نزل كالصاعقة على الشعب الألماني خبر اختفاء أكثر من ثمانية آلاف لاجئ من أطفال وقُصَّر حتى مطلع هذا الشهر.
ومن بين هؤلاء المختفين 781 طفلاً تقل أعمارهم عن 13 عاماً، فيما تتراوح أعمار الباقين ما بين 14 و17 عاماً. وحذر عدد من وسائل الإعلام الألمانية من أن الأطفال المختفين قد يكونون وقعوا “ضحية تجنيد” بعض “العصابات الإجرامية”، التي تسعى لاستخدامهم في تنفيذ “الأعمال القذرة”، كالمشاركة في تهريب المخدرات والسرقة والاعتداء على الناس.
وقد تبين أن نسبة كبيرة من اللاجئين القُصَّر المفقودين غير المصحوبين بذويهم الذين قدموا إلى ألمانيا، ينحدرون من سوريا وأفغانستان وإريتريا والمغرب والجزائر، وفق وزارة الداخلية الألمانية.
وبدأ التحقيق في الموضوع ردا على استفسار أُرسل إلى البرلمان الألماني من قبل السياسية من “حزب الخضر” لويز أمبزبرغ، التي انتقدت الحكومة لعدم اتخاذها أي إجراء بشأن هذه المشكلة. وقالت أمبزبرغ لصحيفة “ويست دويتش تسايتونغ” الألمانية إن السلطات لا تأخذ على محمل الجد “مخاطر البغاء والاستغلال القسري”. وأعربت عن حزنها لأن الحكومة لم تكن في حالة تأهب في حين فُقد 5835 من المراهقين والأطفال العام الماضي.
أما المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة (BKA)، فقد أوضح أن سبب ارتفاع عدد اللاجئين القُصَّر المختفين، قد يكون بسبب ابتعاد الأطفال عن مخيمات اللجوء المخصصة للأطفال والقاصرين؛ حيث يقوم المشرفون على هذه المراكز بإخطار الشرطة عن طريق تقديم بلاغات تغيّب. وأضاف الـBKA: “في أحيان كثيرة لا يبتعد الأطفال (عن هذه المراكز) بشكل عفوي وغير مخطط له مسبقاً، وإنما من أجل الالتحاق بآبائهم أو أقاربهم أو معارفهم في مدن ألمانية أخرى أو في دول أوروبية أخرى”.
من جانبها، قالت منظمة “أنقذوا الأطفال” البريطانية إن اختفاء مجموعة من اللاجئين القاصرين، وخاصة الإرتريين من مخيمات اللجوء، قد يكون سببه اضطرار الأطفال إلى البحث عن عمل وإرسال الأموال إلى ذويهم في أوطانهم. ذلك، أن الأهل عادة ما يبيعون ممتلكاتهم أو يقترضون أموالاً باهظة من أجل تغطية نفقات إرسالهم إلى أوروبا عن طريق تجار البشر.
ومن المعروف بالفعل أن العصابات، التي تساعد الناس على الدخول بطريقة غير شرعية إلى الاتحاد الأوروبي، هي العصابات نفسها المتورطة في الاتجار بالبشر؛ حيث قال مسؤول في الشرطة الأوروبية “يوروبول” إن “الذين كانوا نشطين في تهريب البشر يظهرون الآن في ملفاتنا بقضايا متعلقة بتهريب المهاجرين”.
من جهة أخرى، حثت وكالة شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة (UNHCR) مرارا صناع القرار في الاتحاد الأوروبي على بناء المزيد من مراكز الاستقبال لمساعدة اللاجئين القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يسافرون بأنفسهم في أوروبا، وتغيير قوانين جمع شمل مع الأسرة من أجل معالجة هذه المشكلة مع الأطفال المفقودين.
غير أنه وللأسف، قد يكون الأوان قد فات بالنسبة إلى بعض الأطفال اللاجئين؛ حيث أعلنت منظمة “أنقذوا الأطفال”، عن تسجيلها بالفعل حالات متعددة من الاعتداء الجنسي والعنف والابتزاز ضد اللاجئين القُصَّر.
وبالنظر إلى فشل السلطات الألمانية في تقديم تفسير محدد لاختفاء الأطفال، حذر رئيس الاستخبارات الداخلية هانس غيورغ ماسين من أن “المجنِّدين الإسلاميين” يستهدفون على وجه التحديد اللاجئين القاصرين بمعدل ينذر بالخطر. وحذر ماسين: “السلفيون وغيرهم من الإسلاميين يحاولون تجنيد اللاجئين في صفوفهم”. مضيفاً: “لقد سجلنا بالفعل 300 محاولة لبدء المفاوضات”. وأعرب هانس عن قلقه بصفة خاصة إزاء العديد من القاصرين غير المصحوبين، لأن “هذه المجموعة هي المستهدَف الأهم.”
هذا، ويمكن القول إن فرضية تجنيد اللاجئين لممارسة الأعمال الإجرامية أو إعدادهم للأعمال الإرهابية في ألمانيا هي احتمال واقعي، خاصةً أن اللاجئين يأتون إلى البلاد من دون أموال، ويتعرضون لضغط نفسي كبير في مخيمات اللجوء بسبب الإجراءات البطيئة والبيروقراطية القاتلة. وهناك من يكون على أهبة الاستعداد لعرض الأموال على بعض اللاجئين وتجنيدهم لمصلحة العصابات الإجرامية.
بيد أن هذه الظاهرة المثيرة للقلق ليست جديدة في القارة العجوز، وتكشف عن حجم العجز السياسي على مستوى الاتحاد الأوروبي والوطني على حد سواء؛ إذ أعلنت اليوروبول أن عشرة آلاف لاجئ قاصر اختفوا خلال العامين الماضيين في أوروبا، واصفة الرقم بأنه “تقدير حذر”. ووفقاً لليوروبول، فإن ما يصل إلى خمسة آلاف لاجئ قاصر مفقود في إيطاليا؛ فيما قالت السلطات السويدية حينها إنها لا تعرف شيئاً عن مصير ما يصل إلى ألف قاصر.
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي