فئران معدلة وراثيًا للكشف عن الألغام

أمجد الشريف

تشي إحصائية الأمم المتحدة أن لغمًا ينفجر تحت قدميّ إنسان كل 20-30 دقيقة على المستوى العالمي، لكن فئرانًا معدلة وراثية يمكنها أن تنقذ حياة الملايين الآن، لأنها تشم رائحة الألغام بدقة تتفوق على أفضل جهاز إلكتروني.

نيويورك: سرّب علماء أميركيون جيناً معيناً إلى أدمغة الفئران أهّلها لتقصّي الروائح بقدرة تزيد عن قدرة أي جهاز تقصٍّ عضوي إلكتروني بخمسين مرة. وعمدت الباحثة شارلوت دي هولست وفريق عملها، من جامعة “سيتي” في نيويورك، إلى هندسة أدمغة الفئران، من خلال دس جين معين فيها، رفع حساسية أنوفها للمتفجرات عشرات المرات.

وكتبت دي هولست في مجلة “سيل بريس” ان الفئران صارت تتقصى آثار المواد المتفجرة في الألغام المطمورة تحت الأرض وان كانت بالملليغرامات. ويمكن لهذا الاكتشاف ان يقلل من معاناة الملايين الذين يفقدون حياتهم، أو أجزاء من أبدانهم، بسبب أنفجار الألغام تحتهم، وخصوصاً الأطفال. إذ تشير الإحصائيات الدولية الى ان أكثر من 100 مليون لغم مضاد للأفراد مبثوثة في مناطق الحروب في العالم. يضاف إلى ذلك نحو 200-250 مليون لغم مخزونة في ترسانات مختلف جيوش العالم، ويمكن ان تستخدم في حروب مستقبلية. هناك في أنف الإنسان نحو 350 مستقبلاً عصبياً تتقصى له الروائح المختلفة التي يجرى تصنيفها في الدماغ.

وهذا عدد قليل، جعل قدرة الشم ضعيفة عند البشر، وهو سبب استخدامه الخنازير في الكشف عن الفطر النامي تحت الأرض، واستخدامه الكلاب للكشف عن المخدرات (وسرطان الجلد أيضاً)…إلخ. ولا يحتوي أنف الفأر على مستقبلات أكثر، لكنها مستقبلات عصبية تتمتع بحساسية فائقة للروائح. ويمكن لزيادة عدد هذا المستقبلات في الأنف أن يرفع حساسية الفئران إلى الروائح إلى ما فوق قدرات الكلاب على الشم.

البنتاغون مهتم وكتبت دي هولست انها في الحقيقة غير قادرة على معرفة الخلايا العصبية الدماغية المسؤولة عن كل رائحة على حدة، لكنها نجحت في أضافة نيورونات (خلايا عصبية) إلى أدمغة الفئران حققت النتائج المطلوبة. كما لصقت حمضًا نوويًا اضافيًا خاصًا بروائح المتفجرات، على مستقبلات الروائح في أنوف الفئران. قبل ذلك نجحت في جعل الفئران، بهذه الطريقة الوراثية، حساسة جداً لرائحة الياسمين (علمياً “الاسيتوفينون”).

وفي المختبر أجرى الباحثون تجاربهم على الفئران المعدلة وراثياً، واستخدموا فئرانًا طبيعية كمجموعة مقارنة. نجحت الفئران المهندسة للشم وراثياً في تقصي مختلف الروائح، وأن كان بعضها مخففاً جداً في الماء، لكن الفئران الاعتيادية فشلت على طول الخط في اختبارات الشم.

وتمكن العلماء عملياً من هندسة الفئران بشكل يجعلها متخصصة في الكشف عن مختلف الروائح، وإن بآثار ضئيلة. ويبدو أن هذا الانجاز أثار اهتمام وزارة الدفاع الاميركية لأنها دعمت المشروع مالياً، وبهدف استخدام الفئران المعدلة وراثياً في الكشف عن الألغام والمتفجرات، وفي تقصي روائح الأسلحة البيولوجية والكيميائية بشكل مبكر.

وتعتقد دي هولست بإمكانية الكشف عن مختلف الأمراض باستخدام الفئران المعدلة وراثيًا من خلال شم أنفاس المريض. خنزير غينيا  في هذه الأثناء بدأت قبل أيام عمليات البحث عن الألغام في تنزانيا باستخدام الفئران الكبيرة من نوع هامستر، أو خنزير غينيا، التي تستخدم على نحو واسع في المختبرات. وتنوي منظمة “ابوبو” غير الحكومية استخدام هذه الفئران في الكشف عن الألغام في رواندا وكبودبا وفييتنام، بعد تنظيف منطقة “موروغورو” التنزانية من الألغام.

وذكرت مصادر منظمة “ابوبو” أنها احتاجت إلى تدريب الفئران طوال سنة على روائح مادة “تي أن تي” التي تدخل في صناعة معظم الألغام المبثوثة في المنطقة. وترى المنظمة أن تربية الفئران من نوع خنزير غينيا (Cricetomys) أفضل من تربية الكلاب، لأن حاسة الشم لديها أقوى من حاسة الكلاب، كما أنها لا تتطلب الكثير من التغذية، ولا تؤدي إلى انفجار اللغم لأن وزنها قليل مقارنة بالكلاب.

وتعددت حالات استخدام الحيوانات في الكشف عن الألغام في السنوات الأخيرة، وخصوصاً في البلدان المبتلية بها مثل دول البلقان. وهكذا أعلن الباحث الكرواتي نيكولاي كيز، من جامعة زغرب، عن نجاحه في استخدام النحل للكشف عن الألغام. واكتشف البروفيسور جورج بوتز، من جامعة غراز النمسوية، فطريات طبيعية قال إنها قادرة على التهام مادة “تي أن تي” في الألغام، وبالتالي إبطال مفعولها. وعدل العلماء الدنماركيون عشبة برية تغيّر لونها من الأخضر إلى الأحمر بتأثير المواد المتفجرة المطمورة تحت تربتها.

لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة