لا شك أن اللقاء الذي جمع الطرفين الروسي والسعودي لقي اهتماماً لدى الرأي العام الإقليمي والدولي.
لكن هذا اللقاء الذي حاول الإعلام السعودي والخليجي الإيحاء بأنه اتسم بتفاهمٍ حول الأزمة السورية، أثبت أن مسألة بقاء الرئيس الأسد ليست أمراً للنقاش لدى موسكو، كما أن إقامة خلافةٍ للإرهاب ليست من الأمور الوارد القبول بها. وهو الأمر الذي يبدو أنه لم يُعجب الطرف السعودي، مما دفع رئيس استخبارات الرياض السابق تركي الفيصل لتحذير موسكو غامزاً من قناة نقل الإرهاب الى الداخل الروسي! فماذا في اللقاء الذي جمع الطرفين؟ وكيف يمكن تحليله؟
لقاء الروسي السعودي وتصريحات الفيصل:
في وقتٍ أجمعت فيه الصحف ووسائل الإعلام عن أن اللقاء الذي جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأحد، وولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع محمد بن سلمان تناول البحث في فرصة التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع في سوريا، أظهرت تقارير إعلامية أن الطرف السعودي عرض على روسيا مبلغ 400 ملیار دولار الى جانب العديد من الإستثمارات المربحة، مقابل الإطاحة بالرئیس السوری بشار الأسد والتخلی عنه، وهو الأمر الذي رفضه بوتين بشدة. فعلى الرغم من أن الطرفين أشارا الى وجود تعاون وثيق بينهم منذ أعوام حول الأزمة السورية، إلا أن التقارير أظهرت تباين الطرفين بالرؤية تجاه الأزمة السورية.
وفي سياقٍ متصل حذر رئيس الإستخبارات السعودية السابق تركي الفيصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من عواقب دعم نظام بشار الأسد في سوريا. وقال في لقاء مع “CNN” إن تدخل الروس في سوريا “خطأ غير محسوبة عواقبه وقد يضع موسكو في عداء مع 1.25 مليار مسلم”. كما أوضح أن السعودية “لا تعرف ما هي طبيعة النوايا الروسية.. يقولون إنهم يريدون محاربة الإرهاب ولكنهم يقومون بذلك بشكل انفرادي، دون تنسيق”.
تحليلٌ ودلالات:
اثبتت التقارير أعلاه أن الجهود السعودية للإطاحة بالأسد الى جانب السعي لإسترضاء موسكو قد فشلت. وهو الأمر الذي يعني أن الطرفين الروسي والسعودي فشلا في التوصل لرؤية موحدة فيما يخص الأزمة السورية، مما يجعل السيناريوهات التالية ممكنة الحصول:
– قد تسعى السعودية لعرقلة الدور الروسي في سوريا وإفشال سعي موسكو للإنتصار في معركتها ضد الإرهاب وذلك من خلال دعم التنظيمات الإرهابية عبر تزويدهم بأسلحة متطورة لا سيما مضادات للطائرات. وهو الأمر الأكثر ترجيحاً نتيجة تطابق ذلك مع السياسة السعودية المعتمدة. كما أن تصريحات الفيصل، تُشير للعديد من التكهنات، حول الدور السعودي في تأجيج الصراعات ودعم التطرف. بينما تُطرح العديد من الأسئلة حول قدرة الرياض تحمل هكذا مستوى من الخطاب السياسي؟
– من جهةٍ أخرى قد ترضخ الرياض للأمر الواقع القاضي بالتعامل مع حقيقة أن إزاحة الأسد من الحكم في سوريا لم يعد مطروحاً. لكن هذا الإحتمال يبقى بعيداً عن الحدوث حالياً نتيجة أن السعودية ما تزال تضع رحيل الأسد من أولوياتها.
وهنا نقول أن بقاء الأسد أو رحيله لم يعد ضمن الخيارات المطروحة أصلاً. فيما تصر السعودية على ذلك نتيجة فقدانها للأوراق التفاوضية. فالحل السياسي في سوريا أو ما يسمى اليوم بالمرحلة الإنتقالية، أصبح بيد روسيا ومحور المقاومة. مما يعني أن أمريكا وأعوانها ليسوا من ضمن الأطراف القادرة على فرض الشروط. وهو الأمر الذي يفسر طروحات السعودية إذ أن أسهل ما قد تستطيع الرياض القيام به، هو شراء الآخرين بالمال. وهو ما يؤكد ضعف القراءة السعودية للواقع السياسي الحالي في المنطقة بأبعاده الإستراتيجية. فالرياض غارقة في المستنقع اليمني اليوم، ولا مجال لها للعب أي دورٍ محوريٍ في المعادلات الإقليمية أو الدولية. ليتبين لنا أن الزيارة السعودية لروسيا، ليست سوى محاولة ولدت ميتة، نتيجة الفارق الكبير في الأفق السياسي بين البلدين. فبينما تسعى روسيا لضرب الإرهاب وحماية أمنها القومي، تسعى الرياض لتحصيل ورقةٍ سياسية ولو عبر شرائها بالمال.
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي