ما تمنّاه ميسّي

رضا حريري –
مساء السبت الماضي، فازت تشيلي على الأرجنتين في نهائي “كوبا أميركا”. حقّقت تشيلي لقبها الدولي الأول، وخسرت الأرجنتين نهائياً ثانياً في سنة واحدة، بعد الخسارة في نهائي كأس العالم العام الماضي. في نهائي الـ “كوبا” انتهى الوقت الأصلي ومن بعده الإضافي دون أن ينجح أحدٌ في التسجيل. احتكم الفريقان إلى ركلات الجزاء الترجيحية التي دارت حول شخصٍ واحد، مثلها مثل المباراة، ومثلها مثل البطولة بأسرها: ليونيل ميسي، قائد منتخب الأرجنتين، النجم الأوحد لـ “برشلونة”، الفائز بلقب أفضل لاعبٍ في العالم أربع مرّات…
 
بقدر ما كان مخرج المباراة مهتمّاً بمتابعة إلى أين ستصل ركلات الجزاء، كان مهتماً بمراقبة تصرفات ميسي وانفعالاته مع كلّ تسديدة. بعد الركلة الترجيحية الأولى لتشيلي، التي وضعها ماتياس فيرنانديز بقوّة في أعلى المرمى، تقدّم ليونيل ميسي لتنفيذ الركلة الترجيحيّة الأولى للأرجنتين. بهدوئه المعتاد ركن الكرة إلى يسار الحارس التشيلي برافو. تمشّى ميسي، ترافقه الكاميرا، إلى زملائه الواقفين في منتصف الملعب، أدار رأسه للحظة إلى الشباك كما لو أنّه يتأكد من دخول الكرة، ثم واصل سيره. مع تسديد أرتورو فيدال الركلة الثانية لتشيلي، وملامسة روميرو لها قبل دخولها الشباك، انفعل ميسي، ورفع يده عن كتف زميله هيغوايين، الذي تقدّم ليسدّد ركلته. سدّد هيغوايين الكرة بقوة كبيرة وبرعونة إلى السماء. استدار ميسي وأعطى ظهره للمرمى. سجّل تشارليز أرانغويز الكرة الثالثة لتشيلي، وتصدّى كلاوديو برافو بسهولةٍ لتسديدة بانيغا المرتبك. النتيجة ثلاثة لتشيلي، واحد للأرجنتين. المخرج الذي كان مركّزاً في لقطةٍ قريبةٍ على وجه ميسي الذي يشتاط غضباً، اضطر أن ينتقل إلى منطقة الجزاء: هذه الركلة الترجيحية الرابعة لتشيلي، إن سُجلت تفوز بالبطولة. يتقدّم زميل ميسي السابق في “برشلونة” ألكسيس سانشيز إلى داخل المربع، وبخفّة شديدة، بخفّة غير متوقّعة، “ينقف” الكرة. يرتمي روميرو إلى اليسار فيما ترتفع الكرة سنتيمتراتٍ قليلة عن الأرض قبل أن تستقر في الشباك إلى يمينه. بانينكا! فعلها سانشيز!
 
“ستبقى كرة القدم ترغب في‬ ‫أن تكون فن الارتجال. المستحيل يقفز إلى الواجهة حيث لا ‫ينتظره أحد”، يقول إدواردو غاليانو. أن ترتجل بهذا الشكل في لحظةٍ حاسمةٍ، يمكن أن يؤدي الإخفاق فيها إلى قتلك بالمعنى الحرفي، وأن تنجح هو ما أعطى المشهد قيمته. سامباولي مدرّب تشيلي قال إن “تسديدة سانشيز منحته متعة غير طبيعية”، تسديدة سرقت كلّ شيءٍ في لحظة من ميسي، في مشهدٍ يليق بالنهايات. مشهد لا شكّ أنّ ميسي تمنّاه له، عوض عن نزع الميدالية الفضيّة عن رقبته حتّى قبل نزوله عن المنصة. لكن ماذا بعد النهايات؟ فور تسليم قائد تشيلي الكأس عادت كرة القدم لتدور حول ميسي: من هو الأعظم؟ مارادونا الذي قاد الأرجنتين منفرداً للفوز بكأس العالم في العام 1986 وقاد نابولي من قعر جدول الترتيب إلى الفوز بالدوري الإيطالي؟ أم ليونيل ميسي الذي فعل كلّ شيءٍ مع برشلونة وبقي سجله صفرياً مع الأرجنتين؟

لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة