هؤلاء خذلوا إنريكي، وسيميوني امتلك أهم من الموهبة

لا فريق قادر على تحقيق الثلاثية التاريخية في موسمين متتاليين…على الأقل حتى الآن! حيث سقط برشلونة أمام مواطنه أتلتيكو مدريد بهدفين نظيفين في إياب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا الذي لُعب على أرضية ملعب فيثنتي كالديرون والذي انتهى ذهابه بفوز البرسا بهدفين لهدف في الكامب نو.
  
أتلتيكو مدريد | سر وسط سيميوني، والرغبة أهم من التكتيك
 
◄قدّم أتلتيكو مدريد شوطًا أولًا مميزًا للغاية سواءً دفاعيًا أو هجوميًا، فالفريق كان منظمًا بشكل جيد في خط الوسط، وهو ما كان يُمكنه من تقديم يد العون للخط الخلفي ما إن ينتشر برشلونة بطريقته الطبيعية، فيما منحه قدرات هجومية متعددة وأهمها سرعة الارتداد والارتداد بشكل صحيح خاصة. 
 
◄مبدئيًا، دخل دييجو سيميوني مُباراة اليوم بخطة 4-2-3-1، لكنها كانت بعيدة كل البعد عن الخطة التقليدية التي تبقى هجومية في الأصل، فالفريق كان يتحول لـ4-3-3 فور فقدان الكرة، فكان يتراجع ساؤول لتشكيل خط ضغط أول أمام الدفاع، فيما كان يفرض كل من كوكي، كاراسكو وجريزمان ضغطًا متقدمًا على حامل الكرة والأمر كان يعطي مرونة كبيرة للفريق خاصة بالنظر لنوعية اللاعبين.
 
◄أهم نقطة قوة في أتلتيكو مدريد اليوم هي قدرة جل لاعبي الوسط (ما عدا لاعبي الارتكاز جابي وأوجوستو) على قيادة الهجمات المُرتدة واستغلال المساحات الكبيرة التي كانت تتكرها أظهرة برشلونة…فكوكي وكاراسكو أشعلا الجهة اليسرى لهجوم فريقهما مع إغلاق جل المنافذ أمام راكتيتش وألفيش، ونفس الأمر انطبق على ساؤول وجريزمان من الجهة اليُسرى.
 
◄لكن ما كان ينقص الأتلتي حقًا من أجل استغلال المجهود الكبير للاعبي وسطه هو تواجد رأس حربة صريح قادر على تحويل الكرات التي تصل لداخل منطقة الجزاء…فكم من انطلاقة تمت عبر الأروقة دون أن تجد متممًا لها، وهو خيار قام به سيميوني في ظل غياب فيرناندو توريس الذي يمر بأفضل فتراته منذ عودته للأتلتي.
 
◄أما أوجوستو وجابي فقد نجحا بدرجة الامتياز في إبعاد ميسي عن بقية زملائه…ميسي بدا تائهًا في الشوط الأول خاصة، حيث لم يكن يجد مساحات كثيرة عند امتلاك الكرة، كما أنه تموضعه على رقعة الميدان يحرم الفريق من كثير من قدراته خاصة عندما لا يكون الفريق يتدرج بالكرة بالشكل المعتاد من المناطق الخلفية. 
 
 
◄ما تغير في الشوط الثاني وجعل الأتلتي يستقبل الثقل الهجومي الكامل للبرسا هو تخلي هذا الأخير عن الحذر المُبالغ فيه الذي لعب به الشوط الأول، وانهيار مجموعة من لاعبي الأتلتي بدنيًا وعلى رأسهم كوكي وكاراسكو خاصة وأنهما بدلا مجهودًا جبارًا في النصف الأول من اللقاء وقادا هجمات مرتدة بمجهود فردي، ناهيك عن التراجع المستمر للخلف للقيام بالمهام الدفاية.
 
◄وبغض النظر عن الأمور التكتيكية، فالحقيقة أنه لا يُمكن التغاضي عن تلك الرغبة والروح التي أظهرها لاعبو الأتلتي رفقة جماهيرهم…لا يوجد لاعب واحد يُمكن انتقاده على ما قدّمه اليوم سواءً فرديًا أو جماعيًا…صحيح أن الفريق مر بفترات صعبة، عانى للحفاظ على نظافة شباكه، لكنه قام بذلك كفريق واحد وكافح لتحقيق هدفه فنال مراده بطريقة يستحق عليها كل الإشادة. ما قام به الأتلتي أكد مجددًا أن الموهبة وحدتها ليست كافية للفوز، بل في كرة القدم تحتاج لما هو أكثر بكثير.
برشلونة | هؤلاء خذلوا إنريكي، والفريق لا يتعلم من أخطائه
 
◄الحقيقة أن مستوى برشلونة في الشوط الأول كان مخيبًا للغاية، وقد كان امتدادًا بشعًا للمستوى الذي أظهره الفريق أمام ريال سوسيداد في الجولة الماضية من الدوري الإسباني، كما أن مجموعة من اللاعبين خذلوا لويس إنريكي بطريقة غير مسبوقة.
 
◄أول وأكبر خطأ ارتكبه برشلونة في الشوط الأول هو لعبه بطريقة لا تُشبهه أبدًا…فبعد أن لاحظ لاعبو البرسا أنفسهم عاجزين عن اختراق الضغط المتقدم للألتي وأمام خشيتهم من فقدان الكرة في مناطق متقدمة من ملعبهم، أخذ لاعبو الخط الخلفي يتناقلون الكرة فيما بينهم دون بحث حقيقي عن منفذ لخلق هجمات على مرمى أوبلاك…تلك الطريقة جعلت لاعبي برشلونة كاملين غير مرتاحين فيما يقومون به، ودفع مثلًا ميسي للتراجع لنصف ملعب فريقه في مُحاولة لإيجاد منفذ.
 
◄النقطة الثانية والتي قد يُلقى فيها اللوم على نيمار أكثر من جوردي ألبا هي المساحات الشاسعة التي كانت موجودة في الجهة اليُسرى لدفاع برشلونة…جهة جوردي ألبا كانت مُخترقة بسهولة عن طريقة تمريرات في ظهره، فكان يجد كاراسكو، خوانفران وساؤول أنفسهم في وضعيات مريحة للغاية…ولنا مراجعة الهدف الأول للأتلتي لنعرف الوقع الكبير لغياب الدور الدفاعي لنيمار…النجم البرازيلي لا يقدم يد العون أبدًا لزملائه في الخط الخلفي، عكس ميسي مثلًا الذي لم يتردد في الرجوع للخلف من أجل مساندة ألفيش وراكتيتش على استعادة الكرة.
 
◄من بين اللاعبين الذين خذلوا إنريكي اليوم نجد إيفان راكتيتش والذي اختفى بشكل غريب سواءً عن المهام الدفاعية أو الهجومية…اللاعب الكرواتي كان سيئًا للغاية اليوم ويبدو فعلًا أنه يعاني كثيرًا على الصعيد البدني فلم يتمكن من إيقاف انطلاقات لاعبي الأتلتي من جهته، كما لم يقم بأي شيء هجوميًا ليكون في رأيي أحد أسوأ لاعبي الفريق. داني ألفيش كان في ليلة سيئة جدًا بدوره…الكل يعلم أن ما يشفع لألفيش للعب في برشلونة هو تميزه الهجومي الذي يغطي على كوارثه الدفاعية، لكن اليوم اختفى هجوميًا بدوره أمام اضطراراه للبقاء كثيرًا في منتصف ملعب ميدانه، فكان من بين لاعبي الفريق السيئين.
 
◄في مُباريات مثل مُباريات اليوم تبين فعليًا فقر دكة بدلاء برشلونة، فالفريق لا يمتلك أية قطع غيار حقيقة لثلاثي المقدمة، وهو ما يجعل إنريكي مضطرًا للاعتماد عليهم حتى عندما يكونون في أسوأ حالاتهم…شخصيًا، أفضل نيمار السيء على ساندرو أو منير…أما في خط الوسط، فمن سوء حظ البرسا أن أردا توران لم يتأقلم بعد ولم ينجح حتى الساعة في تقديم إضافة كبيرة للفريق، شأنه شأن أليكس فيدال.
 
◄لا داعي لتكرار المُلاحظات على سوء دفاع برشلونة في التعامل مع الكرات العرضية، ويكفي أن نُشاهد هدف جريزمان الأول وهدف أويارزبال يوم السبت الماضي لتعرف أن الفريق لا يكتفي بالقيام بالأخطاء فقط، بل يكررها وبنفس الطريقة، وهو أمر خطير على هذا المستوى من المنافسة.
 
 
 
◄اليوم، تفوقت الجرينتا والشجاعة على الموهبة…البرسا على الورق كان مرشحًا للعبور، لكنه على الأرض احتاج لمجهود أكبر من كل لاعبيه بلا استثناء. فمن لم يكن سيئًا كان مُقصرًا في جهة أو أخرى، وما المستوى الذي قدمه ميسي أو إنييستا اللذان يعدان العقل المُدبر للفريق سوى دليل على ذلك…المُباراة كانت بين فريق يخوض مُباراة العمر وفريق آخر خاض مُباراته بنفس الرغبة التي يخوض بها باقي المُباريات (على الأقل ذلك ما بدا على أرضية الميدان).
 
◄وبشكل عام، ما حصل لبرشلونة في ثلاثة أسابيع يُعطينا درسًا كبيرًا في كرة القدم…فمن كان يقول أن برشلونة سيُضيع دوري أبطال أوروبا ويُصبح على بعد ثلاثة نقاط من فقدان صدارة الدوري الإسباني بعد أن كانت متفوقًا بأكثر من 11 نقطة؟! كرة القدم هكذا، لا أمان لها، ويكفي أن تتراجع قليلًا لتفقد كل شيء.

لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة