدولي، وبالدرجة الأولى على معاهدة منع الانتشار النووي واتفاقية ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما في ذلك البروتوكول الإضافي.
وأردف البيان: “على الرغم من محاولات تبرير سيناريوهات استخدام القوة، اختار المشاركون في المفاوضات بصورة حازمة، الاستقرار والتعاون، وسيتم تكريس هذا الخيار بقرار سيصدر عن مجلس الأمن الدولي”. وموسكو بدورها ستبذل كل ما بوسعها من أجل تفعيل كامل طاقات اتفاقات فيينا، ولكي تساهم تلك الاتفاقات في تعزيز الأمن الدولي والإقليمي، والنظام العالمي لعدم الانتشار النووي، وإقامة منطقة خالية من سلاح الدمار الشامل ووسائل إيصاله في الشرق الأوسط، وتشكيل تحالف واسع النطاق في المنطقة لمواجهة الخطر الإرهابي. “إننا نأمل في أن تفي كافة الأطراف المعنية، وبالدرجة الأولى، دول السداسية، بصورة شاملة، بالحلول التي تم التوصل إليها “.
لافروف: الاتفاق يستند إلى مبدأ اقترحته روسيا
من جانبه أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في بيان له الثلاثاء 14 يوليو/تموز إلى أن الاتفاق مع إيران يستند إلى مبدأ سبق لروسيا أن اقترحته في التعامل مع ملف طهران النووي، وهو مبدأ “المرحلية والتبادلية”، كما أنه يرتكز إلى معادلة طرحها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: الاعتراف بحق إيران غير المشروط في تنفيذ برنامج نووي سلمي، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم، مع وضع هذا البرنامج تحت مراقبة دولية وتسوية المسائل العالقة التي تثير هموم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ورفع جميع العقوبات المفروضة على إيران.
كما دعا الوزير الروسي إلى الاستفادة من خبرة عمل “السداسية” على إعداد الصفقة مع إيران في حل مشكلات أخرى، قائلا: “لقد أثبتت الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا والاتحاد الأوروبي قدرتها على القيام بعمل مشترك. وتم تراكم رصيد من الثقة سينفع كثيرا في تنفيذ الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني. ونتمنى أن تكون هذه الخبرة التي لا تقدر بثمن والتي لم تطغ عليها حسابات جيوسياسية مؤدلجة، مطلوبة لحل أزمات أخرى، حيث لا يمكن ضمان النجاح سوى من خلال عمل مشترك نزيه”. وأضاف أن “روسيا مستعدة” للمشاركة في مثل هذا العمل.
لافروف: الاتفاق يزيل العوائق أمام تشكيل تحالف واسع لمواجهة “داعش”
كما ذكر لافروف أن توقيع الاتفاق “يزيل العوائق، بما في ذلك المصطنعة منها، أمام تشكيل تحالف دولي واسع لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية وغيرها من المنظمات الإرهابية”. وقال في بيان إن تطبيع الوضع مع إيران يزيل الذرائع لاستخدام القوة ضد طهران، الأمر الذي كان البعض يرى فيه “بديلا واقعيا” عن طريق المفاوضات.
هذا وذكر لافروف أن الاتفاق المذكور يخلق حوافز إضافية للتقدم نحو إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط. وفيما يتعلق بأهمية الحدث بالنسبة للعلاقات الروسية الإيرانية، أكد الوزير أن الاتفاق يسمح بتوسيع إمكانات التعاون العسكري التقني بين البلدين، مشيرا إلى أهمية هذا التعاون في ضوء الضرورة الملحة لمواجهة التهديدات الإرهابية في المنطقة.
كما تطرق لافروف في ضوء توقيع الاتفاق في فيينا إلى مسألة الدرع الصاروخية في أوروبا، معربا عن أمل موسكو في أن تدخل واشنطن تعديلات على خططها في هذا الشأن. معيدا إلى الأذهان أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما صرح في أبريل/نيسان 2009 بأنه بعد تسوية الملف النووي الإيراني فإن تطوير القطاع الأوروبي من منظومة الدرع الصاروخية سيفقد جدواه. وأكد لافروف استعداد موسكو للحوار مع واشنطن حول هذا الموضوع.
لافروف: التوصل إلى اتفاق نووي عامل صحي بالنسبة للوضع في المنطقة
وفي وقت سابق علق لافروف على توصل إيران والسداسية إلى اتفاق نووي نهائي قائلا إنه عامل صحي بالنسبة للوضع في الشرق الأوسط بشكل عام. وأوضح في مؤتمر صحفي مقتضب عقده على هامش المفاوضات النووية التي اكتملت الثلاثاء 14 يوليو/تموز في فيينا: سيلعب الحل الذي تم التوصل إليها بشأن إيران، دورا مهما في تعزيز نظام منع الانتشار النووي بشكل عام، وسيكون له تأثير صحي على الوضع العام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والخليج”.
وأعرب الوزير عن أمله في أن يساعد هذا التطور في عقد مؤتمر دولي خاص بتحويل الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل. وتابع أن الجانب الروسي ذكّر الأمريكيين بتصريحاته السابقة الداعية لعدم تطوير الدرع الصاروخية الأمريكية في أوروبا في حال التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، مضيفا أن موسكو تنتظر ردا على تلك الملاحظات من واشنطن.
وأعاد لافروف إلى الأذهان أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قال في خطاب ألقاه في براغ في عام 2009 إنه إذا نجحت الجهود الرامية إلى تسوية قضية البرنامج النووي الإيراني، فلن تعود مهمة إقامة القسم الأوروبي من الدرع الصاروخية قائمة. “لذلك لفتنا انتباه شركائنا الأمريكيين إلى هذا الموضوع، وسننتظر رد فعلهم”.
لافروف: روسيا ستشارك بنشاط في تنفيذ الاتفاق النووي مع إيران في جميع مراحله
كما قال وزير الخارجية الروسي إن روسيا ستشارك بنشاط في الإجراءات العملية لتطبيق الاتفاق النووي مع طهران في جميع المراحل. كاشفا أن الاتفاق النووي يشير إلى الدور الروسي الرائد في إشارة إلى مشروعين، أحدهما يتعلق بنقل اليورانيوم منخفض التخصيب من إيران إلى الأراضي الروسية، وذلك مقابل توريدات اليورانيوم الطبيعي. أما المشروع الثاني المذكور في الاتفاق والذي ستلعب موسكو دورا محوريا في تنفيذه، فيتعلق بإعادة تأهيل منشأة تخصيب اليورانيوم في فوردو وتحويله إلى منشأة لإنتاج النظائر المستقرة للأغراض الطبية والصناعية.
وتابع أن الاتفاق النهائي يتناسب تماما مع مهمة وضعتها الدبولماسية الروسية نصب عينيها تتمثل في انتزاع اعتراف دولي بحق طهران في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، بما في ذلك الحق في تخصيب اليوارنيوم مع وضع مراقبة شديدة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية على هذا النشاط ومع رفع كافة العقوبات المفروضة على طهران.
وأكد لافروف أن جزءا كبيرا من العقوبات، بما فيها العقوبات الأحادية المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي والقيود التي فرضتها الولايات المتحدة على التعاون مع طهران في مجال الطيران المدني وفي مجالات أخرى، ستُرفع فورا. أما بالنسبة الحظر المفروض على توريد الأسلحة، فإن طهران والسداسية توصلتا إلى حل وسط بشأنه، إذ سيتم توريد الأسلحة إلى إيران لمدة 5 سنوات بعد موافقة مجلس الأمن الدولي على التوريدات.
واعتبر لافروف أن تطبيق الاتفاق النووي سيؤثر إيجابيا على العلاقات بين روسيا وإيران.
وقال: “لا شك في أنه سيشكل دفعا إضافيا لعلاقاتنا الثنائية، وذلك بفضل إزالة القيود المفروضة من قبل الشركاء الغربيين عن طريق عقوباتهم الأحادية وغير الشرعية ضد إيران”. وأوضح أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حاولا توسيع نطاق تطبيق هذه العقوبات، كي تطال الشركات الروسية التي تعمل في إيران، وذلك ما أدى إلى ظهور عراقيل كثيرة بالنسبة لتلك الشركات لدى تنفيذ المعاملات المالية وتنفيذ مشاريعها المشتركة مع إيران.
الخارجية الروسية: الاتفاق النووي مع إيران يجب أن يحول دون تنفيذ سيناريو استخدام القوة ضد طهران
بدورها أكدت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن موسكو مصممة على مواصلة العمل النشط من أجل ضمان تنفيذ الاتفاق النووي مع طهران بصورة مستقرة، بما في ذلك تنفيذ حزمة من المشاريع الروسية-الإيرانية المشتركة.
وتابعت: “إننا ندعو جميع المشاركين في خطة الأعمال المشتركة إلى العمل بنزاهة والوفاء بالالتزامات التي أخذوها على عاتقهم”.
وأعربت الوزارة عن ثقتها بأن يؤثر الاتفاق النووي إيجابيا على الوضع في مجال الأمن والاستقرار بالشرق الأوسط بشكل عام، بما في ذلك منطقة الخليج.
وأضاف البيان: “يجب أن يحول الاتفاق الشامل الذي تم التوصل إليها، دون تطور الوضع حول إيران وفق سيناريو استخدام القوة، بالإضافة إلى خلق مقدمات مهمة لإحراز تقدم على طريق تشكيل منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، وحشد تحالف واسع مناهض للإرهاب في الإقليم. كما أنه أمر يصب في مصالح المجتمع الدولي برمته”.
المصدر: وكالات
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي