انتهت صلاحية الإتفاق بعد 100 عام… وداعاً "سايكس-بيكو"!

انتهت اتفاقية سايكس – بيكو. هذا ليس كلاماً تحليلياً سياسياً، ولا علاقة له بأي تطورات تشهدها المنطقة سياسياً أو جغرافياً، بل إن الأمر تقني بحت، فالإتفاقية حين وضعت عام 1916، أرفقت بمدى زمني يصل إلى 100 عام من بعدها تفقد الإتفاقية صلاحيتها، وها نحن اليوم ندخل اليوم الأول بعد الـ100 عام متجاوزين الذكرى السنوية للإتفاقية التي توافق السادس عشر من أيار، على واقع في المنطقة يثبت بالسياسة والجغرافيا هشاشة الإتفاقية وضياع المعالم الجغرافية له مع تداخل ميادين الصراع وتجاوزه للحدود المرسمة، إضافة إلى إعلان خلافة داعش التي كسرت تلك الحدود ووضعت الإتفاق في مهب رياحها، فما هي هذه الإتفاقية ومن هم “سايكس” و”بيكو”؟

“سايكس بيكو” كان اتفاقا وتفاهمًا سريًا بين فرنسا وبريطانيا بمصادقة من الإمبراطورية الروسية حينها، على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد تهاوي الدولة العثمانية، المسيطرة على هذه المنطقة، في الحرب العالمية الأولى.  وقد تمت الإتفاقية بمفاوضات سرية بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس، وكانت على صورة تبادل وثائق تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية آنذاك. ولقد تم الكشف عن الاتفاق بوصول الشيوعيين إلى سدة الحكم في روسيا عام 1917. وعلى هذا الأساس كانت تسمية الإتفاق “سايكس-بيكو” التي أنتجت ما تعرفه اليوم من دول في منطقة الهلال الخصيب (لبنان – سوريا – الأردن – العراق – فلسطين).

الإنجليزي مارك سايكس

كان الدبلوماسي والرحالة والعسكري البريطاني الشهير السير مارك سايكس، يعتبر من مالكي الأراضي الأرستقراطيين في مقاطعة يوركشير الإنكليزية.
توفي عن 39 عاماً بعد إصابته بوباء “الانفلونزا الإسبانية” العظيم، والذي ضرب القارة الأوروبية قبيل نهاية الحرب العالمية الأولى.
أصيب العقيد سايكس بالمرض لدى عودته من سوريا، وفقاً لما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية BBC، وتوفي في فندقٍ بالعاصمة الفرنسية باريس أثناء حضوره مفاوضات السلام التي أعقبت الحرب العالمية الأولى في العام 1919.
عُرف سايكس بإجادته لعددٍ من اللغات، من بينها العربية والتركية والفرنسية، وألف بتلك اللغات عدداً من الكتب أشهرها كتاب “دار الإسلام” و”رحلة في الولايات العثمانية الخمس”. ولقيت مذكراته بعد وفاته رواجاً كبيراً، ولعبت دورها كتحليلٍ سياسيٍ وتاريخيٍ واجتماعيٍ وثقافيٍ لتلك الحقبة من الزمن، في رسم السياسة الخارجية لبريطانيا.
في العام 2007، سمح أحفاده للأطباء بنبش جثته وفتح كفنه لأخذ عينات من بقاياه كونه دُفن بتابوت من الرصاص، إذ يُعتقد أن هذا سيحفظ فيروسات النزلة الإسبانية – الشبيهة بإنفلونزا الطيور – بشكلٍ ملائمٍ للبحث العلمي.

الفرنسي جورج بيكو

محامٍ ودبلوماسي فرنسي ولد في باريس في العام 1870، وتوفيّ فيها في العام 1951، اشتهر بتوقيعه على اتفاقية “سايكس ـ بيكو”، وكان مسؤولاً عن إلحاق مناطق المشرق العربي للنفوذ الفرنسي والتأسيس للانتداب على سوريا.
حصل بيكو على شهادة البكالوريوس في القانون وأصبح محامياً في محكمة الاستئناف في باريس في العام 1893. وثم انضم للسلك الدبلوماسي في العام 1895، وعُيّن في مديرية السياسات في العام 1896.
توجه الدبلوماسي الفرنسي إلى العاصمة الصينية بكين كقنصلٍ وظلّ هناك لسنوات، قبل تعيينه في منصب القنصل العام لفرنسا في بيروت، وذلك قبل فترة وجيزة من اندلاع الحرب العالمية الأولى.
كان من المتحمسين بشدة للانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان، وهو ماتجسد في اتفاقية “سايكس – بيكو”. تم تعيينه المفوض السامي في فلسطين وسوريا بين عامي 1917 و1919.
ابتعد عن منطقة الشرق الأوسط بعد العام 1919 وتنفيذ اتفاقية “سايكس – بيكو”، ليصبح المفوض السامي للجمهورية الفرنسية في بلغاريا في العام 1919، ثم تجوّل كدبلوماسي في عددٍ من الدول، وصولاً إلى الأرجنتين، قبل أن يتقاعد ويتوفى في باريس في العام 1951 عن عمرٍ ناهزَ 81 عاماً.

100 عام مرت على الإتفاق الذي “ولّد 100 عام من الغضب”، بحسب وصف بي بي سي، وأسس للمعضلات التي تواجه المنطقة تداعياتها اليوم، فأي تطورات قد تترتب على انتهاء صلاحية الإتفاقية؟ وما سر التزامن بين انتهاء مدة الإتفاق، والإنتهاك الفعلي له الذي نشهد ذروته من 5 سنوات وحتى اليوم؟

لمتابعة الخبر اضغط على موقع اضغط علىالرابط التالي

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة