في تاريخ أميركا التي دعا ترامب إلى منع المسلمين من دخولها، مسلم شهير، يرفقون لقب “البطل” مع اسمه كلما تذكروه وكتبوا عنه كمقاتل قبل 260 سنة مع 500 إفريقي الأصل مثله بجيش قاده جورج واشنطن في معارك “حرب الاستقلال الأميركية” ضد البريطانيين، وكان أبرزهم على الإطلاق، وقام بما سجله له التاريخ الأميركي.
هو الذي قتل في معركة مهمة أحد أبرز قادة الجيش المستعمر لبلاد، جاءها أجداد ترامب مهاجرون من ألمانيا على طبق من فضة بعد استقلالها، فغرفوا من خيراتها وامتلكوا ثروات، انتقلت بالميراث المتواتر إلى ترامب، الذي أبصر النور في 1946 وبفمه طقم كامل من شوك وملاعق ذهبية.
كان “البطل” اسمه بيتر سالم. مسلم من عبيد أميركا، ولد في 1750 ببلدة “فرامينغهام” بولاية ماساشوستس، وكان سكانها نصف عددهم الحالي، وهو 70 ألفا، وفق ما طالعته “العربية.نت” عنها، كما وبسيرته، المتضمنة أنه عاش فيها باسم Peter Buckminster على اسم آخر مستعبديه، وكان اسمه Lawson Buckminster الذي حرره ليتسنى له الانضمام إلى ميليشيات محلية، غادرها فيما بعد لينخرط في “الجيش القاري” بقيادة واشنطن، بعد اندلاع “الثورة الأميركية” على المستعمرين البريطانيين.
والتف وسط المتحاربين وقتل الميجر جنرال
الثورة التي استمرت 8 سنوات دموية، انتهت باستقلال أميركا عن إمبراطورية لم تكن تغيب عنها الشمس، وقاتل فيها سالم 5 أعوام مع “الجيش القاري” بلا توقف، وأبلى فيها ما استحق معه نصباً تذكارياً أقاموه له، مع لقب “بطل” ومدائح متنوعة، حتى إن الممثل البريطاني Jimmy Akingbola لعب شخصيته في مسلسل تلفزيوني أميركي من 3 حلقات، اسمه Sons of Liberty وهو تاريخي عن “حرب الاستقلال” وعرضته قناة History التلفزيونية الأميركية في يناير الماضي.
وفي إحدى أهم معارك “حرب الاستقلال الأميركية” المعروفة بمعركة Bunker Hill في ماساشوستس، تمكن سالم الذي تلاها بمشاركته في معركتي “ساراتوغا” ومن بعدها “ستوني بوينت” الشهيرتين، من الالتفاف وحيدا وسط المحاربين من الجانبين، مستهدفاً على حد ما قرأته “العربية.نت” في معلومات أرشيفية عن المعركة، قائدها بالذات، وهو الميجر جنرال John Pitcairn فقتله على مرأى من جنوده، وكان قتله حاسما بتقرير مصير المعركة، الوارد شأنها أيضا في أفلام ومسلسلات أميركية عدة أخرجوها.
بعد معارك واشتباكات متنوعة شارك فيها سالم، عاش وحيدا وفقيرا في ماساشوستس، يعمل بحياكة ونسج الكراسي والسلال من مقاطع القصب، ثم تزوج في سبتمبر 1783 ممن كان اسمها Katy Benson وفق الوارد عنه في موقع American national biography المعروف بـأحرف ANB اختصارا، والوارد فيه عدم وجود أي معلومات تشير إلى إنجاب زوجته لأبناء.
“هنا عاش بيتر سالم، جندي الثورة الأسود”
في المعلومات الأرشيفية عنه أيضا، أنه أمضى آخر سنوات حياته، وحيدا في بيت من الأسوأ بمدينة “فرامينغهام” حيث أبصر النور، وفيه عثروا عليه ميتا بأحد الأيام، فنقلوه في جنازة “وسط تكريم شرفي غير معتاد لعبد سابق مثله” وبعدها في 1882 أقامت له المدينة نصبا تذكاريا حفروا على رخامه: “بيتر سالم. جندي الثورة بمعارك كونكورد وبنكر هيل وساراتوغا، توفي في 16 أغسطس 1816” وما زال النصب للآن.
بعدها كرموه أكثر، بوضعهم صخرة في الموقع الذي أقام وكان يعمل فيه بالحياكة القصبية، وحفروا عليها: “هنا عاش بيتر سالم، جندي الثورة الأسود”. وبعد الصخرة طواه النسيان، حتى تذكروه مع دعوة ترامب لمنع المسلمين من دخول أميركا، حيث ولد هو ووالده فيها، أما جده فجاء مهاجراً من ألمانيا ليعيش في أميركا مستقلة بدماء من قاتلوا لتنال استقلالها، ومنهم سالم الشهير.
جد ترامب ولد في 1869 باسم فريدريك ترامب، في مقاطعة “راينلند بالاتينات” حيث ولد أيضا مخترع أول آلة طابعة، يوهان غوتنبرغ، وهاجر في 1885 إلى نيويورك، واشتغل حلاقا مدة 6 أعوام، ثم غادر إلى واشنطن وأسس مطعما، وفق سيرته التي طالعت فيها “العربية.نت” أنه ترك ثروة ضخمة حين توفي في 1918 ومعها ترك 3 أبناء: أليزابيث وفريد وجون، والثاني فريد كان ثريا بالملايين بثلاثينيات القرن الماضي، وترك لابنه دونالد ترامب ثروة حين وفاته فيما بعد، تراكمت وتضخمت إلى 9 مليارات دولار، ذكرها الساعي لحرمان المسلمين من أميركا في طلب ترشحه للرئاسة.
لا صورة لسالم الذي لم تكن في زمنه كاميرات، إلا أنهم استمدوا من لوحة للفنان الأميركي جون ترامبل عن معركة “بنكر هيل” رسماً له وهو في زاويتها أسفل اليمين خلف الجنرال البريطاني جون بتكيرن، قبل أن يقدم على قتله، وجعلوها ممهورة على طابع بريد أميركي، تكريماً لسالم، وقد يحلم ترامب عشرات السنين ليمهروه على طابع مثله.
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي