ترامب يغلق الهاتف في وجه رئيس وزراء أستراليا .. هذا ما جرى في أسوأ محادثة بين رئيسين

هافينغتون بوست عربي –
كان ينبغي أن تكون تلك إحدى أكثر المكالمات ودية للرئيس الجديد- محادثة مع زعيم أستراليا، واحدة من أكبر حلفاء أميركا، في نهاية أسبوع مليء بالانتصارات.
 
بدلاً من ذلك، انتقد ترامب رئيس الوزراء الأسترالي مالكوم تيرنبول حول اتفاقية اللاجئين، وتفاخر بفوزه الانتخابي الساحق، وفقاً لما نشرته صحيفة واشنطن بوست، نقلاً عن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى، اطلعوا على محتوى المحادثة الهاتفية التي جرت يوم السبت. وكان من المتوقع أن تستمر هذه المكالمة لمدة ساعة، ولكن بعد 25 دقيقة أنهى ترامب المكالمة بشكل مفاجئ، حسبما نشرت صحيفة The Washington Post الأميركية.
 
أبلغ ترامب تيرنبول أنه تحدث مع أربعة من زعماء العالم الآخرين في ذلك اليوم -بما في ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين- وأن هذه المحادثة “كانت أسوأ من المحادثات الأخرى بكثير”.
 
 
إخضاع العالم
 
يشير سلوك ترامب إلى أنه قادرٌ على إخضاع قادة العالم، بما في ذلك الحلفاء المقربون، إلى نوعية النقد اللاذع الذي كثيراً ما يستخدمه ضد الخصوم السياسيين ووكالات الأنباء، سواء في خطبه أو على تويتر.
 
قال ترامب غاضباً “هذا أسوأ اتفاق على الإطلاق”، وذلك حينما حاول تيرنبول التأكيد على أن الولايات المتحدة ستفي بتعهدها وتستقبل 1250 لاجئاً من مركز الاحتجاز الأسترالي.
 
قال ترامب، الذي كان قد وقع قبل يوم واحد أمراً تنفيذياً يحظر قبول اللاجئين مؤقتاً، إن هذا “سوف يقتله” سياسياً، واتهم أستراليا بأنها تسعى لتصدير “مفجري بوسطن المقبلين”.
 
عاد ترامب لهذا الموضوع في وقت متأخر من مساء الأربعاء، فكتب في رسالة على تويتر “هل تصدقون ذلك؟ وافقت إدارة أوباما على استقبال آلاف المهاجرين غير الشرعيين القادمين من أستراليا. لماذا؟ سأدرس هذا الاتفاق الغبي!”.
 
وأوضح مسؤولون أميركيون أن ترامب قد تصرف على نحو مماثل في محادثات مع قادة الدول الأخرى، بما فيها المكسيك. ولكن المعاملة التي تعامل بها مع تيرنبول كانت مفاجئة بشكل خاص، بسبب الروابط الوثيقة بين الولايات المتحدة وأستراليا- فالدولتان تتعاونان مخابراتياً، وتدعم كل منهما الأخرى دبلوماسياً، وخاضتا عدة حروبٍ معاً، بما في ذلك في العراق وأفغانستان.
 
هذا الوصف يظهر مزاج ترامب وأسلوب تعامله مع المتطلبات الدبلوماسية لوظيفته كرئيس تنفيذي للولايات المتحدة، وهو الدور الذي لا يزال يوظف فيه كل التكتيكات التفاوضية الحادة التي اكتسبها في مسيرته المهنية في مجال التطوير العقاري، وأسلوبه المتحذلق الذي أظهره على تلفزيون الواقع.
 
 
تقارير البيت الأبيض
 
لكن الصورة التي ترسمها مكالمات ترامب تتناقض مع تقارير البيت الأبيض “المنقحة”. على سبيل المثال ذكرت التقارير الرسمية حول محادثته مع تيرنبول أن الزعيمين “أكدا على قوة العلاقة بين الولايات المتحدة وأستراليا ومدى التآلف بين البلدين، والذي يعتبر ضرورياً من أجل السلام والاستقرار والازدهار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وكذلك على الصعيد العالمي”.
 
هذا، وقد رفض متحدث باسم البيت الأبيض التعليق. واعترف مسؤول كبير بالإدارة الأميركية أن محادثة ترامب مع تيرنبول كانت عدائية ومشحونة، ولكنه أكد أن معظم مكالماته مع الزعماء الأجانب -بما في ذلك رؤساء اليابان وألمانيا وفرنسا وروسيا- كانت مثمرة وودية.
 
وقال مسؤولون أيضاً إن ترامب تحدث بغضبٍ وتفاخر بإنجازاته السياسية في محادثةٍ شابها التوتر مع الرئيس المكسيكي إنريكي بينيا نييتو. فقد تنازع الاثنان منذ أشهر بشأن تعهد ترامب بأن يجبر المكسيك على دفع تكلفة بناء جدارٍ على الحدود بين البلدين، وهو الصراع الذي دفع بينيا نييتو إلى إلغاء اجتماع مزمع مع ترامب.
 
حتى في المحادثات التي شابها تبادل الانتقادات، لم يغفل ترامب عن ذكر إنجازاته الانتخابية. فقد صرح مسؤولون أميركيون بأنه استغل محادثاته مع تيرنبول وبينيا نييتو كفرصةٍ لذكر فوزه في الانتخابات أو حجم الحشد المؤيد له في حفل تنصيبه.
 
قال أحد المسؤولين إن السبب قد يرجع إلى الطريقة “التي يتحدث بها ترامب عن التفويض الذي حصل عليه، وسبب وجود الدعم للقرارات التي يتخذها”. ولكن، من المُلاحظ أن ترامب لديه حساسية مُبالَغ فيها، ويسهل إغضابه، إذ استخدم العديد من المنصات بما فيها حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، والاجتماعات مع المُشَرِّعين، وحتى خطابه في مقر وكالة المخابرات المركزية، ليصوّر انتصاره وكأنه إنجاز ذو أبعاد تاريخية، وليس نتيجة ضعيفة، فازت فيها غريمته، هيلاري كلينتون بالتصويت الشعبي.
 
الاحتكاكات التي حدثت بينه وبين تيرنبول عكست مدى الغضب الذي يصيب ترامب عندما يتوجب عليه التقيُّد بالاتفاق الذي توصلت إليه إدارة أوباما، لقبول اللاجئين من مواقع الاحتجاز الأسترالية، في الوقت الذي كان يصدر فيه ترامب قراراً تنفيذياً بتعليق دخول مثل هؤلاء الوافدين، من أي مكان آخر في العالم.
 
 
اتفاق اللجوء
 
وتتمحور القضية حول ما يقرب من 2,500 شخص، طلبوا اللجوء في أستراليا، ولكن تم تحويلهم إلى بعض المرافق الموجودة قبالة سواحل البلد عند جزيرتي ناورو ومانوس في بابوا غينيا الجديدة. دفعت الظروف التي يُرثى لها في تلك المواقع الأمم المتحدة للتدخل، وتعهدت الولايات المتحدة بقبول ما يقرب من نصف هؤلاء اللاجئين، شريطة تجاوزهم للفحص الأمني الذي تجريه الولايات المتحدة.
 
أتى العديد من اللاجئين من إيران والعراق والسودان والصومال، وهي الدول المذكورة في القرار الأخير الذي أصدره ترامب بحظر دخول أي من مواطني تلك الدول إلى الولايات المتحدة بصورة مؤقتة. وتسمح إحدى النصوص الموجودة في القرار بالقيام ببعض الاستثناءات، احتراماً “لاتفاقية دولية مُبرمة من قبل”، وهو السطر الذي كُتب ليشمل صفقة أستراليا.
 
إلا أن المسؤولين الأميركيين قالوا إن ترامب استمر في الاستشاطة غضباً من الاتفاقية، حتى بعد توقيع القرار في الحفل الذي أُقيم في البنتاغون.
 
قال ترامب “أنا لا أريد هؤلاء الأشخاص”. وأخطأ ترامب مراراً وتكراراً في ذكر عدد اللاجئين الذين تنص الاتفاقية على قبولهم، وقال إن عددهم 2,000 لاجئ بدلاً من 1,250 وأخبر تيرنبول أنه كان “ينوي” الالتزام بما جاء في الاتفاق، وهي العبارة التي صُنِعَت خصيصاً لتوفير مساحة مناورة للرئيس الأميركي، للتراجع عن تلك الصفقة في المُستقبل، وذلك وفقاً لما قاله مسؤول أميركي بارز.
 
أكدت السفارة الأميركية في العاصمة الأسترالية، كانبيرا، على الصحفيين الأستراليين، على أن الإدارة الجديدة تعتزم قبول اللاجئين، وذلك قبل أن ينشر ترامب تغريدته حول الاتفاقية، ليلة الأربعاء.
 
وقال مُتحدث باسم السفارة للصحفيين، إنه وفقاً لما قاله أحد المسؤولين في قنصلية سيدني “لم يتغيّر قرار ترامب باحترام اتفاقية قبول اللاجئين”. وأضاف “وهذا ما أكده البيت الأبيض على وزارة الخارجية، وعلى السفارة هنا في تمام الساعة 13:15 بتوقيت كانبيرا”.
 
وكان التوقيت الذي أبْلِغَت فيه السفارة باستمرار الاتفاقية هو 09:15 مساءً بتوقيت واشنطن، ما يعني أنه يسبق التوقيت الذي نشر فيه ترامب تغريدته، بما يقرب من ساعة وأربعين دقيقة، التي أشار فيها إلى أنه قد لا يستمر في الالتزام بالاتفاقية.
 
وقال تيرنبول لترامب، خلال المحادثة الهاتفية التي جرت بينهما يوم السبت، إن احترام ترامب للاتفاقية لن يعني أن الولايات المتحدة عليها قبول جميع اللاجئين، ولكن عليها فقط إتاحة الفرصة أمام كل منهم، من خلال تطبيق إجراءات التدقيق العادية. وعليه، تعهد ترامب بإخضاع كل لاجئ منهم “للتحرّيات المُشددة”، حسب ما قاله مسؤول كبير بالولايات المُتحدة الأميركية.
 
وقال المسؤولون إن ترامب كان مُتَشَكِّكاً، لأنه لم ير المنفعة التي ستعود على الولايات المُتحدة في حالة احترام الاتفاقية.
 
ويظهر جلياً كيف يعكس موقف ترامب وجهة نظره إزاء العلاقات مع الآخرين، حتى عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الدبلوماسية مع حلفاء أميركا القُدامى. خاضت القوات الأسترالية العديد من الحروب إلى جانب القوات الأميركية على مدى عقود، وتُحافظ أستراليا على علاقة وثيقة مع واشنطن، قائمة على التعاون في القضايا التجارية والاقتصادية.
 
تُعتبر أستراليا من الحُلفاء الموثوق فيهم في نظر أميركا، وهي واحدة من الدول الأربع التي تضمها الولايات المتحدة إلى اتفاقية “الخمسة عيون”، وهو التحالف الذي يهدف إلى التعاون بشأن المسائل التي تتعلق بقضايا التجسس. ويتبادل الأعضاء فيما بينهم، المعلومات التي تجمعها أجهزة المخابرات الخاصة بكل منهم، ويمتنعون عن التجسس على بعضهم البعض.
 
كما تزدهر السياحة بين البلدين بشكل ملحوظ.
 
أجرى ترامب اتصاله الهاتفي بتيرنبول حوالي الساعة الخامسة مساء يوم السبت، من مكتبه البيضاوي بالبيت الأبيض، وانضم إليهم كبير الاستراتيجيين، ستيفان كيفين بانون، ومستشار الأمن القومي، مايكل فلين، والسكرتير الصحفي للبيت الأبيض، شون سبايسر.
 
واقترح تيرنبول على ترامب أن يتخطى كل منهما الطريق المسدود الذي وصلا إليه بخصوص قضية اللاجئين، لمناقشة الصراع القائم في سوريا، وغيرها من القضايا الخارجية المُلحة. ولكن ترامب أبدى اعتراضه، وأنهى المُكالمة، ما جعلها أقصر بكثير من محادثاته مع شينزو آبي، رئيس الوزراء الياباني، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، أو بوتين.
 
وقال تيرنبول في مؤتمر صحفي عُقد يوم الخميس في أستراليا “تُدار تلك المُحادثات بكل 

لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة