إيفون صعيبي –
أواخر تسعينيات القرن الماضي، بدأ «وباء» مشروبات الطاقة بـ «التفشّي». سجّلت هذه السوق أسرع معدلات النمو في قطاع المشروبات عالمياً (وصلت أرباحها في الولايات المتحدة فقط الى 12 مليار دولار العام الماضي). لكن دراسات عدة صدرت أخيراً ربطت بين ازدياد نسبة الامراض وارتفاع عدد الوفيات وبين هذه المشروبات
تكثر الأسئلة عن سبب استهلاك مشروبات الطاقة. والجواب، غالباً، يربط ذلك بالرغبة في زيادة مستوى الطاقة والنشاط. لكن أي نوع من الطاقة هو المطلوب، الجسدية أم الذهنية؟ وما الهدف من استهلاكها: لتحمل ضغوط العمل، السهر، الدرس، ممارسة الريّاضة…؟
صحيح أن هذه المنتجات قد تحسّن القدرة على الاستيعاب والتركيز في بعض الأحيان.
لكن ما لا يدركه كثيرون هو أن دراسات عدة صادرة عن منظمة الصحة العالمية ومنظمة الاغذية والادوية الاميركية أثبتت وجود تأثير سلبي خطير لمشروبات الطاقة على أجهزة الجسم المختلفة: الجهازان العصبي والهضمي، الدورة الدموية، ارتفاع ضغط الدم، عدم انتظام دقات القلب ما قد يؤدي إلى سكتة قلبية، التهيّج، التوتر، القلق، الذعر، الهلوسة، والصرع.
«علاوة على ذلك، قد يؤدي تناول مشروبات الطاقة الى الادمان اذا ما زاد عن حده، هي مشروبات منبهة اكثر من كونها مشروبات تمد الجسم بالطاقة والسعرات نتيجة احتوائها على نسب عالية من الكافيين والمنبهات التي تؤدي بدورها إلى انبعاث كميات هائلة من الكالسيوم داخل خلايا القلب، ما يؤدي إلى عدم انتظام ضربات القلب ويؤثر في قدرته على استخدام الأوكسيجين… وذلك يجعل الفرد أكثر قلقاً وارتعاشاً. فكلّما أكثر الفرد من احتساء هذه المشروبات كلّما أصبح عرضة للاضطرابات.» يقول صيدلي متخصص.
مواد خطيرة
وتحتوي مشروبات الطاقة على مادة الـ «تورين» (Taurine)، وهي نوع من الأحماض الأمينية تدعم نمو الجهاز العصبي، وتساعد في تعديل نسبة المياه والأملاح في الدم، وترفع من الأداء الرياضي، وتحتوي على خصائص مضادة للأكسدة. غير ان الافراط في تناولها يؤدي الى نتائج سلبية. كما تشكل Chromium picolinate التي تساهم في بناء العضلات وحرق الدهون وتحسين الأداء الرياضي مادة اساسية في تركيبة مشروبات الطاقة، اضافة الى هرمون dehydroepiandrosterone المؤذي للكبد، والذي يرفع من خطورة الإصابة بسرطان الثدي والبروستات لأنه مرتبط بهرموني التيستوستيرون والأستروجين. كذلك تحوي هذه المنتجات مادة الـ Ephedra التي قد تتسبب بذبحة قلبية. اما مادة Ginkgo biloba فتؤثر في المزاج، وقد تتسبب بعصبية اذا ما كان الفرد معتاداً عليها ثم امتنع عن استهلاكها.
ووفقاً لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، فإن مشروبات الطاقة مضرة بالصحة لاحتوائها على كمية كبيرة من الكافيين يتم استهلاكها جرعة واحدة، فماذا لو شرب الفرد عبوتين أو أكثر؟ علماً أن عبوة سعة 250 مليلتراً من هذه المشروبات، تتضمن نحو 50 مليلتراً من الكافيين، ما يعادل فنجانين من قهوة الإسبريسو أو أكثر من عبوتين من المشروبات الغازية.
تم تسجيل حوالى 500 حالة وفاة في أوروبا بسبب مشروبات الطاقة عام 2007
يقول مصدر طبي مختص: «إن واحدة إلى ثلاث عبوات في اليوم قد تؤدي إلى التسمم، والى اضطرابات في القلب ورفع ضغط الدم. وفي حال تفاقم الوضع، قد يؤدّي ذلك إلى الإصابة بسكتة قلبية. وفي احيان كثيرة تؤدي الى الموت المفاجئ. والامثلة عن حالات الوفاة في الولايات المتحدة والدول الاوروبية كثيرة. وقد سُجّلت حوالى 500 حالة وفاة في اوروبا بسبب هذه المشروبات عام 2007. أما في لبنان، فلا نزال نجهل ما إذا كانت هذه المشروبات قد تسبّبت بحوادث مشابهة في ظل غياب الرقابة والاستهتار».
ويوفّر الكافيين الطاقة للجسم، لكن استهلاك كميات كبيرة منه قد يؤثّر في كهرباء القلب، خصوصاً لدى من يعانون من مشاكل كضعف في عضلة القلب أو تصلب في الشرايين، ما يجعل هؤلاء أكثر تعرضاً لعدم انتظام في ضربات القلب، خصوصاً إذا كانت هذه المشروبات ممزوجة بالكحول. ولا ينطبق ذلك على البالغين الذين يعانون من أمراض في القلب فحسب، بل أيضاً على الشباب الذين يعانون من مرض لم يتمّ تشخيصه بعد، مّا يؤدّي إلى تفاقمه، بحيث يعتقد من يتناول هذه المشروبات بأنّها تمده بطاقة وبنشاط وحيوية دائمين. إلا أنّ هذه الطاقة محدودة ولا تدوم سوى بضع ساعات تهبط بعدها قوة الجسم بشكل مفاجئ، وفق ما تؤكد التقارير الصادرة عن منظمة الصحة العالمية.
تشكل مشروبات الطاقة، مع كحول أو من دونها، خطراً على الصحة نتيجة ارتفاع نسبة الكافيين التي تحتويها. بحسب منظمة الادوية الاميركية، عندما يتم خلط مشروب الطاقة والكحول، يخف الشعور بالنعاس، فيشرب الشخص كمية أكبر من الكحول ويثمل فيما يشعر أنه مستيقظ، غير انه لا يلبث أن يشعر بالتعب بشكل مفاجئ. لذلك، فإن من يشربون مشروب الطاقة مع الكحول يستهلكون كمية أكبر ممن يحتسون نوعاً آخر من الكحول.
في غالبية الدول الاوروبية، تم اتخاذ تدابير تحدّ من بيع هذه المنتجات للقاصرين: المكسيك رفعت سعرها 25% ومنعت بيعها لمن هم دون الـ 18. ألمانيا تمنع بيعها إلا في الصيدليات، وفرنسا وأوستراليا أرغمتا الشركات على ذكر المكونات والنسب التي تحتويها على العبوات.
في لبنان، هناك صعوبة في ضبط الكميّة المسموح باستهلاكها، وفي ضبط نسب المكوّنات، رغم ان منظمة الصحة العالمية عمدت إلى تحديد الكمية المسموحة من الكافيين في هذه المشروبات. ويتم بيع عبوات مشروب الطاقة بلا حسيب ولا رقيب بسعر في متناول الجميع. وقد لوحظ ازدياد عدد الشبان الذين تعرضوا لمشاكل صحية مفاجئة، فهل تكون مشروبات الطاقة هي السبب؟
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي
اضف تعليق