لماذا لم يُهزم 'داعش' حتى الآن؟

نشرت صحيفة “الكونفدنسيال” الإسبانية مقال رأي، تحدثت فيه عن الأسباب التي تقف وراء تواصل وجود تنظيم “داعش” إلى حد الآن، حسب وجهة نظر العقيد والمحلل الجيوسياسي، بيدرو بانيوس.
 
وقال الكاتب في تقريره، إنه على الرغم من النكسات التي عرفها “داعش”، إلا أنه تمكن من المقاومة والبقاء.
 
وفي الآونة الأخيرة، أعلنت قيادات مدنية وعسكرية أميركية، أن العمليات التي قادتها قد أضعفت تنظيم “داعش” بشكل حاد. كما دعمت ذلك بأرقام ملموسة، منها تضرر أو تدمير أكثر من 23 ألفًا من المنشآت الموجودة على الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم “داعش”، هذا فضلا عن القضاء عن أكثر من 27 من عناصره.
 
وأشار الكاتب إلى أن هذه الأرقام ليست صادمة، إذا أخذنا بعين الاعتبار أنه في الجبهة المحاربة لتنظيم “داعش” توجد أولى القوى العسكرية في العالم؛ باستثناء الصين التي تملك آلات حرب وحشية ومجهزة حتى بالأسلحة النووية؛ منها الولايات المتحدة وروسيا إلى جانب المملكة المتحدة وفرنسا.
 
وعلق الكاتب بأنه ما يثير الدهشة، هو كيف تمكن تنظيم “داعش” من مقاومة كل هذه القوى العسكرية؟ والغريب أيضا، هو قدرة مجموعة من القوات، من دون أسلحة جوية أو أنظمة صاروخية أو مدفعيات أو حتى خدمات لوجستية محكمة التنظيم، على الاستمرار في تنفيذ هجمات وحشية وبث الخوف داخل حدودها وفي الغرب.
 
وأضاف الكاتب إنه من الواضح أن تنظيم “داعش” يعاني من مشاكل اقتصادية، لكن ما هو أكثر وضوحًا أن المنظمة ما زالت بعيدة عن الاندثار.
 
ومن ناحية أخرى، يبدو من الصعب التوصل إلى معلومات دقيقة حول الوضع الحالي لتنظيم الدولة في المناطق التي يسيطر عليها؛ نظرا لأنه لا يوجد فيها صحافيون لينقلوا لنا تقارير موثوقة، كما أن عناصر المنظمة شديدو الحرص لمنع حالات التسلل داخل أراضيهم.
 
وقال الكاتب أيضا، إنه في المقابل، يمكن ملاحظة بعض القرائن التي تفسر لنا: “لماذا وكيف تمكن تنظيم الدولة من البقاء دون التوصل إلى هزيمته؟” وهي على الشكل التالي:
 
أولا: تمكن تنظيم “داعش” من البقاء بفضل نجاحه في زرع روح قتالية في أتباعه، بما في ذلك القوى المحلية والخارجية، وإقناعهم بفكرة أنهم يقاتلون من أجل أرضهم وحقوقهم، ومن هنا يولد فيهم إيمانًا مطلقًا بالحرب التي يقودونها من دون الخوف من الموت.
 
وبالإضافة إلى ذلك، عمل التنظيم على إقناع أتباعه بأنهم هم ورثة القوات التي طردت الأميركيين من العراق والسوفيات من أفغانستان، وأنهم بالفعل هزموا أقوى الامبراطوريات في التاريخ؛ وأن لا شيء يمنعهم من السيطرة على العالم.
 
وأضاف ان القرينة الثانية تتمثل في القوة الاستخباراتية والاستراتيجيات التكتيكية للمنظمة، التي تعتبر مفتاح نجاحها، وذلك من خلال تمكن تنظيم “داعش” من تكوين شبكة من الجواسيس، لإرسالهم لغاية التعرف على أرض العدو قبل شن هجمات فيها. هذا فضلًا عن الخلايا النائمة والعناصر المتسللة في صفوف العدو.
 
كما تسيطر المنظمة على شبكة جواسيس لأجهزة الاستخبارات في الجهة المقابلة، وذلك بالاعتماد على السكان المحليين، الذين يعترفون بإرادة منهم أو بترهيبهم.
 
وحول النقطة الثالثة، تحدث الكاتب عن التكتيكات الناجحة لتنظيم “داعش” الذي حافظ على تواصل وجوده. وعلى رأس القائمة، ذكر الكاتب استراتيجيات الانسحاب التي تتبعها المنظمة بمحض إرادتها، خاصة عندما تشعر بالضغط.
 
ويرى الكاتب أن هذه الخطوة تبرهن على قدرته وحنكته التكتيكية؛ مثل ما حصل في معركة استعادة الرمادي عندما كانت قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة تفوق قوات تنظيم “داعش” بعشر مرات.
 
أما رابعا: فقد تحدث الكاتب عن قدرة تنظيم “داعش” على مغالطة وسائل الإعلام الجوية؛ من خلال حرق إطارات أو عدم ارتداء الزي الرسمي والتنقل عبر سيارات مدنية. هذا فضلًا عن قدرة المنظمة على تجنب القصف الجوي من خلال حفر خنادق ووضع نظام معقد للأنفاق.
 
وخامسا: تحدث الكاتب عن حسن تقسيم تنظيم “داعش” لمقاتليه، وقدرته على حشد عدد كبير من الأتباع ومن جميع القارات. كما أن جزءا كبيرا من نجاح التنظيم يقف على انضمام السكان المحليين إلى صفوفه، خاصة في سوريا.
 
هذا، فضلا عن المعدات العسكرية التي تم الاستحواذ عليها من الجيش السوري أو العراقي، التي ساعدت التنظيم على البقاء. ويضاف إلى ذلك، تمكنه من شراء الأسلحة المهربة من البلدان المجاورة.
 
ومن بين النقاط الأخرى التي تحدث عنها الكاتب، نذكر حسن التنظيم الذي يتبعه تنظيم “داعش”. وتجدر الإشارة إلى أن تنظيم الدولة قام بتقسيم “أراضي الخلافة” التي تمتد بين سوريا والعراق، إلى 12 مقاطعة، كل منها لديها قوة مسلحة خاصة بها، التي تنقسم بدورها إلى وحدات مختلفة، بما في ذلك القوات الخاصة والقناصة والدفاع الجوي والخدمات اللوجستية.
 
وفي الختام، تحدث الكاتب عن النقاط الأخرى التي ساهمت في بقاء تنظيم “داعش”، مثل الدعم الذي يلقاه التنظيم من السكان المحليين. هذا إضافة إلى الوضع السياسي غير المستقر في العراق والاشتباكات الكردية ـالشيعية؛ التي دائما تعود بالمنفعة على تنظيم “داعش”.
 
 

لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة