لم تعرف تركيا يوماً ودّاً للجنرالات، كما لم يسلك أصحاب النياشين طريقاً لاحتواء جمهور «ما بعد إلغاء الخلافة» سوى عبر تطويع الدِّين لمصلحة أفكار «أتاتورك». قصة الصراع بين العسكر والسياسيين في تركيا الحديثة كانت دائماً حكاية «علمانيين» في مواجهة متديّنين.
لم يفصل مصطفى كمال الدِّين عن الدولة. كان التديّن سمة من يوميات المواطن، ولعبت جميع المعارضات على وتر استخدام الدين لتعزيز نفوذها. حتى «الجمهوريين» حاولوا مرّات عديدة استيعاب ضغط الشارع عبر قرارات تُحابي الإسلاميين، وحياة الناس الدينية. لكن استخدام الدين كرافعة مُعارضة في وجه الجيش والكماليين، انتقل مع نجم الدين أربكان ليكون نموذج دولة وحكم. وجاءت جميع الانقلابات العسكرية مدفوعة بشعار «علمانية الدولة»… لكن انقلاب ليل الجمعة ــ السبت جاء ناقصاً. في 2016، كانت تَركة «أبو الأتراك» تضمحلّ… ظهر أن «القائد» الجديد يملك مشروع أربكان بنسخة مطوّرة… ويسيطر على مفاصل أساسية من القوات المسلحة، والأهم أنّه في السلطة ويمثّل شريحة كبيرة من الشارع. انتهى زمن الإسلام كأداة معارضة، كما قارب على الأفول زمن الجنرالات «المُبادرين». بدأ رجب طيب إردوغان بتطهير المؤسسة العسكرية… وهو يعلم أنّ الخطر قائم، فيما هو مستمرّ في التربع على العرش و«تنظيف» حديقته الخلفية
وقف مصطفى كمال أتاتورك في 15 تشرين الأول عام 1927 أمام مؤتمر حزبه، وخطب لـ36 ساعة على مدى 6 أيام. كان قد أشرف لسنتين على مجموعة إعدامات لشخصيات شاركت في ثورة الشيخ سعيد الكردية (1925) وفي «مؤامرة اغتياله» في أزمير (1926). اعتُبر الخطاب تأريخاً للحركة القومية التركية الحديثة، وفيه تبرير لعمليات التطهير «الضرورية» التي حدثت. دولة «حزب الشعب الجمهوري» بقيت حتى عام 1945، رغم موت أبي الأتراك عام 1938.
لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي