وكتب الحاخامات، الذين ينتمون إلى مختلف التيارات من جميع أنحاء الولايات المتحدة: «إن الاتفاق يهدف إلى منع إيران من حيازة سلاح نووي. نحن لسنا سذجا أمام المخاطر الكامنة في المشروع النووي الإيراني، لكننا نؤيد الاتفاق لأنه الخيار الأفضل لضمان أمن الولايات المتحدة وإسرائيل. فقد تولد على خلفية هذا الاتفاق الانطباع المضلل بأن القيادة اليهودية في الولايات المتحدة تعرض جبهة موحدة ضد الاتفاق، لكنهم عمليا لا يمثلون غالبية يهود الولايات المتحدة الذين يدعمون المصادقة على الاتفاق في الكونغرس. نحن والكثيرون غيرنا ندعم هذا الاتفاق التاريخي الذي صاغته أقوى الدول في العالم، ونحن نؤمن أنه سينجح بمنع إيران من التسلح النووي».
وتلقى أنصار موقف «ايباك» ورئيس الحكومة الإسرائيلية، ضربة أخرى من أهم الأجهزة الأمنية في إسرائيل «أمان»، شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش، التي اتخذت موقفا مغايرا. وحسب وجهة نظر أعدها قسم الدراسات في الشعبة، نشرته جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس، فإن «الاتفاق يحمل في طياته الكثير من المخاطر، ولكن أيضا، عدة فرص تم عرضها على القيادة السياسية». ومن بين الأمور التي تشير إليها وجهة النظر، فإن إحدى النقاط الإشكالية في الاتفاق تتعلق في اليوم الذي ينتهي فيه موعده. وحسب شعبة الاستخبارات، صحيح أن الاتفاق يمنع إيران من تطوير قنبلة نووية خلال العقد القريب، لكنها ستتمكن بعد ذلك من تحقيق قدرات نووية واسعة خلال عدة أسابيع. وحسب شعبة الاستخبارات فإن أحد المخاطر الرئيسية الكامنة في الاتفاق هو تحسين مكانة إيران في المجتمع الدولي، بعد فرض العقوبات عليها لسنوات ونبذها من قبل دول كثيرة. وحسب الشعبة فإن الاتفاق لن يغير طابع الصراعات في الشرق الأوسط فحسب، وإنما سيزيد من التوتر بين إيران والسعودية، ويرسخ العلاقة بين إيران والولايات المتحدة وبقية الدول الغربية. كما تعتقد الاستخبارات العسكرية أن الاتفاق النووي مع إيران سيكون محفزا لخطط تسلح نووي لدول أخرى في المنطقة، مثل السعودية وتركيا ومصر وحتى الأردن، إلا أنه من المتوقع أن يتركز النشاط النووي على الأغراض المدنية.
إلى جانب ذلك، تعتقد شعبة الاستخبارات أن هناك عدة نقاط إيجابية في الاتفاق، في مقدمتها حقيقة أنه في السنوات التي ستلي التصديق عليه، وعلى افتراض أن إيران لن تخرق القيود المفروضة عليها، فإنها ستفتقد إلى القدرات العسكرية النووية. كما تتوقع الشعبة أن تبادر إيران إلى عمليات إرهابية ضد إسرائيل، لكنها ستكون مكبوحة نسبيا. وقالت الاستخبارات العسكرية إنها تنوي في الفترة القريبة مضاعفة نشاطها للتيقن من أن إيران لا تخرق بنود الاتفاق.
وتضيف الاستخبارات العسكرية أنه في أعقاب الاتفاق، فإن دولا في الشرق الأوسط بدأت تتسلح بتكنولوجيا متطورة ووسائل قتالية من الولايات المتحدة روسيا ودول غربية أخرى مثل فرنسا. وذكرت أن الجيش الإسرائيلي بعث برسائل إلى الولايات المتحدة تعترض على تسليح دول على الحدود مع إسرائيل مستقبلا. وتعتبر قيادة الشمال العسكرية في الجيش الإسرائيلي أن «تسليح الجيش اللبناني بصواريخ مضادة للدبابات، من قبل الولايات المتحدة، يعتبر إشكاليا نظرا للواقع الأمني في المنطقة، وخاصة بعد تعزز العلاقات بين حزب الله والجيش اللبناني».
وكان رئيس الوراء الإسرائيلي نتنياهو، ووزير دفاعه موشيه يعلون، ورئيس أركان الجيش جادي آيزنكوت، قد قاموا بزيارة إلى القيادة الشمالية للجيش. فحذروا من تزايد النشاط الإيراني الحربي على الحدود مع إسرائيل عبر الأراضي السورية واللبنانية. وعرض قائد المنطقة العسكرية الشمالية، اللواء أفيف كوخافي، تقريرا عن الأوضاع ثم رافقهم في زيارة ميدانية إلى الحدود الشمالية. وقال: «زعيم إيران خامنئي صرح أمس وأنا أقتبسه (سنقدم كل أنواع الدعم لكل من يكافح إسرائيل)».
وقال وزير الخارجية الإيراني ظريف قبل عدة أيام في بيروت خلال لقائه مع زعيم حزب الله حسن نصر الله وأنا أقتبسه: «الاتفاق النووي خلق فرصة تاريخية لمواجهة الكيان الصهيوني». إذن، قد اتضح بأن ما قلناه طول الوقت كان صحيحا ودقيقا. الأموال التي ستدخل الخزينة الإيرانية عقب الاتفاق النووي ستنفق على تعزيز التنظيمات الإرهابية التي تعمل ضدنا باسم النظام الإيراني وبرعايته، من أجل تحقيق هدفها المنشود وهو تدمير إسرائيل. أنني أوجد هنا في مقر قيادة المنطقة الشمالية العسكرية بصحبة وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة وقائد المنطقة والقادة الميدانيين من أجل تفقد الاستعدادات التي يقوم بها جيش الدفاع لمواجهة هذه التهديدات. وأخذت انطباعا إيجابيا من الاستعدادات العسكرية ومن الإصرار الذي يبديه القادة والجنود. إن جيش الدفاع هو جيش قوي ودولة إسرائيل هي دولة قوية ونحن مستعدون لأي طارئ. وكل من سيحاول الاعتداء علينا سنصيبه».
وأما يعالون فقال: «أود أن أشيد بقادة الجيش وبجنوده عامة وبقيادة المنطقة العسكرية الشمالية خاصة على قيامهم بتأمين الحدود وبالحفاظ على الهدوء الذي يسود على طولها رغم الأحداث الحالية في الطرف الآخر. العمليات العسكرية التي يتم القيام بها تتسم بالمهنية وهي تمكّن آلاف المواطنين من القيام بنزهات في شمال البلاد. إن هضبة الجولان لا تتمتع بالهدوء والطرف الذي يسعى إلى إخلال الهدوء هو الإيرانيون الذين يحاولون إرسال التنظيمات الموالية لها من أجل شن عمليات إرهابية ضدنا. عناصر الحرس الثوري الإيراني ينتظرون الآن لتطبيق الاتفاق النووي السيئ الآخذ بالتبلور الآن بين إيران والدول العظمى من أجل تحويل المزيد من الأموال إلى حزب الله وإلى التنظيمات الإرهابية الأخرى العاملة في الجولان وفي الساحة الفلسطينية. وبطبيعة الحال، جيش الدفاع يعد العدة من أجل عدم السماح بخرق سيادتنا في الجولان وتكللت هذه العمليات حتى الآن بنجاح».
بالمقابل، وفي تقدير بأن الإدارة الأميركية تنتقم من إسرائيل على طريقتها، سمح مجلس الأمن القومي في واشنطن بنشر وثيقتين قديمتين تتعلقان بأمن إسرائيل وبالتسلح النووي. الأولى تشير إلى أن إدارة الرئيس ريتشارد نكسون، توجهت إلى إسرائيل عبر مستشار الأمن القومي هنري كيسنجر (سنة 1969)، تطالبها بتعهد خطي بأن لا تطور أسلحة نووية. وقال كيسنجر في تلك الوثيقة إن إسرائيل حصلت على 10 صواريخ باليستية من فرنسا وتنوي الحصول على 24 صاروخا أخرى، عشرة منها قادرة على حمل رؤوس نووية. وحذر من أن تسلح إسرائيل النووي سيدفع بروسيا إلى تزويد الدول العربية بالسلاح النووي وهذا يضر بالمصالح الأميركية والإسرائيلية. وأما الوثيقة الثانية فإنها تتحدث عن تعهدات أميركية بدعم إسرائيل عسكريا في حال تعرضها إلى هجوم عربي.
ويقول الإسرائيليون إن نشر هاتين الوثيقتين في هذا الوقت بالذات ليس صدفة، خصوصا أن النشر ترافق مع تعليقات تؤكد أن إسرائيل تمتنع حتى الآن عن التوقيع على معاهدة منع انتشار السلاح النووي في العالم، وتؤكد في الوقت ذاته أن إيران وقعت على هذه المعاهدة.
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي