ولايتي لـ«السفير»: لا نخاف من الانفتاح.. ونحن أكبر مصدر للطاقة في العالم

طلال سلمان – فايز عجور

أضعنا الموعد الأول مع السيد الدكتور علي أكبر ولايتي بسبب ازدحام السير في الطريق إلى مكتبه كمستشار للقائد السيد علي خامنئي، والواقع في منطقة جمران، شمال غربي طهران. فبرغم الاتساع الهائل لهذه المدينة التي قامت، في البداية، كقرية على حافة مدينة الري، ذات التاريخ، والتي تلقي ظهرها إلى جبل البرز خلفها، وتتمدد على مساحة عشرات الكيلومترات، بملايينها الذين يتجاوزون العشرة، فإن حركة السير فيها كثيفة جداً… وكان الثلج الذي بكّر في الحضور يجلّل الجبل الذي يمتد في سلسلة تتجاوز أعلى القمم فيها الخمسة آلاف متر.

أما في الموعد الثاني فكان علينا أن ننتظر السيد الدكتور حتى يفرغ من معاينة مرضاه، وهو طبيب الأطفال الذي لم ينقطع عن ممارسة مهنته برغم أعباء مهامه كمستشار للقائد، وهو المفكر والمثقف وصاحب الخبرة الديبلوماسية المميزة بعدما شغل لسنوات منصب وزير الخارجية.

بعد الترحيب الودي، كان علينا أن نباشر معه «قراءة الخريطة السياسية لإيران ما بعد الاتفاق النووي»، فسألنا السيد المستشار: ـ كل العالم يتحرك في اتجاه إيران، هذه الأيام، والبعض يتخوّف من هذا «الإقبال»، فهل تتخوّفون مما قد تحمله المرحلة الجديدة من «إغراءات» بعد الحصار الطويل؟
قال الدكتور السيد المستشار:
ـ نحن في الحقيقة لا نشعر بأي قلق لأنها الكلفة التي نسددها من أجل الحفاظ على استقلالنا. ونحن نعلم بأن الاستقلال يتطلب هذه الكلفة. لاحظوا ما هو الفرق بيننا نحن الذين نتمتع بهذا الاستقلال وبين دول أخرى لا تتمتع به. لاحظوا أي بلد أو رئيس أي بلد، سواء من العالم الإسلامي أو دول العالم الثالث، يتجرأ على توجيه كل هذا النقد إلى أميركا وإسرائيل كما يفعل سماحة القائد (خامنئي) بكل شجاعة.

توقف لحظة عن متابعة كلامه قبل أن يستدرك قائلاً كمن انتبه إلى واقعة مهمة:
} مؤخراً نقل كلام عن شيخ الأزهر (الدكتور الإمام أحمد الطيب)، طرح فيه وجوب التقارب بين السنة والشيعة حتى لا يستغل الأعداء هذا الخلاف المذهبي بينهم. أنا لم أسمعه مباشرة ولكنني فهمت أنه قال: في العالم العربي ليس لدينا أفضل من سماحة السيد حسن نصر الله يقف هكذا بوجه الصهاينة، وهو من الشيعة، ومن لدينا من بين الدول الإسلامية والمسلمين عدا السيد خامنئي يقف بهذه الصلابة في وجه أميركا؟
هل من مصلحتنا أن نقول إن هؤلاء منا أم أنهم ليسوا منا. هذا في الحقيقة إقامة للحجة بشكل عقلاني. هذه هي فائدة الاستقلال وحصيلته.. وهذا هو ثمن الحفاظ على الاستقلال.

استدرك لإكمال المعنى فأضاف قائلاً: ـ على مدى الـ37 سنة الماضية كنا نتعرض فيها لحظر تجاري شامل وحصار اقتصادي. نحن بلد كبير نستطيع أن نوفر الطعام لشعبنا. وفي الجانب العسكري والأمني، نمتلك القوة الدفاعية لكي لا يتجرأ أحد على مهاجمتنا. وفي الطاقة أيضاً، تمتلك إيران النفط والغاز، ولو جمعنا النفط والغاز مع بعضهما لأصبحت إيران أكبر مصدر للطاقة في العالم… إذن، وفقاً للقوة التي نمتلكها والاستقلال الذي نتمتع به وثقتنا بأنفسنا فنحن نعتبر القوة الأولى في المنطقة. لا أحد دعم الرئيس السوري بشار الأسد كما دعمته الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وحتى روسيا لم تقدم ذلك الدعم اللازم. وبمساعدة «حزب الله» والعراق وفرنا الدعم اللازم للرئيس بشار الأسد وإفشال المخطط الأميركي في سوريا ولبنان والعراق. ونحن لن نتخلى أبداً عن الرئيس بشار الأسد وعن رئيس الحكومة العراقية (حيدر العبادي) والمقاومة في لبــنان وفلسطين وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين. وما دمــنا على هذا الموقف فالحصار الاقتــصادي سيــبقى قائماً.

صمت المستشار الخاص «للقائد» لحظات ثم قال بصوته الخافت وقد التمعت عيناه:
ـ ينبغي أن يكون التعاون مع الآخرين قائماً على الاحترام، ولا يمكن أن نتوسل من أجل إقامة هذا التعاون، فالآخرون لا يقدمون تنازلاً لأحد عبر الترجي. وفي مواجهة القوة ينبغي أن يكون لدينا قوة. من البيت الأبيض إلى الكابينت (مجلس الشيوخ الأميركي)، ومن الإليزيه إلى باكنغهام في بريطانيا، الجميع يقول إن إيران يجب أن تكون حاضرة بالتأكيد. الأميركيون لا تعجبهم إيران، ولكن لا حيلة لهم في أن تكون إيران في الساحة. نحن نقدم شهداء في سوريا، ولا نعتبر سوريا منفصلة عنا. وفي لبنان والعراق قدمنا شهداء وسنقدم، وساعدناهم بكل ما أوتينا من قوة. إن مستقبل المنطقة هو لشعوب المنطقة. وإيران تعتبر العمود الفقري لهذا الاستقرار، ومع أننا لا نرى الحاضر مريحاً فإنه يحدونا الأمل حيال المستقبل.

سألنا السيد ـ الدكتور ـ المستشار:
^ يلاحظ وجود الكثير من السيارات، المصنوعة في إيران، في الشوارع، ولكن الواضح أن الدولار أصبح مكلفاً، وهناك أزمة نقدية كبيرة، وسمعنا من بعض من التقيناهم عن اختناقات اقتصادية، وتخوّف من أن يؤدي انفتاح إيران إلى كارثة اقتصادية، حيث أن فارق سعر الدولار جاء بسبب الحصار، وأن أي انفتاح قد يؤدي إلى انهيار اقتصادي. فهل تتخوفون مما بعد الانفتاح اقتصادياً واجتماعياً؟
} ورد بحسم:
ـ أبداً لن يكون ذلك. لماذا ينبغي أن يكون هناك انهيار اقتصادي؟ الحكومة، ومع كل المشكلات القائمة، تقوم بإدارة البلاد. جزء من الحرب الدعائية التي تشن على إيران يتمثل في نشر وبث هذه الشائعات حول أن إيران ستواجه انهياراً اقتصادياً.. وأنا أقول لكم أن لا صحة لهذا الكلام بالمطلق. إن عدد سكان إيران يقارب حالياً 80 مليون نسمة، وهم يستفيدون جميعاً من الغاز المنزلي، وقد وصلت الكهرباء إلى كل مكان تقريباً، بل إننا نصدّر الفائض إلى الخارج، إلى العراق، وكذلك إلى تركيا على سبيل المثال… ومن حيث ترانزيت السلع، فإنه لا يوجد بلد يتمتع بهذا الموقع الذي تتمتع به إيران من حيث تنامي الترانزيت من إيران إلى بلدان دول أخرى، وإذا استفدنا في يوم ما من الطاقة القصوى من الموقع الذي تتمتع به إيران في هذا المجال فإنه من الممكن أن تفوق عائدات الترانزيت عائدات النفط.

عن طريق الحرير..
صمت الديبلوماسي المثقف وصاحب الخبرة الواسعة قبل أن يضيف قائلاً:
ـ لقد تلقيت دعوة لزيارة الصين، وموضوع الزيارة يتمحور حول طريق الحرير البري، الذي يعبر من إيران باتجاه الشرق الأوسط وصولاً إلى أوروبا (وهنا قام ولايتي بشرح على الخريطة عن طريق الحرير بمعابره وممراته من الصين إلى البحر المتوسط..) قبل أن يضيف:
ـ إن الصينيين كانوا يفكرون بداية أن طريق الحرير يمكن أن يبدأ من آسيا الوسطى إلى إيران وأذربيجان وتركيا وسوريا والبحر المتوسط فأوروبا، وهناك طريق بحري عبر الخليج الفارسي وصولاً إلى العراق. وهناك اجتماع في الأسبوع الثاني من كانون الأول في الصين سأذهب إليه والصين جهّزت استثماراً بمئة مليار دولار من أجل المخطط.

صمت لحظات ثم أضاف قائلاً:
ـ في العام 2014 بلغ حجم التجارة بين إيران والصين 52 مليار دولار. وقبل أشهر عدة جلس وزير الخارجية الصيني في المكان الذي تجلسون فيه حالياً، واتفقنا سوية بأن نرتقي بمستوى حجم التبادل إلى 200 مليار دولار. وبسبب الحظر الاقتصادي لم يكن بوسع الصينيين نقل العملة الصعبة إلى إيران، ولكنهم استثمروا ما يعادل هذا المبلغ في صادرات النفط الإيرانية، ما يعني أن 22 مليار دولار كانت ديون الصين لإيران، وبالمبلغ نفسه قاموا بالاستثمار داخل إيران. واتفقنا على أن كل الأموال التي عليهم أن يسددوها في المستقبل يمكنهم أن يوظفوها للاستثمار في البلد بثلاثة أضعاف، أي إذا صدّرنا لهم نفطاً بقيمة 10 مليارات دولار فإن عليهم أن يستثمروا 30 ملياراً. ومؤخراً أعلن الروس أنهم سيخصصون 5 مليارات دولار كتسهيل اعتمادي لاستيراد السلع الروسية…

كنا نتابع شروحه فوق الخريطة التي يحرك عليها مصباحه الصغير لتحديد المواقع التي قصدها… ولقد أضاف:
ـ على الأوروبيين والأميركيين أن يعلموا أن تعاوناً استراتيجياً يتبلور الآن بين إيران وروسيا والصين، وأحد أمثلة هذا التعاون حالياً هو سوريا. ونتوقع أن يمتد هذا الاتفاق ليشمل العراق أيضاً، إذا وفقت حكومته. إن الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين قد أعلن أمام الأمم المتحدة في أيلول الماضي، أنه تمت بلورة التحالف بين إيران وروسيا وسوريا والعراق.
قبل أن نسأل انتقل إلى قدرات بلاده فقال:
ـ إن عدد الطلبة الإيرانيين يبلغ أربعة ملايين و700 ألف، ومن حيث نسبة الطلبة إلى عدد السكان فإن إيران تحتل حالياً المرتبة الثالثة في العالم. لدينا حالياً حوالي 20 ألفاً من طلاب الجامعة وطلبة العلوم الدينية من الخارج يدرسون في إيران. في قم وحدها هناك 12 ألفاً من طلبة العلوم الدينية، وليس بالضرورة أن يكونوا معممين.

عاد الدكتور السيد إلى الاقتصاد فقال:
ـ على أية حال فإن المنتجات البتروكيماوية في البلد تنمو بحيث أنها تقترب من عائدات النفط. ولدينا حوالي 14 ألف طن من إنتاج الصلب. وبالنسبة إلى الإسمنت، فإنه فضلاً عن الاستهلاك المحلي فإننا نصدر كميات منه إلى الخارج، والمحاصيل الزراعية التي ننتجها تفوق الـ120 مليون طن. الهنود يقومون بالاستثمار في خط الترانزيت من ميناء جاهبهار في جنوب إيران باتجاه بحر قزوين في الشمال وروسيا وبحر البلطيق، وهذا اسمه خط الشمال ـ الجنوب، وهذا يخفض 40 في المئة من التكلفة ومن الوقت الذي يستغرقه إيصال السلع من الهند إلى أوروبا. كما أن تأمين احتياجات أفغانستان عبر إيران يزداد بشكل متنام، وإيران تحتل المرتبة الأولى في هذا المجال، وكازاخستان وتركمانستان وروسيا تقوم بتسليم إيران 120 ألف برميل من النفط يومياً ونحن نقوم بتقديم ما يعادل هذه الكمية في الخليج الفارسي، أي عملية سوات، فنستلم منهم النفط ونستفيد منه داخلياً ونقوم في الجنوب، في الخليج بتصدير الكمية نفسها من نفطنا إلى زبائنهم، ونحن نأخذ منهم حق الترانزيت. كذلك فنحن نستلم الغاز من تركمانستان ونستهلك هذا الغاز في الداخل ونبيع من غازنا إلى تركيا، ونستفيد من فارق السعر بين الغاز الذي نشتريه والذي نبيعه إلى تركيا… هناك 15 بلداً يجاور إيران، ولهذا لا يمكن محاصرة إيران، وهي تستفيد من موقعها للترانزيت وعبور خطوط الطيران. وعلى سبيل المثال فإن خطوط الطيران التي تعبر الأجواء الإيرانية باتجاه شرق آسيا والصين تقلل من الزمن بمدة ساعة (عاد إلى الخريطة ليشرح كيف تقلل من الوقت)، وإيران تستفيد من حق الترانزيت (عبور الطائرات).

توقف لحظة ليقول:
ـ أنا أشرح كل هذه الإمكانات من ترانزيت وإنتاج داخلي والتواصل مع الدول الأخرى، مع الصين وروسيا، لكي تتضح الصورة بأن الأوضاع تختلف كلياً عما يروّج في الخارج.
وسألنا السيد ولايتي:
^ هل تعتقدون أن خفض أسعار النفط قرار سياسي أميركي أم هو أمر يعود إلى السوق؟

} أجاب بسرعة:
ـ الإثنان معاً. أميركا والسعودية تواطأتا معاً من أجل خفض أسعار النفط، لممارسة الضغط على إيران وروسيا. نحن نتبنى هذه الفكرة، وهي ليست أول قارورة كسرت في الإسلام. وفي وقت ما، في عهد ريغان، خفضوا السعر من 45 دولاراً إلى 6 أو 7 دولارات، ومن ثم ارتفعت الأسعار… لذلك أريد أن أقول إنه في يومنا هذا فإن حصة النفط في موازنتنا أصبحت أقل مما كانت عليه في الماضي. لعلها في الماضي كانت تربو على 90 في المئة من الموازنة، ولعلها حالياً قد وصلت إلى أقل من 60 في المئة. وأيضاً فإن منتجات البتروكيماويات قد وصلت إلى 30 مليون طن سنوياً. حالياً الألبان والفواكه والحمضيات الإيرانية تصدّر إلى العراق وروسيا ودول آسيا الوسطى. ليس لدينا أي قلق. ولو لم يكن لدينا مثل هذه الثقة بالنفس لما كنا بكل هذه القوة والصلابة نقف في المنطقة بوجه أميركا وإسرائيل والسعودية، ومؤخراً تركيا.

توقف السيد ولايتي لحظات قبل أن يستدرك فيقول:
ـ في كل الأحوال، تركيا تعمل في سوريا بكل ما أوتيت من قوة ضد الرئيس بشار الأسد. نحن نحافظ على علاقاتنا الودية مع تركيا، ونواصل هذه السياسة ولكنْ لدينا اختلاف في الرؤية حيال سوريا. لو لم نكن قد قدمنا الدعم للرئيس بشار الأسد ولو تركنا دمشق تسقط لكانت أوضاع سوريا أسوأ مما هي عليه الأوضاع في ليبيا.
صمت للحظات ثم أردف فقال:
ـ كان لديهم مخطط لتقسيم سوريا إلى خمس دول، كما لديهم حلم بتقسيم العراق إلى ثلاث دول، وقد وقفنا ونقف بوجه هذا المخطط. وأقول لكم صراحة لو لم يكن هذا موقف إيران لسقطت دمشق وبغداد..

نظر السيد الدكتور في عينينا للحظات قبل أن يضيف:
ـ في إحدى جولات التفاوض النووي، كان هناك لقاء بين السيد ظريف والوزير جون كيري. قال كيري للسيد ظريف: «نحن على علم بأنكم تساعدون الحكومة العراقية»، فأجاب السيد ظريف: «نعم، هذا الأمر صحيح، ولكننا لو لم نقم بذلك، لكان «داعش» يتصل بكم بالهاتف من بغداد، بدلاً من أن يتصل بكم من الموصل»، وهو كان يقصد أن «داعش» كان يمكن أن يحتل بغداد، وربما دمشق أيضاً. ألم يقل «داعش» إن لا مواجهة مع إسرائيل في برنامجه؟ هذا يعني أن إسرائيل هي التي كانت ستسيطر على بغداد ودمشق. ولو لم تساعد إيران اليمن لكانت صنعاء سقطت في أيدي هؤلاء الذين يهاجمونها. ولذلك، لا أبالغ حين أقول إن إيران هي حالياً العمود الفقري للمنطقة والعالم الإسلامي. نحن لا نعرف أحداً يقف بوجه أميركا وإسرائيل وحلفائهما بهذه الصلابة في دعمه للعالم الإسلامي كما هي الحال بالنسبة إلى سماحة قائد الثورة. هل تعرفون أحداً آخر بين مضيق ملقة إلى جبل طارق اتخذ هذا الموقف؟! أما أنا فلا أعرف أحداً. هل تعرفون رجلاً كالسيد خامنئي؟

عدنا نسأل:
^ العلاقة بين إيران وروسيا تتقدم حتى تكاد تصبح تحالفاً.
} ورد السيد بسرعة:
ـ بصرف النظر عن المسميات، فإن تعاوننا مع روسيا يزداد ويتنامى. وباعتقادي الشخصي، فإن علاقاتنا مع روسيا تتجه لأن تصبح علاقات استراتيجية، وكذلك الأمر مع الصين.
محور إيراني ـ صيني ـ روسي
^ هناك، إذاً، محور ثلاثي…
} برأيي الشخصي أيضاً، فإن علاقاتنا مع الصين وروسيا تتجه إلى أن تكون علاقات استراتيجية. هذه العلاقات الاستراتيجية تعود بالنفع على الصينيين والروس، وكذلك تعود بالنفع علينا. وهذان البلدان لا يمكن أن يجدا في الشرق الأوسط بلداً أكثر قدرة وقوة واستقلالاً مثل إيران لإقامة مثل هذه العلاقات المتينة والوثيقة معها، وقد أفصح الصينيون عن ذلك صراحة.
^ هل ثمة تحسس إيراني إزاء الدخول الروسي القوي في سوريا؟
} إطلاقاً.
^ هل كان هناك تنسيق؟
ـ بالتأكيد كان هناك تنسيق. ما دمنا نثق بمتانة العلاقات بين روسيا وسوريا وبين روسيا وإيران، وما دمنا مــتأكدين بأن التواصل يقوم عــلى الندية والاحترام المتبادل، فإننا لا نشعر بأي قلق، ونحن نراقب الأوضاع لكي تكون العلاقات قائمة على هذا المنوال.

أسئلة صعبة
دخلنا مجال الأسئلة الصعبة:

^ هل تمّ إنقاذ النظام في سوريا؟
} ورد السيد ولايتي بسرعة:
ـ موقع الرئيس بشار الأسد في الوقت الراهن أكثر متانة وقوة من أي وقت مضى. وهذا المنحى يتجه صعوداً. في وقت من الأوقات، كانت المعارضة المسلحة تتقدم في دمشق، ولقد وصلت إلى مسافة مئتين أو ثلاثمئة متر من مكتب الرئيس. أين هي الآن مما كانت عليه؟ الجيش السوري تمكن من تحرير مطار كويرس، بعدما ظل محاصراً لفترة سنتين ونصف السنة. وفي الوقت ذاته، فإن هذا الاشتباك هو من أصعب الاشتباكات التي شهدتها المنطقة على مدى سنوات. كانت أصعب من حرب الستة عشر يوماً وحرب الثلاثة والثلاثين يوماً بين المقاومة وإسرائيل، وأصعب من حرب الثلاثة والعشرين يوماً وحرب الثمانية أيام وحرب الواحد وخمسين يوماً في غزة. كانت معركة قاسية جداً، ولم يكن بوسع أي جهة أخرى غير إيران و«حزب الله» وحلفائهما تحمل عبء هذه المعركة، والوقوف إلى جانب سوريا. كانت معركة قاسية جداً. لنفترض أنه كان لدى الأميركيين حسن النية، وخاضوا الحرب البرية ضد «داعش»، لكانوا هُزموا. «الدواعش» والوهابيون وأعضاء «القاعدة» والمتطرفون الآخرون يحاربون عن عقيدة، وهم مثل الخوارج. وحدها قوات إيران و«حزب الله» وبعض القوى من «الحشد الشعبي» في العراق تمتلك القدرة على الوقوف بوجه هؤلاء، لأنها تحارب أيضاً عن عقيدة.

^ الأوضاع في العراق بائسة…
} ليست الأمور بائسة. أعتقد أن الأوضاع ستتحسن هناك. مصير الحرب في سوريا سينعكس إيجابياً على الأوضاع في العراق. أي تأثير، سواء كان سلبياً أو إيجابياً، في سوريا، يلقي بظلاله على العراق. نعتقد أن الأوضاع في العراق ستحل أيضاً، ولكن الوضع ليس سهلاً. أهمية العراق أكبر من أي بلد عربي آخر. في سوريا ثمة ضرورة فورية لمعالجة الوضع، لكن أهمية العراق تفوق سوريا.
^ الكثير من المسلمين والعرب يعيشون هاجس الفتنة السنية ـ الشيعية، ويرون أن «الحشد الشعبي» ليس ضمانة لأنه من إفرازات الانقسام السني ـ الشيعي في العراق، وكذلك الأمر بالنسبة إلى سوريا، بالنظر إلى طبيعة الحكم والنظام، فضلاً عن وجود استغلال من قبل الأميركيين والسعوديين لهذا الخطر، واحتمال دفعه إلى التصادم. هل لديكم هذا القلق؟

} نعم هذا الخطر قائم.
^ والآن يزداد في اليمن…
} هذا الخطر كان قائماً طوال السنوات الألف وأربعمئة الماضية، ولكن طالما أن زمام الأمور بيد العقلاء لدى الجانبين فلا داعي للقلق. هناك دماء سُفكت طوال قرون، منذ كربلاء وحتى الآن، وينبغي على كل من يحرص على الدين الإسلامي أن يبذل مساعيه للحد من هذه الخلافات ومنع اتساعها. في أية حال، لاحظتم تصريحات شيخ الأزهر، وهي تدل على فكر سني معتدل. قبل حوالي شهر، ذكر السيد خامنئي كلاماً مهماً في هذا الاتجاه، حين قال إن الشيعي الذي يتخذ من لندن مقراً له، أو السني الذي يتخذ من أميركا مقراً له، كلاهما لا نقبل به. ثمة اتساع في مجالات التواصل، هناك إمكانية أكبر حالياً لقول الحق وتبيانه. لا أحد يقبل بأن يقوم سني بذبح شيعي أو أن يقوم شيعي بذبح سني. ظروف العالم حالياً تسمح بإدانة التوحــش من أي جهة كانت. الطيار الأردني الذي تمّ إحراقــه في القفص كان سنياً، وهناك عدد من الشــيعة وُضعوا في قفص وأُغرقــوا في الماء. المتــطرفون قــاموا كذلك بقتل الرجــال والنــساء من الإزيديين. لا أحد في العالم يمكن أن يقبل بهذا السلوك.

وختم السيد الدكتور الذي تمرّس بالديبلوماسية طويلاً بالقول:
ـ هؤلاء المتطرفون يختبئون خلف السعودية، أو ينشطون بالأموال التي تزوّدهم بها السعودية، وفي كهوف وزيرستان، يقومون بممارسات شنيعة، لو قاموا بها في هذه المنطقة فإن الرأي العام لا يمكن أن يقبل بها، من قبيل أن يقوم أحد من السنة بوضع حزام ناسف ويفجّر نفسه بمسجد للشيعة، أو أن يقوم أحد من الشيعة بإطلاق النار على سنّي. هذه الأمور كانت تحدث لدى الأوروبيين والمسيحيين أيضاً. على مدى أجيال، كان الكاثوليك يقتلون البروتستانت في فرنسا (سانت بارتيليمي). هل تجدون اليوم هذه الممارسات في أوروبا؟ العالم الإسلامي، شاء أم أبى، سيسير في الاتجاه ذاته. هذا هو مسار التطور الطبيعي في العالم وهذه العصبية الطائفية لن تجد من يدافع عنها في العالم الإسلامي.

وقمنا نودع هذا السيد الطبيب ـ وزير الخارجية السابق والمستشار الحالي للمرشد والذي يعرف الكثير عن العالم، وبالتحديد عن منطقتنا العربية، والذي يشارك في التخطيط (والتنفيذ) لقيام التحالف الثلاثي الجديد: إيران ـ روسيا ـ الصين، وبالعكس، الذي تربط بين أطرافه خيوط من حرير تمتد لتقيم حلفاً خطيراً يواجه «أعداءه» الذين تحولوا إلى «منافسين» شرسين.

لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة